القوات المسلحة: لا تهاون.. أمن الحج خط أحمر    وزير الحرس الوطني يطّلع على استعدادات القوات    سفير كازاخستان السابق: قضيت أجمل أيام حياتي في السعودية    200000 ريال غرامة على مخالفي المنطقة اللوجستية    1.6 مليون شخص يتضررون يومياً بأغذية غير آمنة    حزم وقوة    لجنة رباعية لضبط مخالفات نشاط المياه غير الصالحة في مكة    العيسى: تنوع الاجتهاد في القضايا الشرعية محل استيعاب الوعي الإسلامي    دراسة لقياس عناصر الطقس المرتبطة بالإجهاد الحراري    6 مهابط للطيران العمودي بمستشفيات مكة والمشاعر    57 سيجارة كافية لتفجير رئة المدخن    ضيوف الرحمن بين جنبات مشعر منى لقضاء يوم التروية    قبضة أمنية حازمة على المداخل لمنع دخول غير النظاميين    الحقد والمظلومية يصيبان بالأمراض ويعطلان التشافي    «الجراح المغناطيسي» أحدث جراحات السمنة    أول حالة إسعافية تُنقل من مهبط برج الساعة عبر الإسعاف الجوي لحاج أفريقي    جمعية قدرة لرعاية الأشخاص المعاقين بالرس تحجج 11 معاقاً ومعاقه    منتخب البرتغال يصل إلى ألمانيا استعداداً لمشاركته في يورو 2024    وزير الإعلام يقيم مأدبة عشاء للوفود الإعلامية المشاركة في "ملتقى إعلام الحج"    مارتينيس: البرتغال جاهزة    قائد الأسود الثلاثة: هدفنا كتابة التاريخ    الجبير: المملكة من أكبر المستثمرين في الطاقة النظيفة ولديها مشاريع ضخمة تستهدف الحد من آثار التغير المناخي    خطط مرورية لنقل الحجاج لمشعر منى    توقيع اتفاقية التمويل الثانية لمشروع تطوير منظومة الربط الكهربائي الخليجي والربط بشبكة جنوب العراق    غيض من فيض    «منبر جدة» مفتاح لحل الأزمة السودانية    لم يكن الأفضل !    العليمي: المنحة السعودية تمكن الدولة من الوفاء بالتزاماتها الحتمية    استعدادات أمانة الطائف لاستقبال عيد الأضحى    الإتحاد يواجه إشبيلية الإسباني ودياً    الأخضر السعودي تحت 20 عاماً في مجموعة متوازنة بتصفيات كأس آسيا    جاهزية مقرات ضيوف خادم الحرمين الشريفين في المشاعر المقدسة بخدمات نوعية    رئيس الأركان يتفقد قطاعات وزارة الدفاع المشاركة في الحج    شركات الطيران تواجه نقصاً في وقود الطائرات في المطارات اليابانية    زيادة حدة التوتر على الجبهة اللبنانية - الإسرائيلية    تحذير الحجاج من التعرض للحرارة بالمشاعر المقدسة    بريد القراء    الربيعة يستعرض جهود مركز الملك سلمان للإغاثة في غزة    وزير الحرس الوطني يقف على استعدادات القوات المشاركة بموسم الحج    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان رئيس ملاوي في وفاة نائبه ومرافقيه    جامعة الملك فيصل ضمن أفضل 100 جامعة عالمياً في التايمز للتنمية المستدامة    مجموعة السبع: اتفاق لدعم أوكرانيا بأصول روسية مجمدة    "الداخلية" تصدر قرارات إدارية بحق (26) مخالفًا لأنظمة وتعليمات الحج لنقلهم (124) مخالفًا    المملكة ترحب بالمستثمرين الدوليين بقطاع السياحة    مجلس الأمن يصوّت على وقف حصار ‬الفاشر    صحفيو مكة يشيدون بمضامين ملتقى إعلام الحج    «حفل بذكرى زفاف أقصر زوجين    البسامي يتفقد جاهزية قوات أمن الحج    اعتماد مهبطي الطائرات العمودية في أبراج الساعة للإسعافات الجوية    ولي العهد يعتذر عن المشاركة في قمة ال G7 لإرتباطه بالإشراف على أعمال الحج    25 فعالية لمركز "إثراء" في عيد الأضحى    دورة تأهيلية لجامعي البيانات لموسم حج 1445ه    منتجات فريدة للإبل    العقيد الطلحي يتفقد مركز(911)    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته.. وصول الطائرة السعودية ال 53 لإغاثة الشعب الفلسطيني    ولي العهد يعزي ولي عهد الكويت في ضحايا حريق المنقف    المملكة تعزي في ضحايا حريق «المنقف» في الكويت    «إش ذي الهيافة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شجاعة "السكران" وفخُّ المخدوعين بالخطاب العصراني

في منتصف تسعينيات القرن الماضي، شهدت الساحة الشرعية مراجعات خجولة، قام بها بعض الشباب المتدين من الذين أوقفوا بسبب ممارسات وصموها في ما بعد بالتشدد والغلو، ووجدوا في التوقيف والخلوة فرصةً للمراجعة والتفكير، وانكبوا على كتابات محمد عابد الجابري وحسن حنفي وعلي حرب و عبدالمجيد الشرفي ومجموعة من المفكرين العرب -خصوصاً المغاربة منهم- وبدؤوا في إعادة إنتاج بعض أفكارهم عبر كتاباتٍ متناثرةٍ تحمل شيئاً من النقد للخطاب الشرعي المحلي، وكان هدفهم الرئيس الإصلاح.
وأتت حادثة 11 سبتمبر، ومع الانفتاح الإعلامي الذي تعدّدت وسائله، وضراوة الهجوم على الخطاب الشرعي السائد، زادت رقعة وتأثير هؤلاء بانضمام ثُلة من الشباب المتدين ذوي القراءات الجادة، وقد أهمّتهم سؤالات الحضارة والتخلف؛ يبحثون عن المخرج، وأشرع الإعلام أبوابه لهم ولطروحاتهم الجريئة، فيما وجدوا من أصحاب الخطاب الشرعي ردود أفعال عنيفة، عنف كتاباتهم التي نقدت، وأطلق خصومهم عليهم وصف "العصرانيون" فيما تمسكوا هم بوصف "التنويريون" أو "الإصلاحيون".
إلا أننا في راهن الآن، وبعد عقد ونصف من السنوات، لنجد أن هؤلاء الشباب قد انقسموا -من قراءتي الخاصة، وقد كنت في الصميم منهم إعلاميا- إلى ثلاث مجموعات؛ الأولى منهم، وهم كانوا الأشد نقدا للخطاب الشرعي، بل ربما كانوا الآباء الفعليين لهذه الظاهرة، قد غادروا الساحة الشرعية والتدين بالكامل، وباتوا يجهرون بعلمانيتهم الصريحة، وسنَّّوا أقلامهم للنيل من التيار الإسلامي وأدبياته عموماً، بمناسبة ودون مناسبة.
فيما بقيت المجموعة الثانية تمارس النقد من داخل التيار الإسلامي، وتؤصِّل لقضايا مدنية؛ كالديموقراطية وحقوق الإنسان والمرأة وجملة من القضايا التي خرجوا فيها عن المدرسة السلفية المحلية، وتبدو عليهم سمة التديُّن، وإنْ كان بفقهٍ منفتحٍ حيال اللحية والثوب وغيرهما من المظاهر الشكلية والسلوكية.
وهناك مجموعة ثالثة، وهي الأقل، عادت إلى محاضنها الشرعية التي ترعرعت، وجيّرت أقلامها للدفاع عن الخطاب الشرعي المحلي بعد أن اكتشفت زيف الدعاوى التي انساقت لأجلها، وربما كان (الظاهرة) إبراهيم السكران أبرز هؤلاء -وبالمناسبة هو من كتب ورقة المناهج التي ألقيت في مؤتمر الحوار الوطني الثاني في مكة المكرمة مع القاضي السابق عبدالعزيز القاسم- غير أن السكران خرج للساحة الشرعية بورقة (مآلات الخطاب المدني) الشهيرة إعلانا وبراءة مما كان فيه، وأردفها قبل أسابيع بورقة جديدة عنوانها (احتجاجات المناوئين للخطاب الشرعي) سأستعرضها في مقالات قادمة.
وأود في هذه السطور لفت نظر الباحثين والراصدين لمسيرة الحراك الفكري بضرورة قراءة ما سطره السكران حيال عودته لمحاضنه الشرعية الأصل؛ حيث قال وهو يرد على الدكتور الدخيلي في مجموعة عبدالعزيز قاسم البريدية: "وأما ما قاله الكاتب من أقوال لي كانت قبل ورقة (مآلات الخطاب المدني)، فقد صدق فيها وأحسن في نقدها، وهي أخطاء كنت فيها ضحية الخطاب المدني المعاصر الذي خدعنا بقضيتين؛ (أهمية الحضارة، وأهمية التسامح مع المخالف) وقد تبين لي بعد أن أعدت تأمل القرآن وتدبره والنظر فيه أن ذلك كله خطأ مخالف لطريقة أهل السنة والجماعة".
ويورد السكران عن سبب عدم كتابته نقدا لما طرحه في ورقة المناهج التي طار بها الإعلام وكتَّابه بقوله "وقد نصحني أخي الشيخ بندر الشويقي منذ سنوات عدة، أن أكتب نقداً لورقة المقررات، وأبين ما فيها من مخالفة لطريقة أهل السنة والجماعة، لكنني كنت أسوّف، وأقول لمن سألني عنها إن نقد الشيخ الغصن لها كافٍ إن شاء الله ومبين للحق".
ويختتم السكران إفادته الصريحة بقوله "والمراد، أن كل من نقدني، وأساء القول فيّ، وخاض في عرضي، بناءً على كلام لي قبل ورقة (المآلات)، فقد صدق وبرّ وما تجاوز الحق قيد أُنملة، بل هو مأجور إن شاء الله، فإن ما كتبته قبل ورقة المآلات يستحق من اللوم والتقريع أكثر مما كتب الإخوة وفقهم الله، وأنا أبرأ إلى الله من كل حرف خططته قبل ورقة مآلات الخطاب المدني، وأحذِّر كل شاب مسلم أن يغترَّ بمثل هذه المقالات التي كنت فيها ضحية الخطاب المدني المعاصر، الذي يغالي في الحضارة والتسامح مع المخالف، وأنصح إخواني الذين ما زالوا مخدوعين بمثل هذه المفاهيم أن يعودوا للقرآن ويسبروا الطريق واضحاً {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}".
أختم هذه المقالة بشكر إبراهيم السكران على هذه الشجاعة الأدبية، منقطعة النظير، التي تزيده رفعةً وقيمةً، لا بما يتوهم البعض من أنها قد تخدش مكانته العلمية، فالرجوع للحق والصواب فضيلة لا يؤتاها إلا الشرفاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.