محمد بن عبدالله المشوح - عكاظ السعودية اللجنة التي أمر بتشكيلها سمو أمير منطقة الرياض مؤخرا لدراسة وضع مطار الملك خالد الدولي ليست اللجنة الأولى التي تشكل لذات الموضوع. وليعذرني سموه من التوجس من هذه اللجان التي طالما سمع عنها المواطن ومن ثم لم تسمع توصياتها ولا ترى نتائجها. كتبت عدة مقالات عن وضع المطار محذرا بأنه إذا استمر الوضع والأمر كما هو الحال الآن فإن خمس سنوات فقط كافية ليلحق هذا المطار بشقيقه مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة والذي صار محل تندر ونكتة من الزائرين والقادمين للمملكة على أمل وانتظار الجديد. نعم لقد أصبحت المطارات اليوم في العالم هي العنوان الأبرز وهي اللوحة الجاهزة عن الدولة والبلد ومن ثم تتسابق الدول اليوم نحو المطارات لا لتكون محطة استقبال ومغادرة بل للتحول إلى وجهة سياحية راقية. لقد كان من قدري أنني منذ حوالى ست سنوات وأنا أسافر أسبوعيا تقريبا إلى جدة بحكم الأعمال والارتباطات. ومن ثم فقد كان مطار الملك خالد حاضرا لدي بشكل أسبوعي حفظت أبوابه وخدماته المتهالكة وأوضاعه المتردية مما استدعاني إلى الكتابة عنه عدة مرات وفي هذه المقالة سوف أدع التشاؤم بعيدا وأستحضر التفاؤل مع توجيه سمو أمير المنطقة الذي آمل أن يتبعه بزيارة مفاجئة إلى المطار وليبدأ بمواقف السيارات التي هي للمواطنين المغادرين وإنني أؤكد أنه خلال نهاية الأسبوع فلن يجد مسافر مكانا لسيارته وهذا ليس مقبولا لمطار تبلغ مساحته ملايين الأمتار وكما يقال هناك مواقف وصالات محجوزة. كما آمل من سمو أمير منطقة الرياض وسمو نائبه أن يتجولا في داخل المطار حيث سيشم كلاهما لأول وهلة تلك الرائحة المزعجة للطعام من خلال ذلكم المطعم الذي يهدي روائح الأكل إلى كل قادم أو مسافر. وهي طريقة تقليدية قديمة تجاوزتها المطارات الحديثة التي اكتفت بمطاعم الوجبات السريعة لا كما يفعله مطعم المطار مع الأسف الشديد اليوم. كما أرجو أن يطلع سموهما واللجنة على مكان الصلاة داخل صالة المغادرة، وهل يليق بدولة مسلمة يدين أهلها بالإسلام جميعهم ويؤدون الفريضة أن يكون المصلى فيها مكانا لا يستوعب أكثر من خمسة عشر مصليا، وهناك دورتا مياه يصطف الناس جميعهم وكأنهم في دولة فقيرة صغيرة لأداء الحاجة. أما التخطيط السيئ للمطار فيكمن في ذلكم المسجد الفاخر البعيد الذي صليت فيه مرة ولم يكن المصلون يتجاوزون أربعة أشخاص بسبب بعده وصعوبة الوصول إليه. أما صالة الدرجة الأولى المسماة «الفرسان» في الصالتين الداخلية والدولية فهما مخجلتان بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بل إنني والله لم أشاهد ضيقا وضعفا مثلما شاهدته في مطار الملك خالد فهما ضيقتان سيئتا الخدمات تحوطهما رائحة المدخنين الذين لم يوضع لهم قاعة أو غرفة للتدخين حتى الآن، وضايقوا المسافرين وخصوصا من هم في صالة الفرسان ومثل ذلك فيما يسمى السوق الحرة التي لا تشاهد فيها شيئا يستحق الوقوف أو المشاهدة. بل إنني مستعد لسرد تفاصيل عن المطار وخدماته التي تتراجع يوما بعد يوم والتي من أبرزها خدمات الجوازات البطيئة وسوء التكييف وغير ذلك. أعلم أن البعض خصوصا من منسوبي هيئة الطيران المدني لن يقدموها أو يبرزوها وهو ما أطالب به أن يشرك المواطن في القرار لا أن تنتهي تلك اللجان بدفاع مستميت من الجهة بأن أعمالها تمام ثم تمام، ومن ثم تعود الكرة مرة أخرى. مطار الملك خالد كان عند افتتاحه واجهة مشرفة وعملا متميزا لم يحظ بالرعاية والاهتمام ابتلي بهيئة الطيران المتهالكة العاجزة عن المحافظة على المنجز فضلا عن تطويره. مضى أكثر من ثلاثين عاما والمطارات في دول العالم تتطور والخدمات تتسارع وبلادنا رغم وفرة الخيرات فيها والثراء فلازلنا نقبع في ذيل القائمة خصوصا في مطاراتنا. صحيح أن هذا قد يكون المقال الخامس عن المطارات وخصوصا عن مطار الملك خالد الذي تلحق به اليوم اللجنة الثالثة المشكلة وفي كل مرة تستطيع الخلاص منها والهروب إلى المجهول. الأمل في سمو أمير منطقة الرياض وسمو نائبه أن لا تتحول تلك اللجنة إلى استعراض للقوى من قبل الجهات ورمي الكرة منها على الآخر.. فالوقت يمضي ولا مكان للانتظار وصوت المواطن يجب أن يسمع، والمسؤول عليه أن يقف ويعاين. المطارات اليوم لدينا تشهد أسوأ عهودها على الرغم من التنافس الشديد والإحصاءات المقدمة والاستنهاض الملحوظ الذي تقوم به دول الخليج نحو مطاراتها، ونحن لازلنا في مطار تستحي أن تقدمه للزائرين.