نائب أمير الشرقية يعزي العطيشان    16 مشروعا بلديا بجزر فرسان    مدرب الهلال يؤكد استمرار غياب ميتروفيتش    دورتموند يتغلب بصعوبة على صن داونز في مونديال الأندي ة    28 متحدثًا ومشاركًا يثرون المؤتمر العلمي الثاني لمكافحة المخدرات في جازان    بعثة حج الجمعيات الأهلية المصرية : نشكر السعودية علي ما وفرته لراحة ضيوف الرحمن من المصريين وتيسير مهمتنا    توزيع هدية خادم الحرمين على الحجاج المغادرين عبر منفذ عرعر    رسميًا... الأهلي يعلن رحيل أليوسكي    فيصل بن فرحان ووزير خارجية موريتانيا يبحثان المستجدات الإقليمية والدولية    وزير الخارجية: ندين الاعتداءات الإسرائيلية السافرة تجاه إيران    ترحيل 7238 مخالفًا للأنظمة    موسى محرق.. رحيل إعلامي ترك أثرًا لا يُنسى    تكريم المنشآت الفائزة بجائزة الملك عبدالعزيز للجودة    مباحثات برلمانية سعودية فرنسية    لا يفوتك هذا المقال    "سلوك خطأ" يحرمه الشرع ويجرمه القانون    هل تموت الكلمات؟    ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي في غزة إلى 55908 شهداء    الصبّان: نُعد دراسة استراتيجية لتطوير الموسم المقبل بمشاركة خبراء التايكوندو    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على صاحب السمو الأمير مشعل بن عبدالله بن فهد بن فيصل بن فرحان آل سعود    بين الشهادة والوظيفة مسافة اسمها المهارة    الجبهة الداخلية    ‫ الأمن العام في الأردن سقوط مسيرات في مناطق عدة ونؤكد ضرورة اتباع الإرشادات    احتفل دون إيذاء    "المنافذ الجمركية" تسجل 1084 حالة ضبط خلال أسبوع    الموساد يكشف تفاصيل عملياته داخل العمق الإيراني    دبلوماسية الطاولة العائلية    استغلال أوقات الفراغ في مراكز الأحياء    "ريف السعودية" يستعرض قصة نجاح مُلهمة لإنتاج عنبٍ محلي يفوق جودة المستورد بالطائف    "يونيشارم" تُرسخ قيم الأسرة في الخليج باحتفالها الأول بيوم الأب برعاية "بيبي جوي"    "التخصصي" يستعرض ريادته في التقنية الحيوية بمؤتمر Bio الدولي    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق تداولاتها على تباين    أمطار وزخات برد على جازان وعسير وتحذيرات من الغبار بالشرقية والرياض    الأنيميا المنجلية.. ألم يولد مع الإنسان ومسؤولية العالم تتجدد    بنفيكا يقسو على أوكلاند سيتي بسداسية في كأس العالم للأندية 2025    ختام مثير لمنافسات اليوم الثاني من بطولة حائل للدرفت لفئة شبه المحترفين    رسمياً .. عمر السومة ينضم للوداد المغربي    ترامب: مديرة المخابرات جابارد مخطئة بشأن برنامج إيران النووي    عون : لبنان سيبقى واحة للسلام وينبض بالحياة ولا أحد يريد الحرب    المنهاج التعليمية تتفاعل مع قصة الطفلة زارعة الكبد اليمنية ديانا عبدالله    أرامكو السعودية تدشن المركز الإقليمي للتنمية المستدامة للثروة السمكية في جزيرة أبوعلي    جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ضمن أفضل 100 جامعة عالميًا    خطيب الحرم: محاسبة النفس دليل على كمال العقل وسبيل للفلاح    مدير تعليم جازان يكرم "افتراضيًا" الطلبة المتفوقين دراسيًا والمتميزين في الأنشطة المدرسية    أمير المنطقة الشرقية يؤدي صلاة الميت على والدة سعود العطيشان    خدمة الحجيج.. ثقافة وطن وهوية شعب    1200 كائن فطريّ في الطبيعة    مشاعر الحج    تجريد المساحة وإعادة تركيب الذاكرة البصرية    عشرة آلاف خطوة تقي من السرطان    زرع مثانة في سابقة عالمية    أمانة تبوك تنهي المرحلة الأولى من تطوير طريق الملك فيصل    أمير منطقة جازان ونائبه يزوران شيخ شمل محافظة جزر فرسان    دعوات لتسريع تطبيق حل الدولتين.. إدانة دولية متصاعدة لانتهاكات الاحتلال في غزة    تسمية إحدى حدائق الرياض باسم عبدالله النعيم    لن نستسلم وسنعاقب تل أبيب.. خامنئي: أي هجوم أمريكي عواقبه لا يمكن إصلاحها    يوليو المقبل.. إلزام المنشآت الغذائية بالكشف عن مكونات الوجبات    ميكروبات المطاعم تقاوم العلاج بالمضادات الحيوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف يمكن فصل "الطائفية السياسية" عن الانتماء للمذهب؟

تصبح "الرابطة" الطائفية عائقا دون الانسجام الداخلي، بل قد تصبح مصدر "تشويش" يزيد من تعقيد علاقة تلك المجموعات مع أوطانها، حتى لتبدو في بعض الأحيان في حالة تعارض على المسائل الجوهرية
تتسم مناقشة "المسألة الطائفية" ومحاولة التعرف على تأثيراتها السلبية على الانتماء الوطني بقدر كبير من الحساسية، لأن تأمل مواقف بعض المنتمين للطائفة و"فحص" بواعثهم وتحليل جوهر خطابهم ورصد "اشتباكه" مع التوجه الوطني قد يقود إلى القول باختلاط الانتماء للمذهب بالانحياز السياسي ومن ثم سحب تلك المواقف على التيار الغالب في الطائفة. ولهذا يتحرج الكثيرون في الحديث عن الطائفية باعتبارها سببا موضوعيا لتحريك الأحداث في المنطقة.
ولعل رغبة الكثيرين - وأنا منهم - في الاحتفاظ بمتطلبات السلم الاجتماعي وعدم "تكبير الصغائر"، وافتراض أن بعض الاختلافات هي أعراض لأمراض أخرى ستزول إذا نجحت الشعوب في التغلب عليها.. كل ذلك يجعل الحديث عن "الطائفية" أمرا غير مرغوب فيه، وقد يضع الكاتب في دائرة "الانحياز" غير الإيجابي، ويفقده الموضوعية اللازمة لمعالجة القضايا الوطنية، ورغم ذلك – وغيره – فإن الواقعية تفرض علينا أن نرى الأشياء كما هي لا كما نتوهم أو نريد.. ومن الواقعية أن نرى ما هو ماثل أمامنا من "اصطفاف" في المواقف السياسية لا نجد له علة أو مبررا أقرب من الانحياز الطائفي.
ومن الشواهد المغرية بالتأمل موقف الأحزاب والحركات الشيعية من الثورات الشعبية في المنطقة العربية، إذ نجدها في العراق تشكل "مصدات" تحمي النظام وتدافع عنه – رغم تفرده بالسلطة وبالمال - وتجتهد في "تكوين" مسوغات وذرائع تقف في وجه أي تحرك شعبي يمكن أن يشكل تيارا عاما يتقدم بمطالب "وطنية" موحدة، لأن ذلك سيفقد "الطائفيين" فرصة العمر التي يرون أنها جاءت مع دبابات المحتل الأميركي لتمكنهم من الحكم، وأن فقدان هذه الفرصة أو التفريط فيها ستكون خسارة العمر بالنسبة للطائفة التي تريد أن "تعوض" حرمانها من الحكم لمئات السنين في المنطقة العربية.
وفي منطقة الخليج العربي تقوم تلك الحركات والأحزاب بعكس ما تفعله في العراق، فهي تعمل على توتير علاقات المواطنين الشيعة بمحيطهم الوطني مستغلة مظاهر الجمود في بعض الدول، وضعف أو غياب مؤسسات المجتمع المدني وقنوات التمثيل الشعبي لترفع لافتات الحريات والمشاركة و"تجييش" المشتركين في الشعور بالظلم، وتفعيل المطالبة بالحريات العامة والحقوق والتمثيل الشعبي.
وهكذا تبدو الحالة الطائفية عاملا "محرضا" في منطقة الخليج في حين تدعو في العراق إلى خطاب التهدئة ومنهج "التدرج". وإذا نظرنا إلى ما يجري في سورية نلحظ أن "الحالة الطائفية" تؤثر باتجاهين مختلفين: اتجاه يثير الأغلبية الخاضعة لحكم الأقلية لعشرات السنين ويدفعها لرفض الخضوع رغم أن خطاب هذه الأكثرية لا يرفع شعارات طائفية ويتهرب مما يمكن أن يصمه بذلك، لكن واقع الأمر يؤكد شعورها بأن "الطائفة الأقلية" هي التي تحكم وتسيطر على الثروات رغم لافتة حزب البعث "فمفاصل الحكم" بيد الأسرة ومن يدور في فلكها من المنتفعين والأتباع. ويشكل الاتجاه الآخر عامل "حماية" للنظام حتى تتماهى الطائفية المذهبية بالمصلحة السياسية. وهذا يعري الخطابات غير الأصيلة التي تحاول إخفاء "التقاء" الطائفية المذهبية مع حماية المصالح السياسية في العراق وسورية. وتظل "الحالة الطائفية" في لبنان نموذجا عمليا لارتباط المجموعات والأحزاب في بعض الدول العربية بالمرجعية الطائفية، وتوحد أهدافها بحيث تصبح "الرابطة" الطائفية عائقا دون الانسجام الداخلي، بل قد تصبح مصدر "تشويش" يزيد من تعقيد علاقة تلك المجموعات مع أوطانها، حتى لتبدو في بعض الأحيان في حالة تعارض على المسائل الجوهرية. ويتعاظم دور "الطائفية" وتوجيه علاقات القوى الوطنية في النموذج اللبناني الذي أعلن – صراحة – وقوفه مع النظام في سورية رغم خطابات التحرر والثورية التي يعلنها. أي أن الطائفية باتت عنصرا ثابتا في صنع التحالفات وتحديد المواقف وتعديل الاتجاهات، ومثالها الحي موقف الحكومة العراقية مع النظام في سورية، فالحكومة العراقية هي نفسها الحكومة التي كانت ترى في النظام السوري عدوا مصدرا للقلاقل والإرهاب يوم كانت سورية تستخدم "أدوات" لإزعاج القوات الأميركية على الأرض العراقية قبل أن تحكم الطائفية وتتضح قوتها وتسلمها البلاد من المحتل ضمن صفقات واتفاقيات ستنكشف أبعادها في المستقبل.
بالأمس كانت الطائفية في العراق تتهم "سورية البعث" – لم يتغير شيء حتى الآن – بأنها عدو التحرر والتخلص من بقايا النظام الدكتاتوري، واليوم تتحد المواقف وتتماهى الخطابات تحت مظلة الطائفية بإرشادات "الدولة الأم" التي ترى في ما يجري في سورية مهددا حقيقيا لتمددها في المنطقة. ورغم أن المشكلة اليمنية لا ترتدي ثوب الطائفية في هذه المرحلة أو على الأقل ليست الطائفية الشعار المرفوع أو اللافتة الأبرز إلا أنها أحد محركات التنازع ومصدر تغذية للخلافات ووسيلة يستخدمها المتنازعون المحليون والإقليميون، ويمكن تفجيرها في أي لحظة، فهي سلاح شديد "الاشتعال" لا يحتاج إلى أكثر من محرك محلي بسيط. وليست الخارطة العربية الأخرى بمنجاة عن أفكار الطائفية والمذهبية وما يختلط بها من ثمرات انعدام الحريات وغياب العدالة والمساواة والاستئثار بالمال.
والسؤال الجوهري والمهم في نظري والذي يتهرب منه الكثيرون – وكل له أسبابه – هو: هل من المصلحة أن يعترف الجميع بأن المنطقة تشهد "إحياء" للطائفية، وأنها تختلط ب"المشاريع السياسية" اختلاطا عضويا؟ وإذا كان الاعتراف ضروريا بهذه الحقيقة فهل هناك رغبة في "فصل" الانتماء المذهبي عن الانتماء السياسي؟ وكيف يمكن أن تسهم السياسات المتبعة والقوانين المطبقة والتوزيع العادل لبرامج التنمية أن تحمي الأوطان من "تمدد" هذا الداء؟ وكيف تهتدي الدول إلى القناعة بأن الوفاء بحقوق المواطنة، بغض النظر عن الانتماء الطائفي، هي السبيل الذي يساعد الإنسان على الاحتفاظ والاعتزاز بانتمائه المذهبي دون أن يضطر إلى أن يعبر "الحدود" بانتمائه السياسي؟
وفي هذا السياق يبدو أن الطائفية السياسية ليست وليدة الاستقطاب الخارجي فقط – رغم حضوره وتأثيره المباشر ولكن لا بد أن تخطو المنطقة باتجاه سياسات حقوقية تعتمد على مفاهيم "المواطنة" في الدولة العصرية حيث لا يكون للمذهب أو المعتقد تأثير على الحقوق والواجبات.
إذا سادت هذه النظم حينها تستطيع الدول معاقبة "الخارجين" على القانون من مواطنيها دون أن يتوفر لهم غطاء عاطفي من مشاعر طائفتهم أو منطقتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.