"أبل" تسحب واتساب وثريدز من الصين    ألكساندر أرنولد : ليفربول سيبذل قصارى جهده لإنهاء الموسم بشكل جيد    محترف العين: طعم الانتصار على الهلال لا يُوصف    بينالي البندقية يعزز التبادل الثقافي بين المملكة وإيطاليا    الزبادي ينظم ضغط الدم ويحمي من السكري    ثلث أطفال بريطانيا بين سن الخامسة والسابعة يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي    زيدان يقترب من تدريب بايرن    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسبب المرض    «CIA» تحذّر: أوكرانيا مهددة بخسارة الحرب    بعد الفيتو الأمريكي.. استياء عربي لرفض عضوية فلسطين في الأمم المتحدة    موعد مباراة السعودية وتايلاند اليوم    السديري يفتتح الجناح السعودي المشارك في معرض جنيف الدولي للاختراعات 49    رسالة من كاراسكو لجماهير الشباب بعد الفوز على أبها    السينما في السعودية.. الإيرادات تتجاوز 3.7 مليار ريال.. وبيع 61 مليون تذكرة    خطيب الحرم المكي يوصى المسلمين بتقوى الله وعبادته والتقرب إليه    التلفزيون الإيراني: منشآت أصفهان «آمنة تماماً».. والمنشآت النووية لم تتضرر    خطيب المسجد النبوي: أفضل أدوية القلوب القاسية كثرة ذكر الله تعالى    الشاب محمد حرب يرزق بمولوده الأول    أمين مجلس التعاون : عدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية يعتبر خطوة للوراء في جهود تحقيق السلام    أمانة حائل تواصل أعمالها الميدانية لمعالجة التشوه البصري    "العقعق".. جهود ترفض انقراض طائر عسير الشارد    قطار "الرياض الخضراء" في ثامن محطاته    مسح أثري شامل ل"محمية المؤسس"    "الجدعان": النفط والغاز أساس الطاقة العالمية    الطقس: أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    يوتيوب تختبر التفاعل مع المحتوى ب"الذكاء"    فوائد بذور البطيخ الصحية    هيئة التراث ‏تقيم فعالية تزامناً اليوم العالمي للتراث بمنطقة نجران    «استمطار السحب»: 415 رحلة استهدفت 6 مناطق العام الماضي    أقوال وإيحاءات فاضحة !    «المظالم»: 67 ألف جلسة قضائية رقمية عقدت خلال الربع الأول من العام الحالي    الطائي يصارع الهبوط    تخلَّص من الاكتئاب والنسيان بالروائح الجميلة    غاز الضحك !    الفقر يؤثر على الصحة العقلية    مجلس جامعة جازان يعيد نظام الفصلين الدراسيين من العام القادم    الاحمدي يكتب.. العمادة الرياضية.. وحداوية    سلطان البازعي:"الأوبرا" تمثل مرحلة جديدة للثقافة السعودية    "أيوفي" تعقد جلسة استماع بشأن معايير الحوكمة    مصر تأسف لعدم منح عضوية كاملة للفلسطينيين في الأمم المتحدة    أمير الرياض يعتمد أسماء الفائزين بجائزة فيصل بن بندر للتميز والإبداع    تَضاعُف حجم الاستثمار في الشركات الناشئة 21 مرة    المستقبل سعودي    فيصل بن تركي وأيام النصر    في حب مكة !    اليحيى يتفقد سير العمل بجوازات مطار البحر الأحمر الدولي    الجامعات وتأهيل المحامين لسوق العمل    المفتي العام ونائبه يتسلّمان تقرير فرع عسير    أمير الرياض يستقبل مدير التعليم    الرويلي ورئيس أركان الدفاع الإيطالي يبحثان علاقات التعاون الدفاعي والعسكري    نائب أمير الرياض يقدم تعازيه ومواساته في وفاة عبدالله ابن جريس    وزارة الداخلية تعلن بداية من اليوم الخميس تطبيق تخفيض سداد غرامات المخالفات المرورية المتراكمة بنسبة 50%    أمير الباحة: القيادة حريصة على تنفيذ مشروعات ترفع مستوى الخدمات    محافظ جدة يشيد بالخطط الأمنية    شقة الزوجية !    تآخي مقاصد الشريعة مع الواقع !    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على محمد بن معمر    سمو أمير منطقة الباحة يلتقى المسؤولين والأهالي خلال جلسته الأسبوعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آثارنا التاريخية.. اعتزازٌ بالماضي.. أم نظرةٌ حرام؟


الآثار .. هويّة تاريخية ب «تهمة » وثنية
اتفق علماء دين ومفكرون على أن الإسلام لم يحرم الآثار، خاصة آثار الأمم السابقة التى يجب أن يأخذ منها المسلمون العبرة والعظة وقراءة تاريخ هذه الأمم.. «اليوم» طرحت هذه التساؤلات على مائدة نخبة من العلماء والمفكرين : ما رأي الدين فى الآثار وزيارتها؟ وهل هى حلال أم حرام؟ وهل نخشى من طالبان عربية أخرى بعد الدعوات التى ظهرت مؤخرا ، تنادى بتحريم هذه الآثار بحجة أنها تعد أوثانا وأصناما ؟ بداية قال الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالازهر : إن دار الافتاء المصرية أصدرت عددا من الفتاوى التي تحث على ضرورة الحفاظ على الآثار والأماكن التاريخية والأثرية التي ورثناها من آبائنا، معتبرا أن هذه الآثار «من قبيل التذكير بأيام الله»، منتقدا دعاة هدم الآثار.
جهل بالدين
وأشار الدكتور جمعة الى أن العالم الإسلامي يواجه أزمة حضارية وإساءة لصورة المسلمين في العالم وتهديدا للمستقبل، وان بعض المسلمين يصدون عن سبيل الله بغير علم ويشوهون الإسلام بترهات وأقوال مبنية على هواجس مضحكة وجهل بالدين وتاريخه، وأردف د. جمعة قائلا : إن العلماء المسلمين أجمعوا عبر القرون على ضرورة الحفاظ على الآثار ولم يشذ عن ذلك أحد إلا في السنوات الأخيرة .
من جانبه قال د . محمود عزب، أستاذ الحضارة الإسلامية، ومستشار شيخ الأزهر : إن دعاوى إزالة الآثار بعيدة عن دعوة الإسلام السمح، الذي حمل راية المعرفة والعلم للبشرية ونقل تراث الحضارات السابقة، مؤكدا إن الفاتحين الأوائل من الصحابة حاملي راية الدين حافظوا على تراث البلاد التي فتحوها ،
وأضاف د. عزب قائلا : إن الآثار تعتبر من القيم والأشياء التاريخية التي لها أثر في حياة المجتمع والأمة، لأنها تعبر عن تاريخها وماضيها وقيمها، وبالتالى فان من تسول له نفسه ويتجرأ ويدعو للمساس بأثر تاريخى بحجة أن الإسلام يحرم وجود مثل هذه الاشياء فى بلاده فان ذلك يعكس توجهات متطرفة تنم عن جهل بالدين الإسلامي الحنيف. من جانبه أوضح المفكر الإسلامي الدكتور محمد سليم العوا إن الجهل بتعاليم الإسلام وعدم فهمه على الوجه الصحيح سبب لانتشار دعاوى متطرفة لهجر أو حتى هدم الآثار، كونها أصناما وأوثانا، مؤكدا إن الإسلام لم يحرم الآثار، خاصة آثار الأمم السابقة التى يجب أن يأخذ منها المسلمون العبرة والعظة، وأشار الدكتور العوا إلى أن التراث الانساني ليس الأبنية الفخمة التاريخية، لكنه مجموع أفكار وثقافات تراكمت وشكلت هوية وثقافة أى أمة من الأمم.

مفتي مصر السابق يتحدث للمحرر ( تصوير : عادل غنيم )

آراء شاذة
من جانبه أكد الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الاسلامية إن ما ظهر في الآونة الأخيرة من آراء شاذة يدعو إلى هدم الآثار التاريخية أو طمس معالمها رغم أن صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد فتحوا هذه الأمصار ولم يتعرضوا لهذه الموجودات كونها عبرة وموعظة حض الإسلام أتباعه على الأخذ بها، وأضاف إن الحفاظ على الكنوز الرائعة من الحصاد المادي للحضارة الإنسانية، التي يعود بعضها إلى العصر الإسلامي وبعضها إلى حضارات الأمم السابقة، أمر مباح، لذلك فإن الحفاظ على هذا التراث ومشاهدته أمر مشروع ومحمود ولا يحرمه الدين، بل شجع عليه، واختتم قائلا : لا نخشى من طالبان التي تدعو الى هدم الآثار لعدة أسباب أن كل من يتبنى هذه الدعوة ليس لديه أسباب مقنعة تستند لأدلة شرعية ، خاصة أن هذه الآثار فى جميع البلدان التى فتحها المسلمون كانت موجودة ولم يأمروا بهدمها أو حتى سمحوا بالاقتراب منها وهم كانوا أقرب عهدا من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بل كان منهم صحابة جاءوا الى مصر إبان الفتح الإسلامي ووجدوا الاهرامات وأبو الهول وغيرها ولم يصدروا فتوى أو رأيا شرعيا يمس هذه الآثار التى تعد قيمة تاريخية عظيمة.
إن العالم الإسلامي يواجه أزمة حضارية وإساءة لصورة المسلمين في العالم وتهديدا للمستقبل، وان بعض المسلمين يصدون عن سبيل الله بغير علم ويشوهون الإسلام بترهات وأقوال مبنية على هواجس مضحكة وجهل بالدين وتاريخه
أما المفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر فقد أكد إن موقف الإسلام من الآثار بينه لنا القرآن الكريم ، مثلا نجد للقرآن مواقف متعددة إزاء التماثيل، فعلى سبيل المثال في عصر سليمان عليه السلام جعل القرآن الكريم عمل التماثيل نعمة من نعم الله على سيدنا سليمان، فقد قال الله تعالى : «ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير، يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داود شكرًا وقليل من عبادي الشكور» ففي هذه الآية جاء ذكر التماثيل وعمل التماثيل في سياق تعداد النعم التي أنعم الله بها على سيدنا سليمان، ولم تكن تلك التماثيل يومها معبودة من دون الله، ولم تكن خطرا على عقيدة التوحيد، ولم تكن تمثل شائبة تشوب نقاء عقيدة التوحيد. أما في عصر أبي الأنبياء إبراهيم الخليل عليه السلام عندما كانت التماثيل أصنامًا تُعبد من دون الله فإن الموقف القرآني تجسّد في تحطيم سيدنا إبراهيم هذه التماثيل؛ إزالة للشرك وتنقية للتوحيد ومنعا لأية شوائب يمكن أن تغري الإنسان بعبادة غير الله، ونفس الموقف تكرر عندما كانت الوثنية العربية الجاهلية تتخذ الأصنام والتماثيل معبودات، يتقربون بها إلى الله زلفًا، ويجعلونها وسائط بين الإنسان وخالقه، لذلك كان تشريع القرآن الكريم لنبينا (صلى الله عليه وسلم) هو إزالة وتدمير وتحطيم كل هذه الأصنام المعبودة،
وواصل الدكتور عمارة حديثه قائلا : لقد نهى القرآن الكريم عن عبادة هذه الأصنام، وسفه أحلام وعقول الذين يتخذونها معبودات من دون الله، وجسد هذا الموقف القرآني وطبقه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصحابته - رضي الله عنهم - حيث أزالوا جميع ما كان في شبه الجزيرة العربية من أصنام، حتى إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم فتح مكة المكرمة لم يدخل الكعبة إلا بعد تطهيرها من الأصنام والصور المجسدة، وكانت الأصنام تعلوها، حيث جعلها المشركون متحفا لكل ألوان وأنواع الأصنام، وكان الرسول (صلى الله عليه وسلم) والصحابة يحطمونها وهم يتلون قول الله سبحانه وتعالى : «وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا» ، موضحا إن الموقف القرآني والتطبيقات النبوية، سواء على عهد سيدنا سليمان أو قبله، على عهد سيدنا إبراهيم أو في عصر ختم النبوة، فالموقف إزاء التماثيل ليس واحدا، إنما يتعلق بالمقاصد إزاء هذه التماثيل: هل هي مجرد زينة تكون من نعم الله كما كانت لسليمان، أم أنها وسائط في العبادة، وشبهات يجب تحطيمها، كما حدث في ملة أبي الأنبياء إبراهيم، وملة وشريعة خاتم الأنبياء محمد (صلى الله عليه وسلم) ولقد سار صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على هذا النهج الذي لا يعمم ففي الوقت الذى أزالوا فيه التماثيل المعبودة وحطموها، تركوا التماثيل في البلاد التي فتحوها عندما لم تكن معبودة من دون الله.. صنع ذلك في مصر فاتحها عمرو بن العاص، ومعه كوكبة من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فهؤلاء الصحابة الذين فتحوا مصر الذين سبق وحطموا التماثيل المعبودة في شبه الجزيرة العربية هم الذين تركوا التماثيل في مصر، لأنها لم تكن معبودة، ولم يكن نصارى مصر يعبدونها، ولم تكن خطرا على عقيدة الجيش المسلم الفاتح لمصر، ونفس الشيء حدث عندما فتح المسلمون بلاد المشرق وذهبوا إلى أفغانستان، كان ذلك في عصر الخلافة الراشدة على عهد عثمان بن عفان - رضي الله عنه - الصحابة الذين فتحوا أفغانستان رأوا فيها هذه التماثيل البوذية التي كانت موجودة قبل ذلك التاريخ، وتركوها وبقيت حتى عصرنا الراهن، وحدث ذلك أيضًا عندما فتح المسلمون الهند، وتركوا فيها تماثيل بوذا، وعندما فتح المسلمون جزيرة صقلية وتركوا فيها الآثار الرومانية، وبقيت هذه التماثيل والآثار الرومانية حتى عصرنا الراهن.

محمد العقيل
المملكة والتراث.. اعتزازٌ بالماضي لصناعة المستقبل

البداية الجزيرة
في البداية، أكدت الدكتورة ملحة العبد الله الأديبة والناقدة الفنية إن الحفاظ على التراث الثقافي أضحى موضع اهتمام عالمي، كونه أحد المقومات الأساسية لكشف العمق الحضاري للأمم، وأضافت إن التاريخ لا ينفصل عن الآثار، فمثلا عندما يريد علماء البحث الأنثروبولجي تسجيل حضارة شعب ما فإنهم يلجأون إلى آثارهم وتراثهم، لما تحمله من علامات ودلالات تسجل أزمانها ومفردات عصرها، ومن هنا يكون حرص الشعوب على الحفاظ على تراثها وحماية تاريخها،
وأوضحت إنه إذا كان علماء الأنثربولجي لهم فلسفة في توظيف الآثار والتراث، فإن نظرتنا كمسلمين لها قد تكون مغايرة، حيث نأخذ منها العبر والآيات التي تزيد قوة الإيمان بالله وقدرته على خلقه. كما تحثنا على التدبر والتفكر في أمور الدنيا والآخرة، وبالتالي منتهى الخشوع لقدرته عز وجل، وأشارت إلى أن المسألة الحضارية بتاريخها وتدوينها أمر مهم، موضحة إن هذا هو شغلها الشاغل خلال هذه الفترة، حيث إنها الآن في طور الانتهاء من تأليف كتاب عن الجزيرة العربية وتاريخها ومنشأ الإنسان بها ، وقد استعانت بالعديد من المخطوطات القديمة التي يرجع تارخها إلى مئات السنين إن لم يكن آلاف السنين، وكذلك تلك الأحجار ذوات الحفر باللغات العربية الجنوبية وغيرها مما هى محفوظة في متحف إيدن بإنجلترا، لافتة إلى أن المخطوطات جزء من التراث، وأن مفهوم كلمة آثار لا ينبغي أن يقتصر فيها الأمر على الحجر أو الشجر، بل على كل خطوة،
واضافت الدكتورة ملحة إنها رصدت آراء المستشرقين، موقف الباحثين العرب وإن كانت رؤى بعضهم قناديل، إلا أن كثيرا منها يكتنفه الزيف والتضليل، موضحة إن مؤلفها الذي يحمل عنوان ( الجزيرة العربية أنساب وعادات) سيكون رسالة إلى مواطن سعودي من أجل أن يكون له دور في حماية آثار المملكة، وثمنت الدكتورة ملحة عبد الله الجهود التي تقوم بها حكومة خادم الحرمين الشريفين من أجل حماية آثار المملكة والحفاظ على تراثها وتحصين تاريخها من أي خطر، ولتنفيذ ذلك فقد اهتمت المملكة بالآثار والسياحة اهتماما واضحا، تمت ترجمته في إنشاء الهيئة العربية للسياحة والآثار، فضلا عن تشجيع السياحة الداخلية بشكل ملحوظ حتى سجلت أبها الصيف الماضي أعلى نسبة سياحة داخلية، بفضل العناية والاهتمام بالقصور والآثار والمتنزهات والحدائق العامة، أضف إلى ذلك تطوير وادي حنيفة ووادي نمار، والدرعية التاريخية وجدة التاريخية ، وكذلك متحف روائع آثار المملكة وغيرها، ما يتناسب وطبيعة المملكة الآن لتجمع بذلك بين السياحة الدينية والسياحة الداخلية،
وأضافت إن القاصي والداني لم يعد يخفى ما تبذله من جهود الهيئة العامة للسياحة والآثار السعودية وعلى رأسها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، بهدف تنشيط هذا المجال، حيث إقامة المتنزهات والعناية بالمتحف والآثار، بجانب إقامة معرض ( روائع آثار وكنوز المملكة عبر العصور ) بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين وعدد من الدول الأوروبية وأمريكا والعالم، ليشاهدوا روائع تاريخنا عبر العصور المتتالية وما تزخر به المملكة من إرث حضاري كبير، وما تمتلكه من مقومات حضارية، حيث ضم المتحف ما يقرب من ثلاثمائة وعشرين قطعة أثرية من التحف المعروضة في المتحف الوطني بالعاصمة الرياض ومتحف جامعة الملك سعود وعدد من متاحف المملكة المختلفة. كما تضم قطعا من التي عثر عليها في التنقيبات الأثرية الحديثة وتغطي قطع المعرض الفترة التي تمتد من العصر الحجري القديم ( مليون سنة قبل الميلاد ) حتى عصر النهضة السعودي، وتمر هذه الفترة الطويلة بالعصور الحجرية ثم بفترة العبيد ( الألف الخامس قبل الميلاد ) ثم بفترة دلمون ثم فترة الممالك العربية المبكرة، ثم الممالك العربية الوسيطة والمتأخرة ثم فترة العهد النبوي ثم فترة الدولة الأموية والعباسية والعصر الإسلامي الوسيط والمتأخر ، وأخيرا فترة توحيد المملكة العربية السعودية، وما تلاها من تطور وازدهار يتضح في كافة مجالات الحياة وبخاصة فيما يقدمه خادم الحرمين الشريفين، وقد لاقى ذلك اهتماما عالميا وفي فرنسا على وجه التحديد، التي أقيم معرض بقاعة نابليون في متحف اللوفر بباريس، زاره ما يقرب من ثمانية ملايين زائر في احتفال كان يليق بمكانة المملكة وإرثها الحضاري.
دور الإعلام
من جانبه اتفق المستشار محمد بن عبد العزيز العقيل الملحق الثقافي السابق بسفارة خادم الحرمين الشريفين بالقاهرة، على أهمية الاعتزاز بالتراث، موضحا أن المملكة تبذل جهودا كبيرة من أجل الحفاظ على التراث المتنوع بكل أشكاله، وهي تأخذ بعين الأعتبار التجارب العالمية المتميزة في الحفاظ على التراث العمراني وتنميته، فضلا عن تطوير الصناعات اليدوية التقليدية التي تعد إحدى خصوصيات الموروث الثقافي للبيئة السعودية وتوظيفها سياحيا.
ودعا العقيل جميع أبناء المملكة الى أن يقوم كل منهم بدوره من أجل المساهمة في الحفاظ وحماية التراث السعودي، موضحا الدور الذي ينبغي أن يقوم به الإعلام في ذلك، سواء بالاقتداء بما فعلته صحيفة ( اليوم ) في إثارة ملفات تسلط الضوء على التراث أو غير ذلك من برامج إبراز هذه القضية ذات الإرث التاريخي، موضحا الدور الرائد الذي يمكن أن تقوم به الصحافة من حيث الإسهام في التشكيل الثقافي وحفظ معالم الهوية الوطنية، مشيرا إلى أنه كم كان هناك من دور فاعل للصحافة سواء من حيث إسهامها فى حفظ صور لأحداث من ماض تليد أو حاضر مجيد أو رصدها لذلك الإرث للأجيال الشابة والناشئة للاطلاع على تاريخ بلادهم، وأضف إلى كل ذلك ما تشكله الصحافة من سجل حافل فى سبيل توثيق ذاكرة الوطن التاريخية،
واضاف العقيل إن المملكة سبق أن سجلت حضورا بارزا في مشهد التراث العالمي، خلال الاحتفال باليوم العالمي للسياحة الذي كان بعنوان ( دور السياحة في التقارب بين الثقافات والشعوب )، وبالفعل كانت المملكة قد طبقت هذا الشعار خير تطبيق، بفضل تلك الجهود الكبيرة التي تبذلها الهيئة العامة للسياحة والآثار بقيادة ربان سفينتها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، حيث كانت المساعي من أجل تحويل السياحة إلى قطاع منتج اقتصاديا ومثمر ثقافيا واجتماعيا، وموفر لفرص حقيقية للنمو والاستثمار تصب في مصلحة الوطن والمواطن، الأمر الذي فرض على الهيئة القيام بتعزيز الثقافة السياحية في المجتمع ونشر المعرفة في هذا المجال. كما أطلقت عددا من الجوائز التشجيعية لدعم جهود التوعية والتميز، مثل جوائز عكاظ للحرف والصناعات التقليدية، وجوائز التميز السياحي للمنشآت والبرامج السياحية، ومسابقة العدسة الذهبية للتصوير، كل ذلك بهدف التعريف بالمملكة وما تزخر به من مواقع سياحية.
فخر عربي
من جانبها ثمنت السفيرة سامية بيبرس مدير الإدارة الثقافية وحوار الحضارات بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية، جهود المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين في الحفاظ على التراث والآثار التي تزخر بها المملكة، التي بدورها تمثل انعكاسا واضحا لعمق الحضارة في الجزيرة العربية، موضحة إن هذه الجهود مدعاة للفخر لكل عربي ، وينبغي تضافر جهود الجميع ووضع البرامج والإستراتيجيات اللازمة حتى يتم التسويق لهذه الآثار والتراث المتفرد الموجود بالمملكة، لأن هذا التراث وإن كان داخل المملكة جغرافيا إلا أنه على الجانب الآخر هو تراث للعرب والمسلمين إن لم يكن ملكا للإنسانية جمعاء،
وأضافت السفيرة سامية بيبرس إنها تتابع عن كثب ما تقوم به المملكة من جهود ممثلة في الهيئة العامة للسياحة والآثار من أجل تهيئة المواقع التراثية حتى تكون متاحة أمام الراغبين في زيارتها والسائحين، خاصة إن المملكة تتمتع بمقومات سياحية عالمية رائعة، خاصة تلك المواقع الأثرية ذات الطراز العمراني العريق الذي يعكس عمق الحضارة القديمة في الجزيرة العربية.


الأمم تستقي تاريخها المأمول من حضارتها

الأمم التي بلا ماضٍ لا حاضر لها، هذه المقولة الصحيحة كثيراً، ما تؤكد ضرورة الحفاظ على الهوية التاريخية، ومحاولة انتشالها من براثن الجهل أو التنكر أو الإهمال.
ومسؤولية الحفاظ على الكنوز الحضارية مسؤولية جماعية، وليست مسؤولية الدولة وحدها، لأنها تعكس اهتمام الفرد بمجتمعه بكافة صوره، القديمة والحديثة، وعن كيفية التعامل مع هذه الكنوز كان هذا التحقيق:
تنمية وتطوير
يقول السعودي فيصل العمري ماجستير النقل البحري بالاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا: إنه يجب على المتخصصين والمسئولين العمل على تنمية وتطوير المواقع التاريخية في مختلف مناطق المملكة والعمل على تشغيلها استثماريا دون أن يؤثر في أصالتها وقيمتها التاريخية والفنية. ، مع الاستعانة بالخبرات التقنية والفنية للعمل صيانة الكنوز التاريخية ،والحفاظ على العديد من الأثار التي أهملت نتيجة لعدم استثمارها سياحيا، فالمملكة على سبيل المثال لا يوجد بها إلا السياحة الدينية، وهذا يكفي ولكن يوجد بالمملكة مناطق أثرية وتاريخية رائعة ولها أبعاد دينية فقد مر بها أبناء الصحابة، أما المناطق الأثرية فيجب تطويرها لان معظمها مبني من المواد (الطين والحجر )، وعلينا الحفاظ على المناطق التاريخية لتأكيد الهوية الوطنية وبناء شخصية المدينة السعودية في الحاضر والمستقبل، وعن النظرة المستقبلية .. يجب على المتخصصين بالتعاون مع الجهات المسئولة الاهتمام بالكنوز التاريخية من حيث تطويرها وإعادة ترميمها والحفاظ عليها وتأمينها، هذا بالتعاون مع جميع أبناء المجتمع لخلق مناخ فكري واقتصادي يهتم بمستقبل التاريخ، وبناء وعي اجتماعي كمصدر هام للثقافة محليا وخارجيا وكمصدر اقتصادي متجدد.
شواهد تاريخية
يقول الطالب محمد مبارك (ماجستير بكلية العلوم جامعة القاهرة) انزل الله سبحانه آدم على الارض واخلفه فيها لتتوالى منذ ذلك الحين سلسلة التطور وعلاقة الانسان مع مجتمعه وبيئته بما تضم من اطر فكرية واجتماعية لنصل من تلك الحقبة الى ما نحن عليه الآن من نعم يعرف المرء بهويته وتعرف الامم من تاريخها الذي ما ان فُقد فُقدت الامة ووجد الفراغ الثقافي بلا اسس لتطورها.
ان تلك المباني والاثار بما حملته من احداث هي احد الشواهد التاريخية التي تبنى عليها القيم الثقافية الحديثة في خضم تلك التقاليد التي تحيا وتزدهر يبني الاجداد للابناء ويطور الأبناء لأبنائهم ويُصنع التاريخ. من منا لا يعلم ولا يرى الشواهد التاريخية بالمملكة العربية السعودية منذ بداية الخلق لتوالى العصور حتى بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وتستمر المكانة الاسلامية بها التي اضاءت على الارض حتى توحيد المملكة العربية السعودية على يد جدنا المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز ال سعود ليصون ذلك التاريخ ويحفظه ابناؤه حتى عهد والدنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز "حفظه الله" الذي بذل كل مجهود للحفاظ على تلك الموروثات بشكلها وحفظ تاريخها وقيمها ليعلم كل ابناء الشعب ما صُنع من تاريخ عظيم يجعلنا نبني عليه مستقبلا اعظم. وأضاف معتز الملا طالب سعودي (عمارة بجامعة الملك فهد بترول ومعادن بالظهران )..بداية نحتاج تفنيد ما هو كنز وما هو دخيل على هذا الكنز .. ولا بد من الوعي بهذه الكنوز والنظر لجمالياتها وإدراك ما هو قبح للابتعاد عنه .. فالتجارب السابقة كثيرة لا حصر لها .. وانتقاء كلٍ من الناس لها يعبر عن فلسفته لهذه الحياة .. التاريخ هو المرجع الذي لا يمكننا التخلص منه .. فنحن امتداد آباء تركوا الدنيا في الماضي دافعوا عن قضايا نأكل من ثمارها الآن .. أعني أن نعيش بوسطية .. وبمبادئنا الممتدة من التاريخ الجميلة .. لكن بترجمة لواقعنا كلٌ كما يُسِّر له ..
وما أحوجنا أن نؤمن بأن الله قد اختار لنا هذا الزمن ولم يختره لجيل آخر .. ومن تمام هذا الإيمان ألا نندب حظنا على هذا الزمن!
أرض خصبة
وأضافت الطالبة السعودية رضية الأخضر (ماجستير بكلية الفنون الجميلة –جامعة حلوان) التعامل مع كنوزنا التاريخية لا بد وأن يكون بالمحافظة عليها والتمسك بها في جميع المجالات ويكون ذلك بالحفاظ على ما يسمى ي (الأصالة) . وبما أنني من المهتمين بالفن التشكيلي فيمكنني تحقيق ذلك من خلال أعمالي الفنية المستقبلية بالحفاظ على رموز تراثنا وإدخالها في تكوينات تلك الأعمال والتعبير من خلالها عن مدى قيمتها التاريخية وهذا بلا شك يزيد من أعمالي ثقلاً فنياً وجمالياً للمتذوق لها ، وهذه من المهام التي تقع على عاتق كل فنان بشكل خاص نشأ على تلك الأرض التي احتوت تراثه وكنوزه التاريخية ، فلا بد من التمسك بجذورها ورموزها في أعماله .
وبالنسبة للمملكة فيها أرض خصبة بتلك الكنوز والتراث القيم ولكن نحتاج من يلقي الضوء عليها بشكل أكبر ويظهرها للوجود حتى تتغير نظرة الآخرين لها فاتحين المجال للتعرف على تلك الكنوز والتراث.
مسؤولية وطنية
من جهتها، تقول سهى شريف طالبة دكتوراه بكلية الفنون الجميلة جامعة القاهرة: إنه يجب الحفاظ على تاريخنا وتراثنا، وهذا ليس بالترميم لبعض الأماكن ذات الصيغة التاريخية فقط وإنما تطوير هذا التراث بما يتناسب مع الوظيفة الحالية التي يجب أن يقوم بها، ومن ذلك تغيير الصيغة الوظيفية لبعض المباني كتحويل أحد القصور التاريخية إلى متحف أو مكتبة عامة، ومن الطبيعي أن هناك نماذج غير قابلة للتحوير والتغيير ومسايرة التطورات الجارية في متطلبات الحياة، أما مستقبلا فعلينا الحفاظ على كنوزنا التاريخية، خاصة ومعظمها لم تمتد إليه يد التغيير الحديث بشكل عنيف، لذا يتطلب على المتخصصين والمسئولين بالتدخل السريع للصيانة والمحافظة على نماذج البناء والابنية العامة والقيام بتقويمها ودراسات مكثفة للحفاظ على الطابع المميز لمدننا وعدم التسرع في عمليات الهدم والإزالة بقصد التجديد غير المدروس، فالمسئولون والمتخصصون يقع هذا على عاتقهم في الحفاظ على الطابع المميز لكل مدينة سعودية .
يقول الدكتور أحمد محمود دقماق أستاذ العمارة والفنون الإسلامية، جامعة القاهرة: إن الكنوز التاريخية هي ما يقصد به كل التراث الإنساني المادي والفكري لأمة من الأمم، عاشت في فترة زمنية سابقة، وذلك على مساحة محددة من الأرض، وهو في هذه الحالة يمثل أفكارهم ومعتقداتهم وطرق معيشتهم ومدى تطورهم في ميدان الحضارة البشرية، ومن هذا المنطلق فإن التراث الإنساني هو بشكل أساسي ملك للأجيال المتعاقبة على ذات البقعة الأرضية المنتج عليها، وهو أيضا بالضرورة ملك للبشرية التي تعيش على البقعة الأرضية الكبري وهى كوكب الأرض، ولذلك فإن هذا التراث البشري الذي كلما مر عليه الزمن أدخله المتخصصون في تصنيفات عالمية، وأدرجوه ضمن كنوز البشرية التاريخية واجب الحفاظ عليه بكل الطرق من أي أفكار غير منصفة أو ذات توجهات غير معتدلة، وأيضا وجبت حمايته من أيدي من لا فكر لهم.
حكمة التاريخ
أما الدكتور عبدالحكيم العبد أستاذ بمركز اللغات والترجمة اكاديمية الفنون بالجيزة، فيقول إن التاريخ يكون للتدبر والتأمل والسير في الارض، ومن ثم فإن الحفاظ على الآثار الاسلامية والاهرامات جزء من إثبات معجزة الإسلام ومصداقية القرآن الكريم فيما حكى عن الأمم الغابرة.. لاسيما أن يعرف الدول الأوروبية الجانب التاريخي للشعوب العربية، وعلى الدول العربية والإسلامية المحافظة عل كنوزها التاريخية، فلابد من الاهتمام الحضاري الحديث بالآثار والتاريخ، بأن يتواكب مع الوعي الديني الإسلامي لكي يكون لنا ذكرى ودرس قائم وإعلام مستمر ونافع للغد للتعرف على الحضارات وما ينتفع بها، أما كيف نحافظ على التراث فلابد من تطوير وزارة الثقافة والآثار ونجعلها على وعي تام.


عن الآثار.. حدّث ولا حرج؟!

نظرية النمل والنحل
فى البداية، أشار الدكتور مصطفى الضبع أستاذ نقد الأدب الحديث ووكيل كلية دار العلوم بالفيوم قائلا: مستعيراً نظرية النمل والنحل التي وضعها الدكتور زكي نجيب محمود في كتابه "قيم من التراث " فإن الأمم والشعوب في تعاملها مع تراثها تنقسم نوعين : أمم نملية تجمع وتحافظ دون تطوير.وأمم نحلية تجمع وتحافظ مطورة إلى أحسن صورة (عسل النحل ) .وليس هناك تراث لا يمكن مراجعته وتطوير الإفادة منه . وليس هناك تراث غير قابل للتطوير وفق مناهج الحياة العصرية .ونحن أمة ذات تراث عريق لا جدال في ذلك ولكننا أمة يشبه تراثها شخصاً يمتلك طائرة يتباهى بها رابضة في حديقة منزله ولكنه لا يعرف كيف يستثمرها أو يفيد منها نفسه أو الآخرين . وهو ما يجعل العالم المتحضر كله أكثر إفادة من تراثنا (راجع حالة مئات المخطوطات التي تدين البشرية (لا نحن) للمستشرقين في الكشف عنها وتحقيقها وراجع تجربة ألف ليلة وليلة خاصة) وإننا لا نعرف قيمة تراثنا إلا وهو في أيدى الآخرين (نكتشف الآثار القديمة لنبيعها أو ليثمنها الغرب ويظل فخرنا بأنها تنتمي لثقافتنا.
وأضاف: نعيش ازدواجية غريبة : نعبد الماضي ونفرّط في أهم مكتنزاته وفق نظرة شديدة المادية تقوم على ضرورة ترجمة التراث إلى أرصدة في البنوك ، أرصدة يتذبذب موقفها حسب طبيعة الظروف الاقتصادية والمالية الأكثر تذبذباً في مقابل رصيد إنساني تزيد قيمته مع مرور الأيام . ما لم نتخلص من هذه النظرة فمآلنا خارج تاريخ الوعي الإنساني فحتى الآن نكتفي بالتشدق بأننا أبناء حضارة سبعة آلاف سنة ويكتشف الباحث – بقليل من التدقيق – إننا لم نصل لحضارة سبعة آلاف ثانية .وإن عبئاً هائلاً على المؤسسات التعليمية والأكاديمية والإعلامية لتغيير هذه الثقافة شديدة الرجعية لنقف على أهم مكتسباتنا الإنسانية دون التفريط فيها .
العربي المسلم
وأوضح الدكتور أيمن تعليب أستاذ النقد الأدبى بجامعة قناة السويس قائلاً :يتم التعامل مع الماضى بصورة هروبية أو تدميرية وكلاهما يؤدى إلى نهاية واحدة وهى الخصام مع تراث الأجداد . وهذا الخصام مع تراث الأجداد يعكس في الحقيقة خصاما على النفس ومع الذات والهوية فعندما يفقد الإنسان العربى المسلم توازنه بين الماضى والحاضر والمستقبل تحدث أمراض الهروب والتدمير وفقدان الهوية ولكن لو تعامل العربى المسلم بمنهج احترام الذات واحترام الهوية لأحترم حاضره الذى لا ينفك فيه ماضى الأسلاف مع حاضر الأحفاد مع أحلام المستقبل .
المؤسسات التاريخية
وقال الدكتور أنور فودة :من أشهر حوادث حرق الكتب من قبل حكام المسلمين حرق كتاب الإمام الغزالي (إحياء علوم الدين) في عهد يوسف بن تاشفين وحرق مكتبة ابن حزم الأندلسي المتوفى سنة 456ه بأمر من المعتمد بن عباد في الأندلس. ففي عام 48 ق.م أحرقت جميع الكتب الملحقة بمعبد أبولو في اليونان وفي عام 54م أمر القديس بولس بإحراق جميع الكتب الموجودة في مدينة أفسوس ولما تدخل الرومان بقيادة القيصر في الصراع على السلطة في مصر لنصرة كليوباترا ضد أخيها بطليموس ال13 أحرقت مكتبة الإسكندرية ودمرت تماما عام 48 قبل الميلاد. وعندما احتلت أميركا العراق عام 2003 أغارت بدورها على كنوز المسلمين المعنوية بوحشية لا توصف فدمرت المكتبات والمساجد والمتاحف والمآثر ومن أهم ما سجله الإعلام العالمي مكتبة جامعة الموصل ومركز المخطوطات التابع للمتحف العراقي المكتبة الوطنية ودار الوثائق القومية ومكتبة وزارة الأوقاف وأرشيف الإذاعة والتلفاز العراقي ومركز صدام للفنون.
يتم التعامل مع الماضى بصورة هروبية أو تدميرية وكلاهما يؤدى إلى نهاية واحدة وهى الخصام مع تراث الأجداد . وهذا الخصام مع تراث الأجداد يعكس في الحقيقة خصاما على النفس ومع الذات والهوية فعندما يفقد الإنسان العربى المسلم توازنه بين الماضى والحاضر والمستقبل تحدث أمراض الهروب والتدمير وفقدان الهوية .
مستقبل أفضل
ومن جهة أخرى قالت منى ماهر عضو اتحاد كتاب مصر :لأننا فقدنا التواصل مع الماضى ومع التاريخ وضربنا بكل قديم عرض الحائط رغم أن القديم هو من يصنع المستقبل ويصنع الحاضر.وعندما نتحرر من الماضى بشكل خاطئ عندها فقط ستعصف بتاريخنا وهذه مأساة لأن الماضى هو عتبة الدخول للحاضر وكلما احترمنا الماضى والتاريخ وتعلمنا منه سيكون لنا مستقبل باهر بإذن الله فمن لا ماضى له لا حاضر له .وترك الماضى هو فقدان القيمة فنحن بلا ماض لا قيمة لنا لأننا نتعلم الحاضر من الماضى ..والماضى يضيف لنا التجربة ويعلمنا كيف نحترم الحاضر وكيف نصنع مستقبلا أفضل .فليحترس الجميع قد يكون الحاضر بلا منطق ولا يضيف لنا .
الثقافات الأخرى
وأشار الشاعر سعيد عبد المقصود قائلا :نتعامل مع كنوزنا التاريخية بالتهريب وتعاملها مع أنها منقولات مادية شديدة الثراء وذلك نظرا للانفلات الأمنى وعدم وجود دولة من الأساس بعد فترة رخاء لمن يريد الثراء السريع دون أى مجهود .أم من ناحية القيمة على العكس هى زادت قيمتها التاريخية لكن نحن لا نعلمها بالضرورة والتى جيداً هم أصحاب الثقافات الأخرى الذين يبحثون عن تأصيل لهويتهم لأعضاء حضارتهم صبغة تاريخية تجابه الحضارة الفرعونية القديمة .
الوثائق التاريخية
ومن جانب آخر، قال الدكتور محمود طارق من نماذج إهمال الوثائق التاريخية والاستهانة بها ما سجله التاريخ عن الوثائق المصرية إذ في عهد محمد على باشا أنشأت (الدفترخانة) أول مؤسسة للعناية بالوثائق التاريخية. وكانت بمثابة أرشيف الدولة الذي يضم وثائقها. وعندما أصبح أحمد فؤاد ملكاً على مصر. استقدم الخبراء من إيطاليا وفرنسا لإقامة دار وثائق تاريخية خصص لها مبنى خاص في حرم قصر عابدين نقل إليها عدد من وثائق الدواوين السيادية الرئيسية من دار المحفوظات وقام الخبراء بتنظيمها وتسجيلها وبعد ثورة يوليو تم إخلاء دار الوثائق ونقلت السجلات ومحافظ الوثائق وتم تكديسها بالدور الأرضي من القصر وفي عام 1971 نقلت الوثائق مرة أخرى إلى قصر الحرملك بالقلعة. وظلت الوثائق في مرقدها الجديد حتى عام 1990 عندما تقرر الانتقال إلى المقر الجديد لدار الوثائق التاريخية القومية. وخلال كل هذه التنقلات تعرضت الكثير من الوثائق الخطيرة والهامة للتلف والضياع وما زالت العديد من وثائق مصر التاريخية الهامة خارج دار الوثائق.
أسلوب تجارى
وأكد الفنان منير مكرم :هو لا هذا ولا ذاك وإنما هو نوع من الجهل وعدم ادراك قيمة هذه الكنوز التاريخية والتعامل معها بأسلوب تجارى ونفعى شخصى .وكل مشكلة ترجع لعدم الانتماء ولو هناك انتماء لبلدنا لم يحدث تهريب الآثار ولم يسرق الدعم .ولو هناك انتماء لم يكن هناك زبالة ولا بلطجية .
القيمة التاريخية
وأكدت الكاتبة سونيا بسيونى : بلادنا تمتاز بحضاراتها العريقة وكثرة آثارنا الغالية جدا والتى تحكى تاريخ مصرنا فلابد للجميع أن يحافظ على هذا التراث الغالى .فالبعض لا يعرف مدى قيمتها أساسا لذا يقوم بالتفريط فيها إما بالبيع أوالأهمال لأنه لا يعرف قيمها .أو ربما يحتاج للمال لضيق العيش عنده أو ربما يحهل مدى القيمة التاريخية لهذه الآثار التى تعلن دائما عن تواجد مصر منذ القدم .ولابد من الاهتمام أكثر بهذا الموضوع والتوعية المستمرة لتجنب مثل هذه الأشياء .
فرص ومكاسب
وأشار المخرج شادى خطاب قائلا : فميراثنا من الاجداد له قيمته التاريخية ولكن دائما ما تأتي الحاجة الى الاساسيات في الحياة برغبة البقاء أقوى من الحفاظ على الموروثات و تأتي أيضاً الحاجة إلى طمع الاقتناء و المال الى الهدر والاهدار وقد تعامل المحتل مع تلك الموروثات على انها ذات قيمة وأقنع المواطن في تلك الفترة على انها فرص و مكاسب ففقدت اهميتها بالنسبة لنا واستفاد هو.

المعتصم الكيلاني (سوريا)
الشارع العربي يبحث عن التخطيط المفقود لحماية آثاره
تلعب الاثار دوراً بارزاً فى كتابة التاريخ، والأهم أنها قيمة تراثية لا تقدر بمال، وتعتبر جزءا اساسيا من مكونات تاريخ وحضارة وهوية تلك الأمة التى تشكل وثيقة عهد بين الاجيال السابقة والحالية والقادمة، وتمنح الأجيال القدرة على الاعتزاز بتراثهم وتاريخهم بل وتشكل ثروة للبلد المكتشف فيه تلك الآثار..(اليوم) استطلعت آراء الشارع العربي بشأن اهتمام الدول بالآثار وكيف يمكن الاستفادة منها فى ظل الظروف المتاحة.
القيمة التاريخية
في البداية، قال المعتصم الكيلانى، محامٍ سورى، إن الاثار السورية لم تلق اهتماما فى بلاده فى ظل النظام السورى طيلة 43 عاماً، وكان الاهتمام يأتى من سكان المنطقة الذين دائماً ما كانوا يحرصون على الاهتمام بالآثار لمعرفتهم بتاريخها وقيمتها التراثية، وأشار المعتصم إلى أن هناك الكثير من المناطق الاثرية التى تعرضت لقصت قوات النظام على الرغم من أنها تعتبر حسب اليونيسكو من المعالم الاثرية العالمية.
وابدى المعتصم تخوفه من تكرار المشهد العراقي فى التعامل مع الآثار مثلما حدث اثناء الغزو العراقي والانفلات الامنى وسرقة الآثار العراقية وتهريبها إلى الخارج، مضيفاً ان الثوار يحاولون تشكيل لجان لحماية المواطنين غير المسلحين والحفاظ على اثار سوريا من الضياع.
اجراءات صارمة
ومن جانبها، قالت بسمة الحسومي، طالبة تونسية بماجستير العلوم الثقافية، إنه "للأسف الشديد لا أرى تعاملاً واعياً من البلدان العربية في التعامل مع الآثار حيث لا تقوم المؤسسات المختصة في حماية آثار البلاد" مضيفة أنه من المفترض ان تحمي السلطات بعض الأماكن الاثرية من الهدم واعادة بناء أبنية اخرى محلها، بالإضافة الى أن السلطات فى بعض الاحيان لا تتخذ اجراءات صارمة حيال المعتدين على ثروة البلاد.
وأشارت بسمة الى أن ضعف الابحاث العلمية في الوطن العربي ساهم بطريقة أو بأخرى في التعامل السلبي مع آثار بلاده، قائلة "التعامل مع الآثار يتطلب تخطيطا وبرمجة دقيقة لا تعاملا اعتباطياً". وأضافت بسمة: إن التقصير من قبل الدول العربية ازاء اثار بلادها يجعلها مستهدفة من قبل اعداء الوطن والباحثين عن الثروة على حساب هدم ومحو قيمتها التاريخية، وطالبت بسمة بطرح الموضوع جدياً وإقامة مؤتمرات وندوات لمعالجة اسباب هدر بعض الاثار والمحافظة على بقية مخزونها للأجيال القادمة.
التسويق والتعامل
وفى ذات السياق، أشار حمادة عبد الوهاب، طالب الاذاعة والتليفزيون بكلية الاعلام، الى أن هناك الكثير من المواقع الاثرية الهامة أصبحت تتعرض للسرقة والنهب فى مصر، مضيفاً ان هناك الكثير من المواقع الاثرية بلا حراسة او تأمينات خاصة عقب الانفلات الامنى التي أصبحت تشهده مصر بعد ثورة 25 يناير.
وأوضح حمادة أنه بالرغم من اهمية الاثار التى توجد فى بلاده إلا أن مصر ينقصها التسويق الجيد لما تملكه خيث تبلغ ثلث اثار العالم، بحسب قوله. قائلاً "لذلك يجب أن تعيد مصر النظر فى منظومة التعامل مع الاثار وتضع اشخاصا قادرين على إدارة الموقف بشكل صحيح"، وأضاف حمادة: إن عمليات تخرين الاثار فى المخازن هى اللطمة الكبرى حيث ان هذة الآثار يحب ان تعرض للجماهير حتى تجذب السياح المصريين والاجانب.
تأجير الآثار
ومن جانبها، قالت إيناس شعبان، طالبة ماجستير الصحافة بجامعة القاهرة، إن بلادها تتعامل سلبياً مع الاثار، فهى تتخذ من الآثار وسيلة لزيادة الدخل من السائحين وليس بالقدر ذاته من العناية وجذب العالم حول القيمة التاريخية لآثار الأجداد. واستنكرت ايناس ظهور دعوات تنادى بهدم ابو الهول أو نقل بعض الاثار إلى الخارج، قائلة «ظهرت فى الفترة الاخيرة شائعة تأجير الآثار المصرية مقابل 200 مليار جنيه .. ولكن للأسف هم لا يعرفون أن قيمتها التاريخية لا تقدر بمال».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.