مكة أون لاين/واشنطن بوست إطلاق حركة طالبان سراح الرقيب في الجيش الأمريكي باو بيرجدال نهاية الأسبوع الماضي، مقابل إطلاق سراح خمسة قادة من طالبان من جوانتانامو، أثار الكثير من الألم والجدل حول إيجابيات وسلبيات التحدث إلى الإرهابيين. وهذه لحظة جيدة للنظر إلى ما تم تعلمه من التعامل مع الإرهابيين -في مناطق من أفغانستان إلى باكستان وآيرلندا الشمالية- وما هي الدروس التي لم نتعلمها. 1 - تحرير بيرجدال تطلب التفاوض مع الإرهابيين. إن إطلاق صفة "إرهابيين" قد يساعد على إعطاء الشرعية لقتالهم. لكن صفة الإرهابيين لا يتم تطبيقها عشوائياً. وهي تقدم دليلا سيئا على ما إذا كان هؤلاء الناس يستحقون التحدث إليهم. السيناتور الجمهوري تيد كروز قال إن صفقة إطلاق سراح الرقيب بيرجدال تعطي الإرهابيين إشارة إلى "أنكم إذا أسرتم جنديا أمريكيا، تستطيعون مقايضته مع خمسة إرهابيين مطلوبين لدينا" لكن حركة طالبان أفغانستان ليست حركة إرهابية كلاسيكية. قبل هجمات 11 سبتمبر، كانت الحركة هي السلطة الحاكمة في أفغانستان، والتحدث إلى قادتها كان ضروريا من أجل العمل هناك، وهذا ما فعلته الأممالمتحدة وعدة منظمات غير حكومية. بالطبع كان زعيم طالبان أحمق بتوفيره ملاذا آمنا لأسامة بن لادن، لكن حركة طالبان لم تقم بهجمات إرهابية ضد الأمريكيين خارج أفغانستان. شبكة حقاني، التي كانت تعتقل بيرجدال معظم فترة الأسر، موجودة على قائمة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية. لذلك فإن طريقة تبادل السجناء كانت مهمة. بمساعدة قطر، توصلت الولاياتالمتحدة إلى اتفاق مع طيب آغا، الممثل السياسي لطالبان في الدوحة، -وهو شخص لا يعتبر إرهابيا من الناحية القانونية. 2 - الحكومات المتحضرة لا تتحدث إلى الإرهابيين. هذه لازمة معروفة رددتها الحكومة الأمريكية والبريطانية وغيرها. ومع ذلك تواصلت هذه الحكومات في أكثر من مناسبة مع الجماعات الإرهابية بشكل أو بآخر. الحكومة البريطانية مثلا تواصلت الجيش الجمهوري الآيرلندي في مرحلة الإعداد لوقف إطلاق النار في آيرلندا الشمالية في 1994، بعد أن توصلت إلى نتيجة أن آفاق إنهاء العنف هناك يتطلب تجاوز الامتناع عن التواصل مع الإرهابيين. في بلد إسلامي مثل أفغانستان، استعداد الحكومة الأمريكية للحديث مع خصومها يمكن أن يكون له دلالات إيجابية، حيث تستطيع الحكومة الأمريكية استحضار عقيدة الدين الإسلامي التي تعتبر السلام كجوهر للحضارة ولصنع السلام على أنها السمة المميزة للإدارة العادلة. وعلى عكس ذلك، فإن الإجراءات القمعية التي تُستخدم في حملات مكافحة الإرهاب يمكن أن يكون لها أثر فاسد على القيم الحضارية. 3 - التحدث إلى الإرهابيين يشجع على المزيد من الإرهاب. يعترض صانعو السياسة أحيانا قائلين إن التفاوض مع منظمات إرهابية يعطي الشرعية لأساليب العنف التي يستخدمونها. والمفاوضات قد تكون مصاحبة لتصاعد في أعمال العنف بدلا من الهدوء. بعد فشل محادثات آيرلندا الشمالية في يوليو 1972، نظم الجيش الجمهوري الآيرلندي ما أصبح يعرف باسم "يوم الجمعة الدامي" وفجر أكثر من عشرين قنبلة في بلفاست. لكن عملية المحادثات المنظمة ستبين للمنظمات الإرهابية أن هناك بديلا ممكنا للعنف وأن هذا البديل يكافئ السلوك الحسن. بالفعل، تاريخ صنع السلام وإعادة البناء مليء بالأشخاص الذين تحولوا من إرهابيين إلى مسؤولين في مناصب عليا، مثل مارتن ماجينيس من الجيش الجمهوري الآيرلندي والزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. بالطبع فإن الإطار مهم. حركة طالبان أفغانستان لديها سيطرة قوية وربما تستطيع أن تفرض وقفا لإطلاق النار في أفغانستان إذا اختارت ذلك. 4 - لن نتحدث إلى الإرهابيين حتى يتخلوا عن العنف. أفضل طريقة لتخريب المحادثات هي في وضع شروط مسبقة. في أفغانستان، تحدث المراقبون على مدى سنوات عن ضرورة أن تلتزم طالبان باحترام الدستور للسماح بالتفاوض معها. هذا الجدل كان يخلط بين الشروط المسبقة والأهداف. إذا تفاوضت الحكومة الأفغانية مع طالبان فإن هدفها سيكون إقناع طالبان بقبول الدستور وإنهاء العنف. لكن طالبان تعتبر ذلك تنازلات كبيرة ووضعها كشروط مسبقة يضمن عدم حدوث المفاوضات. 5 - التحدث إلى الإرهابيين بديل لاستخدام القوة. هذه هي الحسابات التي كانت لدى حركة طالبان باكستان عندما عرضت التحدث إلى الحكومة الباكستانية. كانت طالبان باكستان تأمل أن يؤدي ذلك إلى تأجيل العملية العسكرية ضدها ومن ثم حماية مناطقها ونشاطاتها في باكستان، في الوقت الذي تقدم فيه تنازلات قليلة. هجمات طالبان المتكررة ضد الجيش الباكستاني، رغم المحادثات ووقف إطلاق النار، حطمت آمال الحكومة الباكستانية من أنه لن تكون هناك حاجة لعمليات عسكرية مستقبلية ضد طالبان باكستان. استعداد وقدرة أي دولة على تطبيق إجراءات أمنية مشددة في وجه الإرهاب يزيد احتمال أن تؤدي المحادثات إلى نهاية للعنف وتوفر الحماية في حال فشل المحادثات.