وزير الصحة: انخفاض الوفيات بنسبة 17% ثمرة السياسات الوقائية    وزارة الرياضة تعلن تخصيص أول ثلاثة أندية (الأنصار والخلود والزلفي) وفتح المجال للتخصيص في بقية الأندية الرياضية    الفتح يواصل الإعداد ويكثّف التدريبات البدنية والفنية    الجهني: يدعو لتقوى الله وينهى عن التشاؤم بالأيام    الشيخ القاسم: الرسالة النبوية أعظم نعم الله ومصدر النجاة في الدنيا والآخرة    32 لاعبًا يتأهلون إلى دور ال 16 في بطولة العالم للبلياردو بجدة    فتح التقديم لجائزة "إثراء للفنون" بقيمة 100 ألف دولار    «زاتكا» تُحبط تهريب أكثر من 69 ألف حبة كبتاجون    الأسهم العالمية تنخفض وسط مخاوف ارتفاع التضخم وضعف الاستثمار    القيادة تهنئ رئيس تونس بذكرى إعلان الجمهورية    أتربة ورياح نشطة على عدة مناطق اليوم    رابطةُ العالم الإسلامي ترحّب بإعلان الرئيس الفرنسي    "آل مداوي" يحتفلون بالدكتور "جبران" بحصوله على درجة الدكتوراه    أمير جازان يطلع على جملة المشروعات المنجزة والجاري تنفيذها بمحافظة الدائر    وزير أمريكي: التجارة مع الصين في "وضع جيد"    القيادة تعزي رئيس روسيا في ضحايا حادث تحطم طائرة ركاب    رئيس الوزراء الإسباني يرحّب بإعلان فرنسا أنها ستعترف بدولة فلسطين    جمعية الإعاقة السمعية في منطقة جازان تزور مسنًا تجاوز التسعين من عمره    الوفد السعودي الاستثماري يختتم زيارته إلى سوريا    أكثر من 40 ميدالية في ختام بطولة المملكة البارالمبية لرفع الأثقال للرجال والسيدات    «بيئة جازان» تنظم ورشة عمل عن طرق الاستفادة من الخدمات الإلكترونية الزراعية    وفد ثقافي وفني يزور هيئة التراث في جازان لتعزيز التعاون في مجالات الهوية والتراث    القمامة الإعلامية وتسميم وعي الجمهور    الأخضر الأولمبي يختتم مشاركته في دورة أوزبكستان الودية بمواجهة اليابان    قطار الرياض ينقل أكثر من 23.6 مليون راكب بالربع الثاني ل 2025    حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنَيْن من الغرق أثناء ممارسة السباحة    القبض على يمني و4 سودانيين في عسير لترويجهم «الإمفيتامين»    وزير الرياضة "الفيصل" : لحظة تاريخية لرياضة المملكة بتخصيص ثلاثة أندية    المملكة تشارك في مؤتمر الأطراف باتفاقية الأراضي الرطبة "رامسار"    أمير جازان من الدائر: البن ثروة وطنية والدعم مستمر    6300 ساعة تختتم أعمال الموهوبين في أبحاث الأولويات الوطنية بجامعة الإمام عبد الرحمن    إيزاك يبلغ نيوكاسل برغبته في استكشاف خيارات أخرى    هيئة الأدب تستعد لإطلاق النسخة الرابعة من معرض المدينة المنورة للكتاب2025    أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عبدالعزيز الغريض    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة الدائر    الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يلتقي وزيري الخارجية والداخلية الأفغانيين في كابل    الشؤون الإسلامية في جازان تواصل تنفيذ الدورة العلمية الصيفية الثالثة    مستشفى المهد يعتمد تقنية تخدير الأعصاب لتقليل الألم    تحطم طائرة الركاب الروسية المفقودة    الإحصاء: ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة 6.0% في مايو 2025م    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل قائدَي قوة جازان السابق والمعيّن حديثًا    الإحسان الطبية تنفذ مشروع «الإستشاري الزائر» في مستشفى صامطة العام    السعودية تدين مطالبة الكنيست الإسرائيلي بفرض السيطرة على الضفة والأغوار المحتل    منظمة الصحة العالمية تنفي انتهاك السيادة الأمريكية    أكثر من 7 آلاف زيارة منزلية خلال 6 أشهر بمستشفى الظهران    تعاون سعودي – سريلانكي في مجالات الإعلام    الشهري ينال الماجستير بامتياز    الصنهاج والزهراني يحتفلان بزواج ريان    بالتنسيق مع 5 وزارات تمهيداً لوضع الإجراءات.. "البلديات" تشترط عدم كشف مساكن العمالة للجيران    الوفد السعودي بدأ زيارته لدمشق.. اتفاقيات اقتصادية لدعم التنمية في سوريا    المفتي يطلع على أعمال "حياة"    توجه رئاسي لحصر القوة بيد الدولة.. غضب على «حزب الله» في الداخل اللبناني    وسط تحذيرات دولية وركود في مفاوضات الهدنة.. غزة على شفا مجاعة جماعية    "الداخلية" تعلن فتح تحقيق في انتهاكات السويداء.. لا إعدامات جماعية في سوريا    موجز    واست رئيس بنغلاديش في ضحايا سقوط الطائرة.. القيادة تهنئ الرئيس المصري بذكرى اليوم الوطني لبلاده    اختيار سلمان: هكذا أطلق صقره ليحلق بالوطن    مفوض إفتاء جازان يستقبل منسوبي إدارة جمعية سقيا الماء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اترك مسافة
نشر في أنباؤكم يوم 06 - 04 - 2009


د. عبد الكريم بكار - الاسلام اليوم
حين يأتي الواحد منا إلى هذه الحياة يكون مجرداً من كل شيء ومحتاجاً إلى كل شيء، وإن المجتمع هو الذي يمنحه ما يكمل إنسانيته، ويجعله مستعداً لخوض غمار الحياة بكرامة وجدارة، ومن هنا فإننا لا نستطيع فعلاً أن نقدِّر حجم ما قدّمته أسرنا ومجتمعاتنا لنا، ويظل من المهم أن نفكر في كيفية ردّ الجميل. المجتمع ليس عبارة عن مجموعات من الناس فحسب، إنه قبل ذلك تلك المنظومة المكوًّنة من الأفكار والمعتقدات والتقاليد والعادات والرمزيات التي تشكل العقل الجمعي والثقافة العامة لذلك المجتمع، وأود في هذا المقال أن أسلط الضوء على طبيعة العقل الجمعي، وعلى الموقف الذي ينبغي أن نقفه منه، وذلك عبر المفردات التالية:
1 العقل الجمعي الموجود في كل مجتمع هو عبارة عن نسيج معقّد من الأفكار والمشاعر. . . وهذا النسيج تمّ غزله على مدار قرون عديدة وبطريقة غير واعية؛ فالناس لا يدرسون المفاهيم والعادات قبل أن يمتثلوا إليها، وليس معظمهم مؤهلاً للقيام بذلك، وقد تسوء أحوال أمة، وتصير إلى الانهيار والبوار دون أن يملك الوعي الشعبي الفهم المطلوب لأسباب ذلك، وما هذا إلاّ لأن العقل الجمعي هو الذي يقوم بتشكيل وعي الأفراد، وهو الذي يمنحهم المعايير التي تمكنهم من التمييز بين الصواب والخطأ، وبين الآمن والخطِر، وبين اللائق وغير اللائق. . . وكلما كانت درجة جهل الأفراد أعلى كانت سيطرة المجتمع بعقله وثقافته عليهم أشد وأكبر، ولهذا فإن المجتمعات الأمية وشبه الأمية تعيش دائماً في حالة من الجمود والارتباك، ويلفّها الغموض من كل جهة. العلم لا ينير عقل صاحبه فقط، وإنما ينير كذلك دربه ومحيطه، ويساعده على فهم تاريخه وجذور مشكلاته.
2 إذا كان العقل الجمعي يتشكّل بطريقة غير واعية، فإن هذا يعني أن في حياة الناس دائماً مشكلات وانحرافات وتأزّمات، وفي حياتهم أشياء كثيرة ليست هي الأحسن والأفضل والأجمل، بل تستطيع القول: إن التيار العريض في المجتمع لا يكون هو التيار الراشد، وهذا ما نجد له الكثير من الإشارات في كتاب الله تعالى فأكثر الناس لا يؤمنون، ولا يعلمون، ولا يعقلون، وأكثرهم للحق كارهون وهم عنه معرضون، وهذه الحالة موجودة في كل المجتمعات باعتبارات مختلفة؛ ففي المجتمعات الإسلامية مثلاً لا يكون أهل الورع الملتزمون بالصدق القائمون على حدود الله، الغيارى على حرماته ومصالح الأمة. . . لا يكون هؤلاء هم الذين يشكلون التيار العريض أو الشريحة الكبرى، وحين نرفع مستوى مواصفات الجودة فقد نجد أن حال معظم الخلق مطابق لقوله صلى الله عليه وسلم : "الناس كإبل مئة لا تكاد تجد فيها راحلة".
3 إذا صحّ هذا التشخيص للبنية العامة للعقل الجمعي وللحياة الاجتماعية وهذا إن شاء الله صحيح فإنه يفرض علينا ألاّ نشعر بالطُّمأنينة تجاه أوضاعنا العامة، وألاّ نستكين للرؤى والمقولات والعادات السائدة، وعدم الاستكانة يتطلب من كل من يملك درجة من الوعي والفكر أن يترك مسافة بينه وبين المجتمع الذي يعيش فيه، ونقصد بالمسافة هنا محاولة امتلاك رؤية نقدية للواقع الاجتماعي وإظهار أوجه الخلل التي تكتنفه، وهذه الرؤية هي التي تنقل المثقف من درجة عالم إلى درجة مفكِّر، وبما أن المفكرين والنقاد والمجددين، فيهم الكبار والصغار، فإننا نستطيع القول: إن المجدد الكبير والمفكر الكبير. . . هو الذي يستطيع أن يترك مساحة كبيرة تفصل بين وعيه الفردي والوعي الاجتماعي العام، أما المجدد الصغير. . . فإن المساحة التي يتركها تكون صغيرة، لكن هذا ليس على إطلاقه، ويحتاج إلى شرح وتقييد؛ إذ إن القطيعة مع المجتمع ليست في حد ذاتها بالأمر العسير؛ فقد رأينا من الملحدين والمرتدين من شنوا حرباً ضروساً ضد أهلهم ومجتمعهم، وكانت النتيجة أن لفظتهم مجتمعاتهم وأصمّت آذانها عن انتقاداتهم، مع أن فيها شيئاً من الحق والصواب. العسير حقاً هو أن تكون المسافة بين الوعي الفردي والوعي الجمعي مدروسة للغاية ومثمرة فعلاً، وذلك يتطلب أن يظل المفكر والناقد متواصلاً مع ثوابت المجتمع، ومع مسلَّماته وطموحاته الكبرى في التحرر والازدهار. إنه أشبه بالطفل الذي ينفصل عن والدته، لمصلحته ومصلحتها مع ما في المخاض من آلام له ولها، لكنه بعد ذلك يظل في حجرها، وتظل محتضنة له، كما يظل ولاؤه لها مدى الحياة. إن أعز شيء على العقل الجمعي وعلى الثقافة الشعبية هو التوحد والتضامن والانسجام على مستوى الأعراف والتقاليد وكل أشكال التواصل الاجتماعي، ومن ثم فإن الناس يستوحشون من النقد، ويرون فيه نوعاً من التهديد للأرضية المشتركة التي تجمعهم، وتشتد هذه الحالة حين تكون ذاكرة المجتمع مشحونة بتاريخ مملوء بالحروب الأهلية والفتن والانقسامات الداخلية، كما هو شأن العديد من المجتمعات العربية والإسلامية، وحينئذ فإن المطلوب من المفكرين التلطّف في أسلوب النقد، والقيام بحساب المسافة الفاصلة بدقّة وحرص.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.