في إطار الجهود الوطنية الحثيثة؛ للحفاظ على التراث الإعلامي وتوثيق الذاكرة الصحفية في المملكة، أدرجت دارة الملك عبدالعزيز أرشيف صحيفة "صوت الحجاز" ضمن بوابتها الرقمية، لتُعيد بذلك الحياة لإحدى أقدم الصحف التي شهدت بدايات التكوين الثقافي والاجتماعي والسياسي للدولة السعودية الحديثة. وقد صدرت "صوت الحجاز" لأول مرة في 27 من ذي القعدة 1350ه الموافق 4 أبريل 1932م بمدينة مكةالمكرمة، وكانت من أوائل المنابر الإعلامية في غرب المملكة، ورافدًا مهمًا في تشكيل الرأي العام، ونقل الحراك الثقافي والفكري في تلك المرحلة التأسيسية. ويأتي توثيق هذا الأرشيف كجزء من مشروع رقمنة أوسع أطلقته الدارة، ويشمل أيضًا صحيفة "أم القرى"، التي تُعد الصحيفة الرسمية للمملكة منذ تأسيسها عام 1343ه (1924م). وتُتيح البوابة الرقمية نسخًا مصوّرة من الأعداد الأصلية، مدعومة بوسائل بحث متقدمة تُمكّن المستخدمين من استعراض المواد حسب التاريخ أو العنوان أو الكلمات المفتاحية أو الأسماء والموضوعات؛ ما يفتح آفاقًا جديدة للباحثين والمهتمين بتاريخ الصحافة السعودية، ومراحل تطور الدولة الحديثة. وتمثل هذه الخطوة امتدادًا لنهج الدارة في صون الموروث الإعلامي، وتوفير بيئة رقمية، تسهم في تسهيل الوصول إلى مصادر التاريخ الصحفي، وتدعم الدراسات الأكاديمية والبحثية، خاصة في مجالات التاريخ السعودي والخليجي والإسلامي، حيث أصبحت بوابتها الرقمية مرجعًا رئيسًا في هذا المجال. وفي الوقت ذاته، تتواصل الجهود داخل مؤسسة"البلاد" للصحافة والنشر؛ لحفظ أحد أعرق الأرشيفات الصحفية في المملكة والمنطقة؛ إذ تحتضن الصحيفة أرشيفًا يمتد لأكثر من تسعين عامًا، منذ انطلاقها كامتداد لصحيفة"صوت الحجاز"، حتى يومنا الحاضر. ويضم هذا الأرشيف آلاف الأعداد، التي وثّقت أبرز التحولات السياسية والاجتماعية والثقافية؛ محليًا وعربيًا وعالميًا، وشكّلت شاهدًا حيًّا على تطور المجتمع السعودي ونهضته في مختلف الميادين. وفي إطار سعيها لمواكبة التحول الرقمي، أطلقت مؤسسة البلاد خطة شاملة لحفظ هذا الإرث إعلاميًا، من خلال مشروع أرشفة رقمية متكامل؛ يهدف إلى تحويل المحتوى الورقي إلى صيغة رقمية عالية الجودة، مع فهرسة دقيقة وتصنيف زمني وموضوعي، يسهّل عملية البحث والاسترجاع. وتسعى المؤسسة من خلال هذا المشروع إلى ضمان استدامة الأرشيف، وحمايته من عوامل التلف، وتمكين الأجيال القادمة من الاطلاع على محتوياته؛ بوصفه جزءًا لا يتجزأ من التاريخ الوطني، وإرثًا معرفيًا وإعلاميًا يعكس مسيرة الصحافة السعودية منذ بداياتها حتى اليوم.