أمير تبوك يبارك حصول مجمع مباسم الطبي على شهادة "سباهي"    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي أحد المسارحة    أمير الشرقية: تسخير التقنية وتجويد الخدمات يعكسان توجه الدولة لرفع كفاءة العمل الحكومي    عبدالعزيز بن سعد يطلع على مشروعات «أمانة حائل»    الأخضر تحت 15 يخسر أمام أمريكا بهدفين في بطولة الكونكاكاف    نائب أمير الرياض يبحث مع وزير التعليم المشروعات التعليمية    أمير المدينة يكرم المشاركين في مبادرة "الشريك الأدبي"    فيصل بن مشعل يستلم تقرير «أضحيتي».. ويشهد اتفاقية «غرفة القصيم» و«العقيلات»    المفتي يستقبل رئيس جمعية "الدعوة والإرشاد"    وزير "الشؤون الإسلامية" يستقبل سفير سريلانكا    سقوط لعبة .. الأسئلة الصعبة    ترامب يهدد بزيادة الرسوم الجمركية على الهند بسبب شرائها النفط الروسي    مشروع إستراتيجي لتطوير طريق فيصل بن بندر    12 نجمة إنجاز سلامة مرورية للشرقية    جمعية غير ربحية للمعادن الثمينة    911 يستقبل 93 ألف مكالمة في يوم واحد    فريق Yangon Galacticos من ميانمار يتوج ب" لعبة PUBG Mobile" ضمن كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025    أبها تحتضن غداً أنشطة برنامج "حكايا الشباب" بمشاركة عددٍ من الأكاديميين والرياضيين    ولي العهد ورئيس وزراء الكويت يستعرضان العلاقات وأوجه التعاون    بكين تصدر أعلى مستوى تحذير مع توقع هطول أمطار غزيرة    مفردات من قلب الجنوب 8    المالية ترحب بتقرير مشاورات المادة الرابعة لصندوق النقد الدولي    وكيل إمارة جازان يرأس اجتماع الاستعدادات للاحتفال باليوم الوطني ال 95    مؤشر الأسهم السعودية يغلق على ارتفاع    ندوة تاريخية تكشف أسرار تحصينات المدينة المنورة    الفرق السعودية تستعد لآسياد البحرين للشباب بمعسكر في كازاخستان    شرطة كامبريدج: اتهام شاب بريطاني بقتل الطالب محمد القاسم    أمير جازان يرأس الاجتماع الدوري للجنة الدفاع المدني بالمنطقة    الشؤون الإسلامية في جازان تبدأ تركيب وسائل السلامة في إدارات المساجد بالمحافظات    القيادة تهنئ ممثل الملك في جزر كوك بذكرى يوم الدستور لبلاده    تحولات لبنان المنتظرة: البداية من جلسة الثلاثاء    إسقاط 61 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    وثيقة تاريخية تكشف تواصل الملك عبدالعزيز مع رجالات الدولة    جددت التزامها باستقرار السوق.."أوبك+": 547 ألف برميل زيادة إنتاج الدول الثماني    تصعيد إسرائيلي.. ورفض فلسطيني قاطع.. عدوان منظم لإعادة احتلال غزة    رئيس هيئة الترفيه يعلن طرح تذاكر مهرجان الكوميديا    مسرحية «طوق» السعودية تنطلق في «فرينج» الدولي    تأهيل وتمكين الطلاب للمنافسة في المحافل العالمية.. المنتخب السعودي يحصد 3 جوائز في أولمبياد المعلوماتية الدولي    تدشين كتاب "حراك وأثر" للكاتبة أمل بنت حمدان وسط حضور لافت في معرض المدينة المنورة للكتاب 2025    مقتل عنصر أمني وسط خروقات لوقف النار.. هجوم مسلح يعيد التوتر للسويداء    غارات جوية تثير موجة غضب في ليبيا    إحباط تهريب مخدرات في جازان وعسير    توقيع اتفاقية لدعم أبحاث الشعاب المرجانية    لا تدع أخلاق الناس السيئة تفسد أخلاقك    الأحوال المدنية المتنقلة تقدم خدماتها في (18) موقعاً    جبل السمراء.. إطلالة بانورامية في حائل    حرائق أوروبا تسبب خسائر وتلوثا بيئيا واسعا    جبال المدينة.. أسرار الأرض    استعراض أنشطة التراث أمام سعود بن جلوي    «هلال مكة» يفعل مسارات الجلطات القلبية والسكتات الدماغية    رؤية 2030 تكافح السمنة وتعزّز الصحة العامة    15 مهمة لمركز الإحالات الطبية تشمل الإجازات والعجز والإخلاء الطبي    النصر غير!    فريق قوة عطاء التطوعي يشارك في مبادرة "اليوم العالمي للرضاعة الطبيعية"    من حدود الحزم.. أمير جازان يجسد التلاحم بالإنجاز    مجمع إرادة بالدمام ينفذ مبادرة سقيا كرام    أمير منطقة جازان ونائبه يزوران عضو مجلس الشورى المدخلي    المولودون صيفًا أكثر اكتئابًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانسحاب الأمريكي وخيارات الأكراد الصعبة
حديث الأربعاء
نشر في عكاظ يوم 26 - 12 - 2018

أعلن الرئيس الأمريكي عبر حسابه على تويتر أنه أعطى أمرا بسحب القوات الأمريكية من الأراضي السورية في أقرب وقت ممكن. وأوضح ترمب أن مهمة القوات قد انتهت بالقضاء على تنظيم داعش الإرهابي. في سياقين يعتبر القرار الأمريكي متوقعا ومفهوما، في سياق الحرب ضد الإرهاب فإن قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية استطاعت القضاء على الجزء الأكبر من التنظيم وتقليص سيطرته في كل من سوريا والعراق إلى مجرد جيوب صغيرة، بينما بلغت سيطرة التنظيم في أقصى توسعه إلى مساحة تفوق مساحة المملكة المتحدة. أما السياق الثاني فهو السياق الداخلي، فالرئيس ترمب حرص على الوفاء بكل وعوده الانتخابية وهو وعد بأن يتخذ سياسة تقضي سريعا على التنظيم وأن يعيد جنود بلاده بعد انتهاء العملية العسكرية، وهذا ما تم بالفعل.
ومع ذلك فهناك سياقات أخرى يبدو أن الرئيس لا يعبأ بها ولم يضعها على سلم أولوياته، وأهمها التوازنات السياسية والاستراتيجية والعسكرية في المنطقة وكذلك مدى تأثير الانسحاب الأمريكي على الحلفاء في المنطقة وفي سوريا على وجه الخصوص. عارضت فرنسا وبريطانيا وألمانيا الانسحاب الأمريكي من سوريا واعتبرت هذه الأطراف الأوروبية بأن هذا الانسحاب سوف يخل بالتوازن الموجود حاليا في سوريا. فإذا كانت روسيا وإيران والنظام السوري تمثل الثقل العسكري والاستراتيجي فإن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين يمثلون الثقل المقابل. أما وقد انسحبت الولايات المتحدة فهذا سوف يعني استفراد روسيا على الساحة السورية، مما يعني أيضا رسما لملامح الحل السياسي في هذا البلد. أضف إلى ذلك أن التوازنات مع الجانب الروسي تتجاوز بكثير الملف السوري إلى ملفات أخرى مثل أوكرانيا والدرع الصاروخي وشرق أوروبا، وبالتالي اختلال التوازن في أحد هذه الملفات سوف يؤدي إلى تأثيرات سلبية على الملفات الأخرى يشابه تأثير الأواني المستطرقة. ولكن بالرغم من وجاهة وجهة النظر هذه إلا أن الانسحاب الأمريكي لا يعني تلاشي النفوذ والتأثير الأمريكي على الملف السوري ولا يعني أيضا أن روسيا يمكن أن تذهب منفردة في صياغة حل للأزمة السورية، لأن هذا الحل يستلزم تفاهما دوليا وخصوصا بين روسيا والولايات المتحدة وكذا بين أوروبا وروسيا وتركيا والأطراف الإقليمية المؤثرة في الملف السوري، وإلا فإن أي طرف من هذه الأطراف لا يستطيع تحقيق السلام ولكنه يستطيع أن يفشل أي اتفاق سلام لا يكون جزءا منه. ويبقى السؤال الذي يؤرق الأوروبيين والحلفاء هو كيف سيتمظهر النفوذ والتأثير الأمريكي؟ وهذا ما ستجيب عنه الأيام والأسابيع القادمة.
التأثير الأهم لقرار الرئيس الأمريكي سيكون على قوات سوريا الديمقراطية، وهي الحليف الأساسي للولايات المتحدة على الأرض وهي أيضا التي حملت عبء الحرب ضد تنظيم داعش واستطاعت السيطرة بمساندة ودعم التحالف على مناطق سيطرة التنظيم في الجزيرة السورية. الولايات المتحدة أمنت الغطاء السياسي والعسكري لتلك القوات، وبالتالي انسحابها سوف يجعل «قسد» في مواجهة مباشرة مع أعدائها وعلى رأسهم تركيا وربما بدرجة أقل روسيا وسوريا وكذلك المليشيات الإيرانية. لذلك فقد اعتبر الأكراد وهم الفصيل الأكبر والأقوى في قوات سوريا الديمقراطية، اعتبروا أن انسحاب الولايات المتحدة يمثل طعنة لهم في الظهر. ولذلك أيضا رحبت تركيا وكذلك روسيا بالقرار الأمريكي وإن كانت موسكو قد شككت بالقرار. بكل الأحوال فقد وجدت «قسد» نفسها أمام تحد هو الأصعب منذ تشكيلها وتبدو خياراتها صعبة للغاية. يبدو الخيار الأفضل بالنسبة لها أن تقوم الدول الأوروبية بلعب الدور الأمريكي وأن تكون بديلا لواشنطن. ألمانيا لن تقوم بدور عسكري فهذا الأمر بالنسبة لبرلين عليه محاذير كبيرة، وكذلك بريطانيا باعتبار أن تواجدها في سوريا يوجد في البادية السورية وفي التنف خصوصا وبالتالي يصعب عليها أن تنتقل بجيشها إلى منطقة الجزيرة السورية. يبقى الرهان فقط على فرنسا، خصوصا أن فرنسا لديها بعض القوات على الأرض. ولكن فرنسا من حيث القدرة يبدو وجودها رمزيا ولن تستطيع أن تؤمن زخما عسكريا يمكن أن يحل محل الولايات المتحدة، كما أن فرنسا ليس لديها الإمكانيات لفرض حظر جوي في منطقة الجزيرة السورية كما طالبت «قسد» من فرنسا أثناء لقاءات ممثليها في العاصمة الفرنسية. الأهم من ذلك أن فرنسا بالرغم من معارضتها للخطوة الأمريكية إلا أنها لا يمكن أن تدخل في مواجهة مع تركيا أو روسيا أو حتى النظام السوري. لذلك يبدو التعويل الكردي على فرنسا ليس في محله. يبقى الخيار المر بالنسبة لقوات سوريا الديمقراطية أن تعمد إلى الخيار بين خصومها وهنا لا يوجد سوى الجانب الروسي، لأن تركيا أو النظام السوري أو حتى الميليشيات الإيرانية سوف تعمد إلى العصف بتجربة الأكراد في الشمال السوري برمتها. أما مع الجانب الروسي يبقى هامش صغير تستطيع تلك القوات المناورة من خلاله. أيا كان خيار قوات قسد فإن التجربة التي شهدتها الجزيرة السورية على وشك الأفول. هناك خيار أخير ربما ستلجأ إليه الميليشيات الكردية وهو الاعتماد على الذات ومواجهة كل الأعداء، هذا الخيار سيكون مكلفا للقوات وربما يصفيها ولكنه أيضا سوف يكون مكلفا للخصوم والأعداء أيضا.
أمريكا خلطت الأوراق والكل بدأ يتموقع وفقا للمعطيات الجديدة، إلا أن الطرف الذي تبدو خياراته هي الأصعب والأكثر مصيرية هم الأكراد، وهم بالفعل يدخلون حقلا مليئا بالألغام.
*باحث في الفلسفة السياسية، خبير في قضايا الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.