حلول سعودية في قمة التحديات    فتياتنا من ذهب    تضخم البروستات.. من أهم أسباب كثرة التبول    بريد القراء    الرائد يتغلب على الوحدة في الوقت القاتل ويبتعد عن شبح الهبوط    مستقبل الحقبة الخضراء    حراك شامل    الدراسة في زمن الحرب    76 مليون نازح في نهاية 2023    فصّل ملابسك وأنت في بيتك    WhatsApp يحصل على مظهر مشرق    تركي بن طلال يرعى حفل تخريج 11 ألف طالب وطالبة من جامعة الملك خالد    رئيس موريتانيا يزور المسجد النبوي    ولي العهد يلتقي الأمين العام للأمم المتحدة وملك الأردن والرئيس السوري    هتان السيف.. تكتب التاريخ في الفنون القتالية    الإطاحة بوافد مصري بتأشيرة زيارة لترويجه حملة حج وهمية وادعاء توفير سكن    مدير عام مكتب سمو أمير منطقة عسير ينال الدكتوراة    الشريك الأدبي وتعزيز الهوية    التعليم في المملكة.. اختصار الزمن    صالح بن غصون.. العِلم والتواضع        ابنة الأحساء.. حولت الرفض إلى فرص عالمية    الاستشارة النفسية عن بعد لا تناسب جميع الحالات    فوائد صحية للفلفل الأسود    لماذا يجب تجريم خطاب كراهية النساء ؟    أثقل الناس    ايش هذه «اللكاعه» ؟!    خطر الوجود الغربي    العام والخاص.. ذَنْبَك على جنبك    تحولات التعليم.. ما الذي يتطلب الأمر فعله ؟    حق الدول في استخدام الفضاء الخارجي    كلنا مستهدفون    الهلال ينتصر ودربه «سالم» أمام النصر    المسابقات تعدل توقيت انطلاق عدد من مباريات دوري روشن    الاتحاد يتعثر من جديد بتعادل أمام الخليج    بتوجيه ولي العهد.. مراعاة أوقات الصلوات في جدولة المباريات    البنيان يشارك طلاب ثانوية الفيصل يومًا دراسيًا    البدر يضيء قاعة المركز الحضاري ببريدة    رئاسة السعودية للقمة العربية 32.. قرارات حاسمة لحل قضايا الأمة ودعم السلام    أمير القصيم يرفع «عقاله» للخريجين ويسلم «بشت» التخرج لذوي طالب متوفى    النفط يرتفع والذهب يلمع    وقاية.. تقصّي الأمراض الخطرة وإعداد خطط الطوارئ    أمير تبوك يرعى حفل جامعة فهد بن سلطان    بمشاركة السعودية.. «الحياد الصفري للمنتجين»: ملتزمون بالتحول العادل في الطاقة    "الخطيب": السياحة عموداً رئيسيّاً في رؤية 2030    أمطار على أجزاء من 6 مناطق    أمير تبوك يطلع على نسب إنجاز مبنى مجلس المنطقة    افتتاح منتدى «كايسيد» للحوار العالمي في لشبونة    برعاية ولي العهد.. انطلاق الملتقى العربي لمكافحة الفساد والتحريات المالية    صفُّ الواهمين    «الصحة» تدعو حجاج الداخل لاستكمال جرعات التطعيمات    رعاية ضيوف الرحمن    سقيا الحاج    أمين العسيري يحتفل بزفاف نجله عبد المجيد    تعزيز التعاون العدلي مع فرنسا وأستراليا    خادم الحرمين الشريفين يصدر عدداً من الأوامر الملكية.. إعفاءات وتعيينات جديدة في عدد من القطاعات    معرض"سيريدو العقاري"أحدث المشاريع السكنية للمواطنين    رحالة فرنسي يقطع ثمانية آلاف كلم مشياً على الأقدام لأداء مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا وطننا الذي نحبه قبل قبيلتنا
نشر في أنباؤكم يوم 20 - 11 - 2011


د. أمين ساعاتي - الاقتصادية السعودية
كلنا نعرف أن وزارة الداخلية قلقة من المواقع الإلكترونية الكثيرة التي تتنادى باسم القبيلة؛ وكلها - مع الأسف - على حساب الوطن الذي يجب أن نحبه ونفتديه ونقدمه على كل شيء.
وإذا كانت الوزارة قد بدأت تعبر عن قلقها من آلاف المواقع التي تتنادى بالقبيلة؛ فإن الوطن هو الكنز الذي يجب أن يكون أولا وثانيا وثالثا وإلى ما لا نهاية.
إننا حينما نأتي على ذكر القبيلة.. إنما ندعو إلى ممارسة الكراهية ضد قبيلة أخرى أو مجموعة من القبائل التي تتنافس مع قبيلتنا؛ وحينما نأتي على ذكر الوطن؛ فإننا ندعو إلى حب الآخر والآخرين.
أكثر من ثلاثة آلاف موقع إلكتروني يدعو إلى الخطاب القبلي على الشبكة العنكبوتية، وكل هذه الآلاف من المواقع تتغنى بالقبيلة على حساب نظرية الوطن الواحد.
وتقول إحصائيات غير رسمية إن مرتادي هذه المواقع يتجاوزون الألوف يومياً، بمعنى أن هذه المواقع (وهذه المواقع بالذات) التي تنتشر على الشبكة العالمية.. تعتبر من أكثر المواقع الجاذبة للجمهور، وبالذات ممن هم في سن الشباب، إلى درجة أن معدلاتها تفوق معدلات المواقع الرياضية ومواقع السينما والمسلسلات.
والمؤسف أن القبيلة باتت تتمدد في شرايين المجتمع السعودي المعاصر وتلعب بمصالحه الوطنية العليا وتأخذ مكانة متقدمة من سلوكه اليومي، فبعد أن نشطت في الزواج من الأقارب اتسعت في الوظائف والأرزاق، وإذا أردنا أن نستكشف القبيلة في الوظائف والأرزاق فإنه من السهولة بمكان أن نجد بعض من تقلدوا الوظائف العليا يعيّنون الفخوذ والأقارب والأصدقاء في الوظائف التي تقع في دوائر سلطاتهم؛ وتوظيف الأقارب والفخوذ والأصدقاء والأرحام ممنوع في الفكر الإداري المعاصر وينعتونه ب النوبوتزمية، وللأسف فاحت رائحة النوبوتزمية في الشركات والمؤسسات الحكومية في هذه الأيام، وانتشر الحقد والتربص في أكثر من مستوى وظيفي، وتسبب هذا التواطؤ العنصري في انخفاض ملحوظ في إنتاجية الموظف السعودي مقارنة بنظيره في المجتمعات المتقدمة أو الناشئة.
والغريب أن المتحلقين حول القبيلة يتخذون من بعض الأحاديث النبوية تكئة لإثبات أن الولاء يجب أن يكون للقبيلة قبل أن يكون للوطن، فيقولون إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: ""إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم""، وقوله - صلى الله عليه وسلم: ""إن الله خلق الخلق فجعلني من خير فرقهم وخير الفريقين، ثم تخير القبائل فجعلني من خير القبيلة، ثم تخير البيوت فجعلني من خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفساً وخيرهم بيتاً"".
وتفسير القبليين لهذه الأحاديث النبوية الشريفة أن الرسول يفاخر بالقبيلة والبيت، وهذا غير صحيح، فالرسول هنا يفاخر بمنزلة النبوة في شخصه، يقول - صلى الله عليه وسلم: ""بعثت من خير قرون بني آدم قرناً فقرناً، حتى كنت من القرن الذي كنت فيه""، ويقول الحق - سبحانه وتعالى - ""إنكم أمة واحدة قد خلت من قبلها الأمم"".
إنهم يتجنون على نبي الرحمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ويقولون إن الرسول كان يفاخر بعرقه العربي الأصيل، وإذا كان صحيحاً إن الرسول كان يفاخر بعرقه العربي الأصيل إلاّ أنه كان يقدم الدين على العرق، ويفتخر بالعرق من خلال الدين، أي يفتخر بالعربية لأنها اللغة التي نزل بها القرآن الكريم، فالقرآن هو الأصل واللغة العربية هي الفرع.
والمؤسف أن الانزلاق إلى القبيلة بدأ من محطات الشعر الشعبي حيث استخدم الشعر الشعبي في تمجيد الذات ومدح القبيلة مقابل ذم قبيلة أخرى، وغمز قبيلة ثالثة على حساب كل القبائل، وحتى تلتهب المشاعر أكثر وتفور النفوس على بعضها بعضا أغدقت الملايين من الريالات على الفائزين المادحين للقبيلة لتشتعل القرائح وتنزف شعراً يفاخر بالقبيلة على حساب الوطن الذي يعتبر حبه من الإيمان.
وهكذا عوضاً عن أن يحمل الشعر رسالة وطنية تدافع عن أمة الإسلام، فإذا به يرَوج للفرقة والتشرذم والانسلاخ من المجتمع الإسلامي الذي إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.
وهناك الكثير من المحاولات التي نعرفها والتي لا نعرفها تؤكد أن الخطر يتهدد بالفعل الوحدة الوطنية، ولذلك نستطيع القول إن هذا الكم الهائل من الفضائيات القبلية تعتبر بمثابة قنابل موقوتة يجب معالجتها وفضها. لأن الاهتمام بالقبيلة في جميع شرائح المجتمع السعودي بات - مع الأسف - الخيار الأول، أمَا الاهتمام بالوحدة الوطنية فقد أخذ يتراجع ليصبح الخيار الثاني، وهذه مشكلة كبرى في الهوية السياسية.
وفي موضوع ذي صلة قص عليّ أحد الأصدقاء قصة قال فيها: إنه حضر مجلسا ضم شباباً يتفاخرون بالقبائل، فقال لهم إنه من أعرق وأفضل القبائل في الوجود، فاستغرب الجميع وتدلت أعناقهم نحوه راغبين أن يصرح باسم قبيلته الأعرق، ولكنه بحلق فيهم بعينيه النافرتين، ثم كرر كلامه بنبرة حادة وجادة ؛ وقال إنه يتحدر من أنقى وأطهر قبيلة على الأرض، فاتجهت الرؤوس نحوه مرة أخرى وهي تشتاق إلى سماع هذه القبيلة الأطهر والأنقى، وتساءل الجميع ما اسم هذه القبيلة؟!
فقال بكل ثقة إنها قبيلة كل القبائل، وامتشقت الرؤوس نحوه تتحداه بأن يذكر اسم (قبيلته) قبيلة كل القبائل، فقال: إنه ينتمي إلى قبيلة آدم، ثم قال بسرعة قبل أن يستمع إلى ما لا يسر من الكلمات واللكمات، إن كل إنسان في المملكة وكل إنسان فوق كوكب الأرض يتحدر من القبيلة الأم قبيلة آدم، وآدم هو رئيس وأب لكل القبائل، وما دمنا كذلك فكلنا لآدم وآدم من تراب، إن أكرمنا عند الله أتقانا، وصمت الجميع، وبايع الجميع كلام صديقي. وأرجو أن نبايع جميعا هذا الوطن الغالي الحبيب بالتقوى والعمل والإنتاج والكفاءة وزيادة الإنتاجية والمشاركة الفاعلة في بناء صروح الحضارة الإنسانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة