حالة ملتبسة، تظهر حاليا في المقارنة بين الإعلام التقليدي والإعلام الجديد. والصورة تحتاج إلى توضيح. ومن يكتب في الصحافة أو يتعامل مع الإذاعة أو التلفزيون يدرك ذلك. أنت لا يمكنك أن تتحدث من فراغ، أو تعتمد على إشاعة، حتى تتبنى موقفا تجاه هذه القضية وتلك. لكن الإعلام الجديد، بصفته يجسد صحافة الشخص الواحد، يخضع لتقويمات مرنة. وهو باعتباره رأيا شخصيا، غير خاضع لأي قيد، يمكنه أن يتهم بالخيانة أو التراخي أو الرشوة أو الفساد حتى وإن لم يملك دليلا. لكن الإعلام المؤسسي لا يمكنه ولا يفترض أن يمارس دورا في تسويق الشائعة أو تسويغها ما لم تتوافر الوثائق. من هنا، يمكن النظر إلى الجدل الذي دار أخيرا، بخصوص قضية لص مؤخرة الدجاجة، التي أخذت حيزا من التعليقات في الصحافة وفي مواقع التواصل الاجتماعي. غير أن الأمر ظهر فيما بعد أنه غير دقيق، وأن الحكم كان يتناول رجلا متورطا في جرائم أكثر من مجرد سرقة قطعة دجاجة من مطعم. وهو الأمر الذي جعل الجسم القضائي يرفع الأمر إلى وزارة الثقافة والإعلام، التي طبقت لوائحها فيما يخص عدم توخي الدقة في النشر. ورغم ما أثاره الموضع من جدل في أكثر من صحيفة، ودخلت هيئة الصحفيين طرفا فيه، لكن الأمر يكشف أن استسهال بعض من يتحدثون في مواقع التواصل الاجتماعي، ليس بالضرورة أن يعكس ممارسة صحية، فالقوانين في كل دول العالم تحاسب من يتناول ذمم الناس وأعراضهم، حتى وإن كان قصده حسنا. فالنوايا الطيبة لا تكفي لجعل الإنسان في منأى عن المساءلة القانونية.