سعود بن نهار يلتقي وزير السياحة ويطلقان فعاليات "صيف الطائف 2025"    الشورى يقر تعزيز صحة الطلاب النفسية وضبط الممارسات الاحتكارية    مفردات من قلب الجنوب ٣    رواد التأثير والسيرة الحسنة    أمير جازان يفتتح مبنى فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بجازان    أمير جازان يرأس اللجنة العليا للتوطين    تركي بن محمد بن فهد يستقبل سفير دولة الإمارات لدى المملكة    الهيئة العامة للإحصاء تحتفي بمرور 65 عامًا على تأسيس العمل الإحصائي    سوق الأسهم السعودية يواصل الهبوط ويخسر 39 نقطة    النفط يسجل أعلى مستوى في 3 أسابيع    تجمع القصيم الصحي يُطلق خدمة النقل الطبي غير الطارئ لمستفيدي الرعاية الصحية المنزلية    عقوبة منتظرة على الهلال بعد الاعتذار عن المشاركة في كأس السوبر    ريكسوس تفتتح أول منتجع من نوعه للإقامة الشاملة بأبحر جدة    الاتفاق يضم الجنوب إفريقي موهاو نكوتا حتى 2028    دراسة تتوقع اتساع فجوة العمال المهرة في ألمانيا خلال السنوات القادمة    القيادة تهنئ الرئيس الفرنسي بذكرى اليوم الوطني لبلاده    تعامد الشمس على الكعبة المشرفة غدا الثلاثاء    اعتدال و تليجرام يكافحان التطرف الرقمي بإزالة 30 مليون مادة متطرفة    11 لاعباً سعودياً يشاركون في بطولة العالم للبلياردو بجدة    جدل حول تصريحات المبعوث الأمريكي.. الجيش اللبناني: لا مسلحون في المناطق الحدودية مع سوريا    بعد انتهاء أزمة «الغواصات».. استئناف التعاون الدفاعي بين فرنسا وأستراليا    موجز    "تقويم التعليم": بدء التسجيل لاختبار القدرة المعرفية    مركز المصالحة يعزز ثقافة التسوية الودية    القبض على 21 مهرباً ومروجاً في عسير وجازان    600 تخصص بالكليات التقنية والمعاهد في عام 2024    في اعتداء خطير على المدنيين.. "الدعم السريع" يرتكب مجزرة شمال كردفان    عرض«روكي الغلابة» 30 يوليو    تشيلسي بطلًا لمونديال الأندية    تدشين الخطة الإستراتيجية "المطورة" لرابطة العالم الإسلامي    لتعريف الزوار ب«الأثرية».. جولات إثرائية لإبراز المواقع التاريخية بمكة    المحتوى الهادم.. يبدأ بحجة حرية التعبير وينتهي بضياع القيم    فريق "VK Gaming" بطلاً لمنافسات لعبة "Apex Legends" في كأس العالم    ترجمة مسرحية سعودية للغتين    حكم قضائي مغربي ضد WhatsApp    100 مليون مشاهدة في يوم    الكركديه من مشروب تراثي إلى ترند في مقاهي جدة    القهوة تقلل خطر الإمساك    مسارات صحية تحذيرية تؤدي إلى الخرف    «إثراء» يمتّع الصغار بفعاليات متنوعة.. وحرارة الطقس تزيد الإقبال على «المولات»    فيرمينو يرتدي قميص السد    أمير الشرقية يستقبل سفير جورجيا    توقيع عقد صيانة شوارع الفوارة بأربعة ملايين ريال    الملك سلمان للإغاثة يواصل مشروعاته الإنسانية في الدول الشقيقة    فرصة نيويورك    «إسرائيل» تشترط سيطرة عسكرية على نحو 40 % من مساحة القطاع    فيصل بن مشعل يتسلّم تقرير مزادات الإبل وفعاليات يوم التأسيس في ضرية    «جامعة نايف الأمنية» تحصد اعتماداً فرنسياً في عدة برامج    أمير نجران يدشن مبادرة "صيّف بصحة"    الاتحاد يضم عدنان البشرى من الأهلي    يدور الوقت وابن ادم يعيش بوقته المحسوب    فرنسا تعتمد برامج جامعة نايف    أمير منطقة جازان يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تطلق عددا من الفعاليات عن الحرف اليدوية    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الشثري    نيابة عن خادم الحرمين الشريفين.. نائب أمير مكة يتشرف بغسل الكعبة المشرفة    هنا السعودية حيث تصاغ الأحلام وتروى الإنجازات    أمر ملكي: تعيين الفياض مستشاراً بالديوان الملكي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين الاقتصاد والصحوة الدينية

فسَّر فضيلة الشيخ الشعراوي، يرحمه الله، الآية 212 من سورة البقرة (يرزق من يشاء بغير حساب)، بأن مشيئته سبحانه باقية في "أن يعطي من شاء ما شاء، دون سبب أو واسطة"، وضرب المثل بدول النفط، حيث تدفق عليها المال دون صناعة أو زراعة من تحت الأرض. وطالب من يأخذ بالأسباب، ولا يعرف غيرها أن يصمت".
وقد سأله ذات مرة سائل: "هناك أناس لا يشعرون بنعم الله عليهم، ويظنون أنهم يحصلون على رزقهم بجدهم واجتهادهم، فما هو رأي فضيلة الشيخ في ذلك"؟
فأجاب: "الإنسان قبل ميلاده، قدّر الله سبحانه وتعالى له سبل حياته، ورزقه وعمره، وهل هو شقي أم سعيد، وكل النعم التي سينعم بها في الحياة الدنيا. وحين يأتي الإنسان إلى الحياة الدنيا، تكون نعم الله سبحانه وتعالى قد سبقته، فينزل الله سبحانه وتعالى من صدر أمه لبناً دافئاً في الشتاء، معقَّماً خالياً من كل الأمراض، بأكثر مما يستطيع العلم بكل قدراته أن يعقمه. ويجد هذا اللبن جاهزاً، فإذا جاع نزل اللبن له، وإذا شبع توقف نزوله حتى يجوع مرة أخرى، معين من الغذاء لا ينضب... هذا الغذاء من أوجده؟ ومن الذي يمده به كل يوم؟ والطفل حين يولد، يولد ضعيفاً عاجزاً عن الدفاع عن نفسه وهو عاجز عن الكسب، سخَّر الله له أبويه يأتيان له بالطعام. وهكذا توجد نعم الله على الطفل قبل أن يستطيع أن يفعل لنفسه شيئاً".
وأجاب عن سؤال آخر فقال: "النعمة سبقت المنعم عليه، وآدم عليه السلام هو أول البشر خلقاً، فلم يكن له أب يُعدُّ له، أو أم تجهز من أجله، ولكن سبقته النعمة، فعاش في جنة لا يجوع فيها ولا يشقى".
هذا ما كان الشعراوي يقوله في مقام الحديث والوعظ أمام الجمهور. وكان فضيلته يستخدم منطقاً وتفسيراً مختلفاً تماماً في بعض مقابلاته الصحفية، ويفسر الأوضاع الاقتصادية في مصر بمنطق شديد التماسك... والإقناع.
ونعود مرة أخرى إلى مقابلة الصحافي المصري إبراهيم عبدالعزيز معه، فقد سأل الشعراوي: "إذا انتقلنا من الفرد المسلم إلى المجتمع المسلم، وجدنا كمثال أن مصرنا الغالية رغم كثرة خيراتها فإنها تعاني من ضائقة اقتصادية. هل لذلك تفسير"؟
فأجاب الشعراوي: "حين يوجد خلل اقتصادي لابد أن نبحث عن السبب من أي شيء ينشأ الخلل؟ هناك ثلاث حالات: إما أننا نستهلك فوق ما ننتج فيأتي خراب، وإما أننا ننتج مثلما نستهلك فيكون الجمود، وإما أننا ننتج فوق ما نستهلك فيكون رواج، فأين نحن من هذه المعادلات الثلاث؟ إننا نستهلك أكثر مما ننتج، فلابد أن يأتي الخلل الاقتصادي ويحدث التأخر. وأساس هذا ناشئ من أن مقومات حضارتنا الحالية هي حضارة "تلصص" لأن الحضارة الحقيقية هي أن ننتفع بمقومات الحضارة من أشياء نستوردها من عمل غيرنا، فهذا يعني أننا تجمدنا وأصبحنا عالة على غيرنا. صحيح أننا ندفع ثمن ما نستورده، ولكنه بقروض عليها فوائد، تتراكم حتى تثقل كاهلنا، إنني باعتمادي على غيري أصبحت متلصصاً كسولاً، لا حضارة لي اعتمد عليها في تقدمي".
ويوسع الشعراوي نظريته في "التلصص الحضاري" ويراها تنطبق على تصرفات عدد كبير من الدول، ويقول في ملاحظة جديرة بالتأمل: "من الغريب أنك تجد الدول النامية تعيش معيشة في مستوى الدول الكبرى، فنجد فيها مثلاً عدد الوزارات الموجودة في أميركا والموجودة في بريطانيا، والمفروض أن كل الدول النامية تعيش على قدرها ومستواها وظروفها. أما محاولتها تقليد الدول الكبرى فمسألة غير منطقية، لأنها بذلك تتلصص على الحضارة، وليس لها ساق تمشى بها إلى الحضارة".
ولو تأملنا كلام الشعراوي وتحليله الاقتصادي لوجدناه عصرياً واقعياً قائماً على معطيات الإنتاج والاستهلاك السليمة. كما أن نقده للتبذير والجري خلف المظاهر في البلدان النامية وحكوماتها الفاسدة، في محله تماماً!
ويقول: "الشباب فاهم أنه لما يعمل أي مهنة يبقى ممتهنا، أبداً، الإسلام ليس فيه مهنة عيب ما دامت تتطلبها حركة المجتمع، إنما البعض يريد عملاً من نوع خاص، ولو قبلوا أن يمارسوا تلك الأعمال التي يقبلون عليها في خارج بلادهم كبيع الصحف وغسل الصحون، وما إلى ذلك، سيعيشون معيشة الوزراء. وانظر إلى العامل عندنا "يوميته" وصلت لعشرة جنيهات. فالشباب إذن يستطيع أن يكسب في بلده".
ويسوق الشعراوي هذا المثل برهاناً على ما يقول: "لقد كنت في النمسا واستوقفتني مجموعة من الشباب ليلاً والدنيا ممطرة، وهم واقفون يبيعون الصحف، فقلت لهم: "لو رضيتم بمثل هذا العمل في بلادكم لاغتنيتم". ويضيف:"إنما هم يستنكفون أن يعملوا مثل هذه الأعمال في بلادهم! إذن هل هم طالبو لقمة العيش أم طالبو سعة في العيش، ويرفضون بكبرياء الامتهان"؟
ومما يلفت النظر كذلك في مقابلة الشعراوي مع الصحافي إبراهيم عبدالعزيز، رأيه في "الصحوة الإسلامية" وجماعاتها. "الصحوة الإسلامية موجودة، لكن أخشى ما أخشاه أن تكون موجة تُركب لغير ذي إسلام.. لماذا هذه الجماعات الإسلامية متعددة، لماذا لا يتفقون. إن لكل جماعة منهم فقيهاً وأميراً وأتباعاً، مما يدل على أن السلطة الزمنية مسيطرة على أفكارهم وكل واحد يريد أن يصبح زعيماً، وأيضاً كونهم يخوضون في مسائل الدين وهم ما زالوا "عجر" في مسائل الدين، لم ينضجوا بعد، مسألة غير منطقية وكلام فارغ".
وأضاف الشعراوي، إن الدين يسر، وقد علَّم الرسول صلى الله عليه وسلم، البدوي الإسلام في خمس دقائق، حينما سأله عن ماهية الإسلام، فأخبره بأركانه الخمسة، فقال البدوي: هل هذه فقط؟ فلما قال الرسول إنها هي فقط، قال البدوي: "والله لا أزيد ولا أنقص". فقال الرسول: "أفلح إن صدق".
وانتقد الشعراوي محاولة الكثيرين الانهماك بالعلوم الدينية لمعرفة تفاصيل كل جوانب الفقه والعبادات والعقائد، وشبّه هؤلاء بمن يحاول أن يدرس في وقت واحد الطب والمحاماة والهندسة!
"إن هناك فرقاً بين التدين، وبين علوم الدين. فالتدين لا يعوز منك أن تتبحر في علوم الدين، فأقول لك أدرس الميراث ثم تمضي حياتك كلها ولا تتعرض لمسألة ميراث، أو أقول لك من أجل أن تحافظ على صحتك تعلم الطب، أو يمكن أن تبني بيتاً فأقول لك تعلم الهندسة، أو يمكن أن تظهر لك قضية فأقول لك أدرس من أجل أن تصبح محامياً. ليس هذا مطلوبا، إنما المطلوب هو أن تعرف مقومات الحياة الاجتماعية ثم تتخصص في نوع من الحياة تنفع به نفسك وتنفع به غيرك، وإذا تعرضت لشيء لا تحسنه فاسأل أهل الذكر فيه".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.