أمير جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية السودان    أمير جازان يستقبل مدير عام حرس الحدود    زين السعودية تطلق باقة صنع في السعودية لدعم التحول الرقمي للقطاع الصناعي    هيئة الربط الكهربائي الخليجي وجمعية طاقة مستدامة نحو مستقبل طاقة مستدام في المنطقة    الخميس تنتهي مدة تسجيل 59.161 قطعة عقارية في منطقتي الرياض ومكة المكرمة    حقوق الإنسان ب"التعاون الإسلامي" تؤكد أولوية إشراك الشباب في العمل الإنساني وبناء السلام    ياسر القحطاني يطلب استقالة الاتحاد السعودي    القيادة تهنئ ملك مملكة البحرين بذكرى اليوم الوطني لبلاده    برندان رودجرز مدربًا لنادي القادسية    القحطاني: المقاطع المتداولة عن غرق مواقع في الرياض غير صحيحة ولا تعكس واقع الحالة المطرية    نائب وزير البيئة: الحدود الشمالية بيئة استراتيجية للاستثمار وفرص واعدة لتحقيق تنمية مستدامة    تركيا تقول إنها أسقطت طائرة مسيرة غير خاضعة للرقابة    سعود بن طلال يكرّم الفائزين بجائزة الأحساء للتميّز    مؤشر الدولار ينخفض بنسبة 0.2 بالمئة    أصدقاء البيئة تنفذ زراعة 300 شجرة بالكلية التقنية دعمًا لمبادرة التشجير الوطني    القطيف تحتفي بثقافة الطفل في «أسبوع الطفل الأدبي»    المطر في الشرق والغرب    في الأجواء الماطرة.. الحيطة واجبة    السكتيوي: بالانضباط التكتيكي هزمنا الإمارات    طائرة الاهلي تواصل الصدارة والهلال يلاحقه    ورشة نقدية تقرأ الجمال في «كتاب جدة»    «الدارة» ترصد تاريخ العمل الخيري بمكة    نجاح ترميم مجرى الدمع بالمنظار    (الرياضة… حين تتجاوز حدود الملعب)    الأهلي ينهي خدمات رئيس الجهاز الطبي    لبنان عالق بين التفاوض واستمرار التصعيد العسكري    وسط تمسك أوكراني وقلق أوروبي متصاعد.. ضغوط أمريكية على كييف للتخلي عن دونباس    موجز    أمير منطقة الرياض يوجه الجهات المعنية بسرعة رفع تقارير نتائج الحالة المطرية    38 مليون عملية إلكترونية عبر «أبشر» خلال شهر    إغلاق موقع مخبوزات مخالف في جدة    انطلاق تمرين مواجهة الكوارث البحرية الخميس    الأمير فيصل بن خالد يرعى توقيع 21 اتفاقية ومذكرة.. 40 ملياراً قيمة فرص استثمارية بمنتدى الشمالية    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا فيضانات مدينة آسفي    وزارة الخارجية تعرب عن تعازي المملكة ومواساتها للمملكة المغربية جرّاء الفيضانات في مدينة آسفي    قطع شرايين الإمداد الإنساني.. «الدعم السريع» يعمق الأزمة بالتصعيد في كردفان    شراكات في صناعة السينما بمهرجان البحر الأحمر    اختتمت مشاركتها في المعرض بمدينة ميلانو الإيطالية.. السعودية تبهر زوار «أرتيجانو آن فييرا» بعمقها الحضاري    ضمن أعمال منتدى تحالف الحضارات.. مناقشات دولية في الرياض تعزز الحوار بين الثقافات    تعديل السلوك    «جوارديولا».. رقم تاريخي في الدوري الإنجليزي    دواء مناعي يعالج التهاب مفاصل الركبة    دراسة: نقص«أوميغا-3» يهدد 76% من سكان العالم    جريمة قتل حامل تهز سكان المنوفية    فيديوهات قصيرة تهدد نمو الأطفال    وميض ناري على مذنب    علامة مبكرة لتطور السكري الأول    أسعار تطعيم القطط مبالغة وفوضى بلا تنظيم    نائب أمير الشرقية يستقبل مجلس «مبرة دار الخير»    الدكتور علي مرزوق يسلّط الضوء على مفردات العمارة التقليدية بعسير في محايل    حين تُستبدل القلوب بالعدسات    المرأة العاملة بين وظيفتها الأسرية والمهنية    أمير منطقة جازان يستقبل إمام المسجد النبوي    دور إدارة المنح في الأوقاف    وفد أعضاء مجلس الشورى يطّلع على أدوار الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة    طلاب ابتدائية مصعب بن عمير يواصلون رحلتهم التعليمية عن بُعد بكل جدّ    «الحياة الفطرية» تطلق مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات    تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية.. دورات متخصصة لتأهيل الدعاة والأئمة ب 3 دول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا وطننا الذي نحبه قبل قبيلتنا
نشر في أنباؤكم يوم 20 - 11 - 2011


د. أمين ساعاتي - الاقتصادية السعودية
كلنا نعرف أن وزارة الداخلية قلقة من المواقع الإلكترونية الكثيرة التي تتنادى باسم القبيلة؛ وكلها - مع الأسف - على حساب الوطن الذي يجب أن نحبه ونفتديه ونقدمه على كل شيء.
وإذا كانت الوزارة قد بدأت تعبر عن قلقها من آلاف المواقع التي تتنادى بالقبيلة؛ فإن الوطن هو الكنز الذي يجب أن يكون أولا وثانيا وثالثا وإلى ما لا نهاية.
إننا حينما نأتي على ذكر القبيلة.. إنما ندعو إلى ممارسة الكراهية ضد قبيلة أخرى أو مجموعة من القبائل التي تتنافس مع قبيلتنا؛ وحينما نأتي على ذكر الوطن؛ فإننا ندعو إلى حب الآخر والآخرين.
أكثر من ثلاثة آلاف موقع إلكتروني يدعو إلى الخطاب القبلي على الشبكة العنكبوتية، وكل هذه الآلاف من المواقع تتغنى بالقبيلة على حساب نظرية الوطن الواحد.
وتقول إحصائيات غير رسمية إن مرتادي هذه المواقع يتجاوزون الألوف يومياً، بمعنى أن هذه المواقع (وهذه المواقع بالذات) التي تنتشر على الشبكة العالمية.. تعتبر من أكثر المواقع الجاذبة للجمهور، وبالذات ممن هم في سن الشباب، إلى درجة أن معدلاتها تفوق معدلات المواقع الرياضية ومواقع السينما والمسلسلات.
والمؤسف أن القبيلة باتت تتمدد في شرايين المجتمع السعودي المعاصر وتلعب بمصالحه الوطنية العليا وتأخذ مكانة متقدمة من سلوكه اليومي، فبعد أن نشطت في الزواج من الأقارب اتسعت في الوظائف والأرزاق، وإذا أردنا أن نستكشف القبيلة في الوظائف والأرزاق فإنه من السهولة بمكان أن نجد بعض من تقلدوا الوظائف العليا يعيّنون الفخوذ والأقارب والأصدقاء في الوظائف التي تقع في دوائر سلطاتهم؛ وتوظيف الأقارب والفخوذ والأصدقاء والأرحام ممنوع في الفكر الإداري المعاصر وينعتونه ب النوبوتزمية، وللأسف فاحت رائحة النوبوتزمية في الشركات والمؤسسات الحكومية في هذه الأيام، وانتشر الحقد والتربص في أكثر من مستوى وظيفي، وتسبب هذا التواطؤ العنصري في انخفاض ملحوظ في إنتاجية الموظف السعودي مقارنة بنظيره في المجتمعات المتقدمة أو الناشئة.
والغريب أن المتحلقين حول القبيلة يتخذون من بعض الأحاديث النبوية تكئة لإثبات أن الولاء يجب أن يكون للقبيلة قبل أن يكون للوطن، فيقولون إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: ""إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم""، وقوله - صلى الله عليه وسلم: ""إن الله خلق الخلق فجعلني من خير فرقهم وخير الفريقين، ثم تخير القبائل فجعلني من خير القبيلة، ثم تخير البيوت فجعلني من خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفساً وخيرهم بيتاً"".
وتفسير القبليين لهذه الأحاديث النبوية الشريفة أن الرسول يفاخر بالقبيلة والبيت، وهذا غير صحيح، فالرسول هنا يفاخر بمنزلة النبوة في شخصه، يقول - صلى الله عليه وسلم: ""بعثت من خير قرون بني آدم قرناً فقرناً، حتى كنت من القرن الذي كنت فيه""، ويقول الحق - سبحانه وتعالى - ""إنكم أمة واحدة قد خلت من قبلها الأمم"".
إنهم يتجنون على نبي الرحمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ويقولون إن الرسول كان يفاخر بعرقه العربي الأصيل، وإذا كان صحيحاً إن الرسول كان يفاخر بعرقه العربي الأصيل إلاّ أنه كان يقدم الدين على العرق، ويفتخر بالعرق من خلال الدين، أي يفتخر بالعربية لأنها اللغة التي نزل بها القرآن الكريم، فالقرآن هو الأصل واللغة العربية هي الفرع.
والمؤسف أن الانزلاق إلى القبيلة بدأ من محطات الشعر الشعبي حيث استخدم الشعر الشعبي في تمجيد الذات ومدح القبيلة مقابل ذم قبيلة أخرى، وغمز قبيلة ثالثة على حساب كل القبائل، وحتى تلتهب المشاعر أكثر وتفور النفوس على بعضها بعضا أغدقت الملايين من الريالات على الفائزين المادحين للقبيلة لتشتعل القرائح وتنزف شعراً يفاخر بالقبيلة على حساب الوطن الذي يعتبر حبه من الإيمان.
وهكذا عوضاً عن أن يحمل الشعر رسالة وطنية تدافع عن أمة الإسلام، فإذا به يرَوج للفرقة والتشرذم والانسلاخ من المجتمع الإسلامي الذي إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.
وهناك الكثير من المحاولات التي نعرفها والتي لا نعرفها تؤكد أن الخطر يتهدد بالفعل الوحدة الوطنية، ولذلك نستطيع القول إن هذا الكم الهائل من الفضائيات القبلية تعتبر بمثابة قنابل موقوتة يجب معالجتها وفضها. لأن الاهتمام بالقبيلة في جميع شرائح المجتمع السعودي بات - مع الأسف - الخيار الأول، أمَا الاهتمام بالوحدة الوطنية فقد أخذ يتراجع ليصبح الخيار الثاني، وهذه مشكلة كبرى في الهوية السياسية.
وفي موضوع ذي صلة قص عليّ أحد الأصدقاء قصة قال فيها: إنه حضر مجلسا ضم شباباً يتفاخرون بالقبائل، فقال لهم إنه من أعرق وأفضل القبائل في الوجود، فاستغرب الجميع وتدلت أعناقهم نحوه راغبين أن يصرح باسم قبيلته الأعرق، ولكنه بحلق فيهم بعينيه النافرتين، ثم كرر كلامه بنبرة حادة وجادة ؛ وقال إنه يتحدر من أنقى وأطهر قبيلة على الأرض، فاتجهت الرؤوس نحوه مرة أخرى وهي تشتاق إلى سماع هذه القبيلة الأطهر والأنقى، وتساءل الجميع ما اسم هذه القبيلة؟!
فقال بكل ثقة إنها قبيلة كل القبائل، وامتشقت الرؤوس نحوه تتحداه بأن يذكر اسم (قبيلته) قبيلة كل القبائل، فقال: إنه ينتمي إلى قبيلة آدم، ثم قال بسرعة قبل أن يستمع إلى ما لا يسر من الكلمات واللكمات، إن كل إنسان في المملكة وكل إنسان فوق كوكب الأرض يتحدر من القبيلة الأم قبيلة آدم، وآدم هو رئيس وأب لكل القبائل، وما دمنا كذلك فكلنا لآدم وآدم من تراب، إن أكرمنا عند الله أتقانا، وصمت الجميع، وبايع الجميع كلام صديقي. وأرجو أن نبايع جميعا هذا الوطن الغالي الحبيب بالتقوى والعمل والإنتاج والكفاءة وزيادة الإنتاجية والمشاركة الفاعلة في بناء صروح الحضارة الإنسانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة