الدموع هي أجنة العيون التي تولد عبر مخاض الحزن الأليم، الذي يعصر الفؤاد والجسد. وهي براعم الأسى التي تبدأ كبيرة ثم لا تلبث أن تعود كما كانت جنينا صغيرا ليستقر في رحم كل عين. فعندما يشعر المرء بالحزن، إما لفراق حبيب أو لظلم وقع عليه، فمن الطبيعي أن تبدأ هذه القنطرة الملحية بالتساقط معلنة الحداد والحزن. ولكن ما ليس بطبيعي أن تشق هذه الدموع طريقها عبر وجوه سعيدة مبتسمة، وأن تنهمر غزيرة كالمطر صافية كالدرر عندما نشعر بالسعادة. وقد أطلقنا عليها تعبيرا مضحكا وهو(دموع الفرح). تساءلت كثيرا وما زلت: هل للفرح دموع، ولماذا نبكي عندما نفرح؟. ربما الخوف من السعادة التي أصبحت حلما لا يرى إلا في المنام أو هو العهد الذي أخذناه على أنفسنا منذ أن كنا في ظلمات ثلاث، وهو أن نكون بمستوى هذه الظلمات التي خرجنا منها. وأن لا نجعل للفرح مكانا في عالمنا. وإن صادفناه يوما لا بد أن نخلطه بشوائب الألم والأسى ونمزجه ب (دموع الفرح) لكي نصبح آدميين حقا. والأمر المضحك هو أن البعض يعزي هذه الدموع إلى طبيعة الإنسان وما فيه من أنس وإنسانية تجعل ابتسامته العذراء لا بد وأن تشق طريقها وسط الدموع. ولكني استبعد ذلك حتما؛ لأن هذا المخلوق يفتك ويقتل ويكذب. وفي النهاية يكلل أفراحه بدموع عذبة كشلال ماء نقي!!. أظن أن قسوة الحياة تجعلنا نحذر منها ونحسب لها ألف حساب حتى في سعادتنا وفرحتنا، ونذرف الدموع في الفرح كما نذرفها في الحزن والألم.