تراجع طفيف لأسعار النفط    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    الهلال على أعتاب لقب الدوري (19)    أمير الشرقية ونائبه يتلقيان تهاني الرزيزاء بتأهل القادسية لدوري روشن    مهما طلّ.. مالكوم «مالو حلّ»    «الشورى» يسأل «الأرصاد»: هل تتحمل البنى التحتية الهاطل المطري ؟    «إنفاذ»: 30 مزاداً لبيع 161 عقاراً    عدالة ناجزة وشفافة    برعاية وزير الإعلام.. تكريم الفائزين في «ميدياثون الحج والعمرة»    «أرامكو» تواصل أرباحها التاريخية لمساهميها.. بقيمة 116.5 مليار ريال    محمد عبده اقتربت رحلة تعافيه من السرطان    4 أمور تجبرك على تجنب البطاطا المقلية    وزير الخارجية الأردني ونظيره الأمريكي يبحثان الأوضاع في غزة    أمير المدينة يرعى حفل تخريج الدفعة ال60 من طلاب الجامعة الإسلامية    أمير المدينة يستعرض جهود جمعية «لأجلهم»    التأكيد على الدور السعودي في مواجهة التحديات    أمير نجران يقلد مدير الجوازات رتبة لواء    أمين الرياض يحضر حفل سفارة هولندا    استعراض المؤشرات الاستراتيجية لتعليم جازان المنجز والطموح    «التواصل الحضاري» يعزز الهوية الوطنية    بدء أعمال ملتقي تبوك الدولي الأول لتعزيز الصحة    جامعة طيبة تختتم مسابقة «طيبة ثون»    بيئةٌ خصبة وتنوّعٌ نباتي واسع في محمية الملك سلمان    مساعد رئيس الشورى تلتقي وفداً قيادياً نسائياً هولندياً    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالسويدي يُجري جراحة تصحيحية معقدة لعمليات سمنة سابقة لإنقاذ ثلاثيني من تبعات خطيرة    الاتحاد يطرح تذاكر مواجهة الاتفاق .. في الجولة 31 من دوري روشن    الأول بارك يحتضن مواجهة الأخضر أمام الأردن    بونو: لن نكتفي بنقطة.. سنفوز بالمباريات المتبقية    ديميرال: اكتفينا ب«ساعة» أمام الهلال    اختتام دور المجموعات للدوري السعودي الممتاز لكرة قدم الصالات في "الخبر"    رحلة استجمام الى ينبع البحر    أسواق ومسالخ العاصمة المقدسة تحت المجهر    اللجنة الأولمبية الدولية تستعين بالذكاء الاصطناعي لحماية الرياضيين من الإساءات خلال الأولمبياد    استقبل مواطنين ومسؤولين.. أمير تبوك ينوه بدور المستشفيات العسكرية    الأمير خالد بن سلمان يرعى تخريج الدفعة «21 دفاع جوي»    تحذير قوي    "الجوازات" تعلن جاهزيتها لموسم الحج    مؤتمر الحماية المدنية يناقش إدارة الحشود    إدانة دولية لعمليات الاحتلال العسكرية في رفح    الحرب العبثية في غزة    اقتصاد المؤثرين    البنتاغون: الولايات المتحدة أنجزت بناء الميناء العائم قبالة غزة    جامعة الملك سعود تستضيف مؤتمر" العلوم الإدارية"    غاب مهندس الكلمة.. غاب البدر    عبدالغني قستي وأدبه    بدر الحروف    المدح المذموم    البدر والأثر.. ومحبة الناس !    تغريدتك حصانك !    تحقيقات مصرية موسعة في مقتل رجل أعمال إسرائيلي بالإسكندرية    ولي العهد يعزي هاتفياً رئيس دولة الإمارات    تحويل «التحلية» إلى «الهيئة السعودية للمياه»: أمن مائي.. موثوقية.. استدامة وابتكار    الرؤية والتحول التاريخي ( 1 – 4)    الفوائد الخمس لقول لا    بدء التسجيل ب"زمالة الأطباء" في 4 دول أوروبية    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقآء الأسبوعي    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المصلى المتنقل خلال مهرجان الحريد    وزير الدفاع يرعى تخريج طلبة الدفاع الجوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واشنطن بيونغ يانغ.. الالتقاء المستحيل
نشر في عكاظ يوم 29 - 05 - 2018

فاجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترمب العالم يوم الخميس الماضي بإلغاء لقائه المرتقب مع رئيس كوريا الشمالية (كم جونغ أون) في سنغافورة 12 الشهر القادم، وإن لم يستبعد عقد القمة، في موعدها، في «تويتة» له، يوم الجمعة!؟. ليس هنا مكان تفسير سلوك الرئيس الأمريكي هذا المفاجئ والمتردد، بقدر ما هو متوقع من هذا اللقاء، من وجهة نظر الإدارة الأمريكية، والرئيس ترمب على وجه الخصوص، في ما يخص تسوية ملف كوريا الشمالية النووي.
الرئيس ترمب، على ما يبدو بنى توقعاته، من هذا اللقاء على حسابات لم يكن من السهل ضمان دقتها، وربما كانت خارج معطيات مؤسسات صناعة السياسة الخارجيّة، في واشنطن. هناك من يجادل أن الرئيس الأمريكي تعجل اللقاء وسعى إليه، وفقاً لأجندة خاصة، كان يحاول من خلال اللقاء، خدمتها. لا يمكن، في هذه المسألة، إغفال ظل الرئيس السابق باراك أوباما، الذي يلازم سلوك وحضور الرئيس ترمب. نال الرئيس أوباما جائزة نوبل للسلام، في السنة الأولى من ولايته الأولى، بسبب موقفه من عزمه التخلص التام والنهائي من السلاح النووي من على وجه الأرض... الأمر الذي لم يحدث، وإن كان نال بسبب موقفه ذلك، جائزة نوبل للسلام.
كما أن الرئيس ترمب، قد يكون شعر، بعد وضع ترتيبات اللقاء، أنه لم يُعَدُّ له بطريقة مدروسة، وهذا راجع لاستعجاله اللقاء وليس لقصور في عمل مؤسسات صناعة السياسة الخارجية في واشنطن، الأكثر احترافية ومهنية. تماماً كما هو حال -مع الفارق- قرار نقل السفارة الأمريكية للقدس، الذي عارضته مؤسسات ورموز سياسية وإعلامية واجتماعية وأكاديمية تعكس وجهة نظر واسعة بين النخبة الفاعلة في العاصمة الأمريكية، التي يزعم الرئيس ترمب أنه جاء، ليَقُضّ مضجعها ويزلزل أركان نفوذها التقليدي، اتساقاً مع خطه الشعبوي غير التقليدي.
مما يعكس متغير الشخصنة الواضح في الترتيب للقاء مع رئيس كوريا الشمالية، وبعد ذلك إلغاؤه، أن الرئيس ترمب لم يبدو مقنعاً في شرح دواعي إلغاء اللقاء، وحرص أن يجعل الباب موارباً، لإمكانية اللقاء. ما يلفت هنا: أن الرئيس الأمريكي، وهو يتلو من ورقة أمامه قرار إلغائه اللقاء، خرج عن النص المكتوب، عندما قال: إنه في انتظار موقف الطرف الآخر ورده، بدلاً من أن يقول إنه مستعد لإعادة النظر في قراره، متى تجاوب الطرف الآخر مع مطالبه. هناك فرق بين أن يكون منتظراً لرد من الرئيس الكوري الشمالي.. وبين أن يكون هو مستعدا لإعادة النظر في قراره إلغاء اللقاء، ليبقي الأمر منوطاً حصرياً بواشنطن.
المعضلة هنا، في هذه الأزمة الخطيرة المستعصية، ليس في مسألة اللقاء بين الزعيمين، يتم أو لا يتم... بل الالتقاء بين إرادتين دوليتين يكتمل أو لا يكتمل. قد ينبثق عن اللقاء، إن تم، تطورات إيجابية هامشية، مثل: تخفيف نظام العقوبات الاقتصادية والعزلة السياسية عن بيونغ يانغ.. أو مزيد من التقارب بين الكوريتين.. أو على المستوى الإستراتيجي، تطوير شكل من أشكال التعليق أو التجميد لبرنامج كوريا الشمالية النووي الإستراتيجي، لبعض الوقت طال أم قصر، مقابل شكل من أشكال العون الاقتصادي لبيونغ يانغ من واشنطن وسيول وطوكيو، وربما الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين.
المعضلة هنا إستراتيجية، في المقام الأول. كان ومازال موقف واشنطن من بيونغ يانغ، في ما يتعلق ببرنامجها النووي، يتحكم فيه بعده الإستراتيجي. واشنطن تريد نزع سلاح كوريا الشمالية النووي، مرة واحدة وللأبد. بالنسبة لبيونغ يانغ، هذا يُعد انتحاراً إستراتيجياً، لا يمكن الإقدام عليه، دون المساومة على استثمارٍ إستراتيجي طويل الأمد لضمان بقاء الدولة والنظام في كوريا الشمالية. في حالة واحدة يمكن لكوريا الشمالية أن تنزع سلاحها النووي، ألا وهي: تسوية شاملة للأزمة الكورية واستعادة وحدة البلاد بين الشمال والجنوب.. وتكون للدولة الاتحادية الجديدة، سلطة البت في مصير ترسانتها النووية. تماماً كما حدث في بعض الدول المستقلة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، مثل أوكرانيا.. وكما اختارت جنوب أفريقيا التخلص من برنامجها النووي، بعد تسوية مشكلتها العنصرية الداخلية.
كوريا الشمالية وهي تستبعد هذا الاحتمال، ترفع من سقف استثمارها في ترسانتها النووية، وتطالب بعدم مساواتها مع دول لم تثبت جدارتها النووية أبداً، عندما أُجبرت على نزع برنامجها النووي، مثل ليبيا.. أو دول أخرى في بداية مشوارها النووي، مثل إيران. بيونغ يانغ تذهب إلى أبعد من ذلك في استغلالها لوضعها الإستراتيجي المتقدم، مطالبةً بالمعاملة بالمثل. فإذا أرادت واشنطن أن تنزع سلاحها النووي، على واشنطن أيضاً أن تقبل بنزع سلاحها النووي! هذه النقطة بالذات لم تفت الرئيس الأمريكي، عندما قال: إن ترسانة الولايات المتحدة النووية أكبر وأعظم وأبعد مدىً وقدرة، من أية مقارنة مع أية دولة نووية، دعك أن تكون هذه الدولة كوريا الشمالية.
أزمة العلاقة بين واشنطن وبيونغ يانغ، ليست في لقاء يتم.. أو لا ينعقد بين زعيمي الدولتين، بقدر ما هي أزمة التقاء مزمنة، ذات بعد إستراتيجي حساس، بين دولتين نوويتين، بغض النظر عن تفاوت حجم إمكاناتهما النووية. إذ: عندما يأتي الحديث عن الإمكانات غير التقليدية المهلكة للسلاح النووي، تتلاشى القدرات النووية البينية بين القوى النووية، لتفسح المجال لاحتمالات الفناء المتبادل لطرفي معادلة السلاح النووي.
* كاتب سعودي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.