البريد السعودي ‏يُصدر طابعًا تذكاريًا بمناسبة تكريم أمير منطقة ⁧‫مكة‬⁩ المكرمة ‬⁩تقديرًا لإسهاماته    نمو مبيعات أسواق العثيم بنسبة 3% وارتفاع الربح التشغيلي 8.8% وزيادة العملاء 10%    الأسهم الآسيوية تتباين وأستراليا تسجل مستويات قياسية    استشهاد تسعة فلسطينيين في غزة    مدير عام فرع وزارة الموارد البشرية بالمدينة المنورة، يرعى تسليم جائزة السيارة للمستفيد    أمير تبوك يستقبل رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد    كرنفال التمور ببريدة.. بيئة عمل جاذبة تصنع جيلًا رياديًا من الشباب    سيرة من ذاكرة جازان.. إياد أبوشملة حكمي    ارتفاع مؤشر الأسهم    من تنفيذ تعليمات إلى الفهم والقرارات.. سدايا: الذكاء الاصطناعي التوكيلي يعزز الكفاءة والإنتاجية    نائب أمير الرياض يؤدي الصلاة على والدة جواهر بنت مساعد    محكمة كامبريدج تنظر اليوم في قضية مقتل «القاسم»    موسكو تعلن حرية نشر الصواريخ المتوسطة.. استهداف روسي أوكراني متبادل يعطل الإمدادات العسكرية    بعد 80 عاما من قصفها هيروشيما تدعو العالم للتخلي عن السلاح النووي    رواندا تستقبل 250 مهاجرا مرحلا من الولايات المتحدة    إيران تكشف قائمة سرية لجواسيس بريطانيا    نوتنجهام ينافس أندية سعودية على نجم اليوفي    برشلونة يفتح إجراء تأديبياً بحق تيرشتيغن    القادم من الأهلي.. العلا يتعاقد مع "المجحد" حتى 2027    لاعب الهلال مطلوب في أوروبا والبرازيل    تمكين المواطن ورفاهيته بؤرة اهتمام القيادة    «إنسان» تودع 10 ملايين ريالٍ في حسابات المستفيدين    تعديل تنظيم المركز الوطني للأرصاد.. مجلس الوزراء: فصلان دراسيان لمدارس التعليم للعام الدراسي القادم    «الفصلان الدراسيان» يعودان برؤية تطويرية.. رضا مجتمعي واسع واستجابة للمتغيرات التعليمية    أداء قوي رغم تقلبات الأسواق.. أرامكو السعودية: 80 مليار ريال توزيعات أرباح الربع الثاني    والد ضحية حفل محمد رمضان: أموال الدنيا لن تعوضني عن ابني    هيئة التراث ترصد (24) حالة تعدٍ على مواقع وقطع أثرية    معرض «المهمل»    احذروا الثعابين والعقارب ليلاً في الأماكن المفتوحة    سعود بن نايف يشدد على الالتزام بأنظمة المرور    اختتام برنامج أساسيات الشطرنج في جمعية الإعاقة السمعية    سرد تنموي    قطاع عقاري مستقر    فيصل بن مشعل: المذنب تشهد تطوراً تنموياً وتنوعاً في الفرص الاستثمارية    محمد بن عبدالرحمن: تطور نوعي في منظومة "الداخلية"    "الإسلامية" تنفذ برنامجاً تدريبياً للخُطباء في عسير    صحن المطاف مخصص للطواف    سفير سريلانكا: المملكة تؤدي دوراً كبيراً في تعزيز قيم التسامح    الأخضر تحت 15 عاماً يخسر أمام أميركا    الانضباط تغرم الهلال وتحرمه من المشاركة في السوبر المقبل    النقد السلبي    اتحاد المنطاد يشارك في بطولة فرنسا    مُؤتمر حل الدولتين يدْفع لإِقامة الدولة الفِلسطينية    الصمت في الأزمات الإعلامية    تقليل ضربات الشمس بين عمال نظافة الأحساء    لجنة الانتخابات تعتمد قائمة نواف بن سعد لرئاسة الهلال    الراحل تركي السرحاني    دواء من الشوكولاتة يواجه فيروسات الإنفلونزا    الأمن العام : الصلاة في صحن المطاف تعيق حركة المعتمرين    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة هروب    الشؤون الإسلامية تختتم البرنامج التدريبي المتخصص للمراقبين ومنسوبي المساجد في جازان    الاتفاق يواصل تحضيراته وديمبيلي يقترب من العودة    مستشفى د. سليمان فقيه بجدة يحصد اعتماد 14 مركز تميّز طبي من SRC    أغسطس.. شهر المناعة العالمي لحماية الأجيال    إطلاق نظام الملف الطبي الإلكتروني الموحد "أركس إير"    الدقيسي    الحراثة التقليدية    روائح غريبة تنذر بورم دماغي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتفاضة الشعوب العربية.. من يقف خلفها؟
نشر في أنباؤكم يوم 20 - 08 - 2011


د.سعد بن عبدالقادر القويعي - الجزيرة السعودية
بعد بضعة أشهر من اندلاع الثورات العربية، والتي جاء إيقاعها بأسرع مما توقعه العالم، فأثمرت عن انتصارين مذهلين. حاولت أن أتلمس أسباب تلك الثورات، ومنطلقاتها الاقتصادية، والسياسية. وما يدور الحديث عنه حول الفساد، والفقر، والبطالة، وغياب الحريات العامة، وحقوق الإنسان..
..بل كثيرًا ما كنت أتساءل مع نفسي، وأنا أضع عقلي في موقع الحدث قبل أن أنطق برأيي، عما ستؤول إليه الأمور في مصر، وتونس، وغيرهما من البلدان، كليبيا، واليمن، وسوريا. وهل سنستطيع التفريق بين التداعيات المباشرة لتلك الثورات، والتداعيات بعيدة المدى؟.
بدايةً، سأقف عند كلمة خادم الحرمين الشريفين - الملك - عبد الله بن عبد العزيز - قبل أيام -، والتي تعتبر بحق، أقوى رد فعل عربي حتى هذه اللحظة على الأحداث الجارية في سوريا. كما تعتبر نقطة فاصلة بين مرحلتين في الأزمة السورية، حين وقف الخطاب على مسافة واحدة من جميع الأطراف الداخلة في الأحداث، فشخّص الداء، وأوجد الدواء. وكسر حاجز الصمت العربي حول ما يجري من اتساع دائرة العنف - منذ منتصف مارس الماضي -، والتي راح ضحيتها حتى كتابة هذه الأسطر - قرابة - الألفي شخص، وذلك وفق مصادر لنشطاء، ومنظمات حقوقية، كما أرغم عشرات الآلاف من السوريين على الفرار إلى دول مجاورة، كتركيا، ولبنان.
ولأن تطورات المرحلة القادمة، ستكون مرتبطة بحسب ما ستؤول إليه الأحداث، فإن الرسالة التي تضمنتها كلمة - الملك - عبد الله بن عبدالعزيز - حفظه الله -، بأن: «مستقبل سوريا بين خيارين لا ثالث لهما، إما أن تختار بإرادتها الحكمة، أو أن تنجرف إلى أعماق الفوضى، والضياع، لا سمح الله». ولا يكون ذلك إلا بإيقاف آلة القتل، وإراقة الدماء، وتحكيم العقل، وتفعيل إصلاحات سريعة، والتصالح مع معارضيه؛ من أجل إقامة دولة حديثة، يكفل - من خلالها - حقوق الشعب السوري، بما يصون كرامته، ويحقق تطلعاته، وإلا فإنه سيواجه مصيراً حزيناً.
بعد هذه المقدمة، سأشير إلى أمر مهم، وهو ما يتعلق بصلب الموضوع: من أن ثورتي مصر، وتونس، نجحتا بكل المقاييس، إن من ناحية حجمهما، وانتشارهما، أو من ناحية استمرارهما، ومتطلباتهما. فهما انتفاضتان غير مسبوقتين، تولدتا من الإحساس بالقهر الاقتصادي، والسياسي. كما عبرتا عن قيم، وثقافة، ومتطلبات المرحلة التي نعيشها.
ما سبق بيانه، لا يعني أنني أردت تجريد الانتفاضتين من محتواهما السامي، الذي قامتا من أجله، لكنني قلق من أن تحمل تلك الثورات - في طياتها - مزيدًا من الضعف الأمني، والانقسام، والانقلاب على المصلحة العليا للأوطان. وأن يسير المشروع الأمريكي في القضاء على تلك الثورات، تحت شعار: «تجزئة المجزأ، وتقسيم المقسم»؛ لترتيب مصالحها في المنطقة، في مقابل تدمير الأوطان، وتمزيق الشعوب، وإغراقها بالفتن، والدماء. فالقصة باختصار: ليست ديمقراطية، ولا ديكتاتورية، بل مصالح غربية إسرائيلية، وعلى طريقة: «الخطوة خطوة».
منذ الوهلة الأولى للأحداث، يظهر للمتابع: أن أمريكا بدت وكأنها مرتبكة، ولكن من وجهة نظر كاتب المقال، فإن أهدافها الخفية تبقى مخبأة، وقادرة على انتهاز الفرص، وهذا ما يميز عقلية إدارة الحوادث، والسياسات بمفاهيمها المصلحية. ويدها الخفية، كانت تلعب دورًا واضحًا، وذلك حين استنفذت أغراضها من تلك الأنظمة؛ لتحل محلها أنظمة أخرى. وأخشى ما أخشاه، أن تنجح في الالتفاف على تلك الثورات، وإحداث الشقاق بين شرائح المجتمعات، من خلال تغذيته بالفراغ، والخلافات، والوصول به إلى أي سيناريو من سيناريوهات الرؤى المضطربة؛ من أجل رسم خريطة المنطقة من جديد، وإحداث التوازنات فيها، وتشكيل المجتمعات العربية، بالطريقة التي تتناسب مع المرحلة القادمة.
حين كتبت مقالاً، بعنوان: «انعكاسات الأزمة المصرية»، تبادلت المنتديات الإليكترونية، والمجموعات البريدية، بريدًا إليكترونيًا، تطوع فيه باحثون؛ لجمع أبرز الأقلام التي انتقدت الثورة المصرية، والتونسية، أو تهجمت عليها - بزعمهم -، وتم رصد أهم آراء المخالفين، أو المتوقفين لدعم الثورات العربية، وأسباب ذلك، - سواء - كانت شرعية، أو سياسية، أو اقتصادية. وكنت أحد هؤلاء، لأنني أشرت إلى أن وثائق «ويكيليكس»، والتي نشرت أكثر من «250» ألف من برقيات السفارات الأمريكية حول العالم، بما فيها من معلومات كانت سرية، بشأن جمع المعلومات الإستخبارية الأمريكية، والإستراتيجية العسكرية، والسياسية للولايات المتحدة، «لم تظهر في الآونة الأخيرة، إلا من أجل إحراج الشعوب مع قادتها، - إضافة - إلى إحراج الدول مع بعضها». وأزيد على ذلك: أن من أهم فوائد هذه الوثائق، خدمة للمصالح الأجنبية، هو: تسليط الضوء على ما هو مسكوت عنه في المنطقة العربية، وأن التغيير قادم لا محالة. وهو ما أكده «جوليان اسانج» مؤسس موقع ويكيليكس، من أن: «نشر برقيات دبلوماسية أمريكية، ساعد في تحفيز الانتفاضات في العالم العربي».
ويكفي، أن محاضرة «كوندليزا رايس» عام 2005 م، في الجامعة الأمريكية في القاهرة، أكدت فيها: أن ستين عامًا من السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، لم تحدث هناك إصلاحات جوهرية. وأن السياسة الأمريكية الجديدة، ستنتبه كثيراً للمجتمع، وتنشئ معه علاقات جديدة، علاقات مع المجتمع المدني مع الشاب، والمرأة. بل إن السفارة الأمريكية في مصر، كانت تعمل منذ عام 2008م، على استقطاب أوسع شريحة ممكنة من الشباب، والمثقفين، وزجهم في الأوساط الانتخابية، التي تجيد انتقاءها في هذا السياق، أو ذاك. - لاسيما - وأن هدفين رئيسين، لا يمكن إغفالهما لتلك السياسة، هما: إحداث انقلابات على أنظمة الحكم، غير المرغوب فيها أمريكيًا. والسيطرة على الانتخابات؛ لتوجيه الناخب؛ للتصويت لمن تريده أمريكا، وهذه هي الديمقراطية بالنكهة الأمريكية. ويؤكد ذلك، ما نشرته - صحيفة - «الديلي تلغراف» البريطانية، والمقربة من مصادر المعلومات في الاستخبارات البريطانية، أن أمريكا تقف بشكل سري تام، وراء كل ما يحدث من تطورات، أعقبت التظاهرات الشعبية البريئة، وقالت الصحيفة حرفيًا باللغة الإنجليزية Egypt protests: America›s secret backing for rebel leaders behind uprising.
بل يذهب الموقع الاستخباري الإسرائيلي، للقول حرفيًا: «إن أمريكا شرعت العمل في نهاية 2008 م، مع عدد من المنظمات الأهلية - وليس الأحزاب -؛ من أجل تنظيم الجهود الشعبية للمعارضة المصرية. وأن العديد منهم جرى دعوته إلى الولايات المتحدة الأمريكية على شكل - دورات تدريب سيمينار -، ولكنها في الحقيقة، دورات تأهيل؛ لكيفية الانقلاب على مبارك، تحت مسميات حقوق الإنسان، وغيرها. وأن سفارة أمريكا في القاهرة، نجحت فعلاً في الحفاظ على سرية هذا العمل، وتغطية الأمر تحت عنوان - دورات تدريب إنسانية -، رغم أنها لم تكن كذلك، وكان الهدف خداع المخابرات المصرية. وبالفعل نجحت السفارة الأمريكية، في خداع المخابرات المصرية. ويقول الموقع دبكا: «يبدو للبسطاء، أن عشرات آلاف المتظاهرين في شوارع القاهرة، لا قائد لهم، ولا أحد يقودهم، إلا أن الحقيقة غير ذلك، فهؤلاء يجري توجيهم من السفارة الأمريكية، وعبر وسائل إعلام، واتصال. وأن هناك زعماء، لكن لا أحد يعرفهم غير واشنطن، كيلا يجري الإمساك بهم». ويقول الموقع: «إن عملية الاستخبارات الأمريكية، تتكون من مرحلتين، المرحلة الأولى: وهي: التخلص من مبارك. والمرحلة الثانية: إظهار قادة جدد، جرى تربيتهم، وتدريبهم في أمريكا؛ للترشح للانتخابات، وضمان فوزهم. وهكذا، يجري ضمان حمايتهم دستوريًا».
على أي حال، إن اتفقنا، أو اختلفنا، فإن التاريخ سيكتب يومًا ما: أن من الملفات المفتوحة، والساخنة في الغرب: ملف البلاد الإسلامية، وكل ما يرتبط به من اجتهادات، وثقافات، وحركات سياسية، واجتماعية. وسيتغير التحرك الأمريكي، في اتجاه تغيير سياساته المجحفة بحق قضايانا، إلى سرقة عقول أجيالنا القادمة؛ لتكون أمريكية. وستفتح حقبة جديدة في العالم العربي، يمكن وصفها: بحقبة الاحتلال الأمريكي الجديد للمنطقة.
إن رفع الالتباس، وتنبيه الناس في اتجاه تعزيز الوقائع، وتوضيح الحقائق، أمر في غاية الأهمية. فالمعادلة الصحيحة، هي: أن أمريكا تريد تبديل الوجوه، والأشخاص؛ لإكمال ما بدأه أسلافهم الأوائل. ومن ثم، فإن التعويل على المواقف الغربية، وعلى رأسها أمريكا، فاشل. وفي الوقت الذي يطلون علينا بدعم الديمقراطيات، والتلويح بورقة حقوق الإنسان، نعلم يقينًا أن فيه الكثير من الرياء الأخلاقي، والسياسي، خدمة لسياسة الفوضى الخلاقة في المنطقة، التي تخدم مصالحهم.
ما يهمنا اليوم، هو: نتائج الحدث. فما حدث، ويحدث، وسيحدث، سيكون له تداعيات كبيرة على المنطقة في المستقبل القريب. وستدخل تلك البلاد في دوامة من عدم الاستقرار، بعد أن أصبحنا حقل تجارب في مختبرات الدراسات، والبحوث، والأفكار.
- ولذا - فإن تصالح الأنظمة مع شعوبها، والالتفاف إلى حقوقهم، مطالب مهمة - ولا شك -. وحتى أخرج مطمئنًا في نهاية المقال، سأرمي بسؤالي الأخير، وأغادر: هل ستحافظ تلك الشعوب على ثوراتها، وصيانة منجزاتها بوعي، وضمان حريات الشعوب، وحقوقها؟ أم أن التحول في توجهاتها، سيحدث مع مرور الوقت؟ وحتى الإجابة على السؤال، سنظل نراقب المشهد باندهاش؛ لعظم الأحداث الجارية، وأهميتها على الساحة الدولية، والإسلامية، والعربية، والخليجية، والتي ستسهم في جملة من التغيرات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.