على إمتداد السنوات الماضية لعمر المواطن الجازاني، تجد الذكريات السوداء اليائسة، التي يحيطها شيء من القلق، بسبب تدني الخدمات الصحية في المنطقة. وقد ظلوا أهالي المنطقة طيلة حياتهم، مرتهنون لقرار المسئول دون محاولة التدخل لإبداء مرئياتهم، والرفع بمطالبهم لتحسين الخدمات الصحية، بالصورة التي قد تضع وزارة الصحة في حرج، وإكتفوا بالطرق التقليدية التي لا تتجاوز "حديث المجالس"، والتي كانت تتمحور حول رضا البعض بالموجود، ممن كان حديثهم بأن التقصير ليس على مستوى مسئولي الصحة في جازان، بل يمتد لمستوى وزارة الصحة، وكانت رؤيتهم بأنه "لا أمل" في نتائج المطالبة بتحسين الوضع لمستوى الخدمات الصحية، والبعض الآخر كان يعتقد بأن التقصر من مسئول صحة جازان، بعدم مخاطبته للوزارة بإحتياجات مستشفيات المنطقة. ولكن ماحدث مؤخراً في صحة جازان من أحداث، وساهم الإعلام في إبرازها، مما تسببت في نوع من الصحوة لدى أهالي المنطقة، فسارعت الوزارة بقرارات إعفاءات وتعيين، لتعيد لأهالي المنطقة رضاهم، وبالفعل إستطاعت أن تخلق لديهم شعور الأمل في تحسين الوضع، وهي بحقيتها أساليب إدارية لمحاولة إسقاط ذات العيوب، وتندرج تحت مسميات خاصة لا يفهمها المواطن، وإن اختلف لونه أو لهجته، وهي الطرق ذاتها التي يستخدمها المسئول في القرارات التي تصدر إتجاه جازان، لأنه بالطبع قد قرأ الفنجان، وإتبع النهج نفسه ممن سبقوه على الكرسي في المنصب ذاته. القرار الأخير من وزارة الصحة هو تعيين الدكتور مبارك العسيري، مديراً لصحة جازان، والذي إعتبره معظم أهالي المنطقة، بأنه القرار الأمثل الذي سيساهم في إنهاء معاناتهم، وإزالة المعوقات التي طالما وقفت طويلاً ضد تطوير الصحة في جازان. إن القراءة لمستوى الخدمات الصيحة في جازان، بعد تعيين الدكتور العسيري مديراً لها، قد تعطي مؤشرات إيجابية، على الأقل مما يتم نشره إعلامياً عن تلك الزيارات التي قام بها للمستشفات في مختلف محافظات المنطقة، وكذلك إفتتاح بعض المنشئآت الصحية، بالإضافة إلى قرارات الإعفاءات التي أصدرها بحق أشخاص بمختلف المناصب في المستشفيات والمراكز الصحية، بسبب تقصيرهم كما هو واضح لمتابعي تلك القرارات، وقد تم إستبدالهم بآخرين بهدف العمل على التطوير وتقديم خدمات صحية افضل. هنا نستطيع الإشارة إلى أن الأمل بدأ يكبر قليلاً في تحسين الوضع لدى سكان جازان، ولكن عاد أهالي المنطقة لحديث المجالس، ليستمر حديثهم عن همومهم بخصوص مستوى الصحة التي يأملوا أن يتحسن بعد تعيين "العسيري"، ولكن حديثهم هذه المرة بشكل مختلف، حيث تفرع حديثهم بشكل أوسع بسبب تلك الصحوة التي حدثت للسبب ذاته، والذي جاء بالدكتور العسيري إلى صحة جازان، فبعضهم قد تساءل عن تلك القرارات التي أصدرها في حق بعض المسئولين التي "لم تشمل" محيط المديرية ذاتها، ولم تطول أي من كبار مسئولي الصحة، لأن من تم إعفائهم بسبب تقصيرهم او عدم كفاءتهم للإدارة، جاء بقرار تعيينهم من أحد مسئولي المديرية، وإمتد الخطأ منه بعدم متابعة صحة قراره، وكيفية أدائهم لتلك الجهات التي تم تعيينه مسئولاً عنها. والبعض الآخر يصف بأن صحة جازان، تفتقد لأحدث الأجهزة والكفاءات في مختلف التخصصات الطبية، والتي قد يكون السبب عائد للتسرب الوظيفي الذي قد حدث في الماضي لعدم وجود الأجهزة الطبية المتطورة في مختلف التخصصات، والتي حرمت منها أكبر مستشفيات المنطقة، فكيف بمستشفيات محافظاتها الجبلية وغيرها. الأكثر والأبرز دلالة في حديث المجالس، وحتى لا يتبقى في الحديث ماهو مخجل مستقبلاً، وحتى يكون لنا حافزاً إعتقادياً من أجل غد افضل، يجب أن تدرك صحة جازان بأن طريق النجاح ليس على مستوى النقطة التي سيتم الانطلاق منها للأمام فقط، وإنما أيضاً على مستوى النقطة التي يتم منها الالتفات إلى الخلف، لأن الماضي هو المرآة التي تستطيع من خلالها رؤية الأسباب التي أعاقت النجاح والوصول إلى المأمول حتى وقتنا الحاضر، ويجب أن تكون لديها أفكار ذات قوالب وقواميس جاهزة في إدارة مثل قطاع هام يتعلق بصحة المواطن، والإبتعاد عن الأفكار والأساليب السطحية والمسجوعات الباردة ، التي لم يعد لها من مكان في الإدارة الحديثة، وذلك كي تكون أكثر شجاعة في وجه كل مسئول غير قادر على الإنتاج والتطوير في إدارته، "مهما كان منصبه" في صحة جازان، وكذلك إستخدام الطرق المثلى للتعامل مع أي تقصير حاصل من جهات ذات مستوى أعلى من صحة جازان