أكد رئيس لجنة الاقتصاد والطاقة بمجلس الشورى، عبدالرحمن الراشد، ضرورة تحديد جهة واحدة رسمية تكون صاحبة الصلاحية في إدارة خطط رفع المحتوى المحلي على كافة المستويات بطريقة علمية تتناسب مع امكانات الدولة الحالية، وتندرج تحتها كل البرامج الأخرى مثل برنامج وزارة الدفاع وبرنامج شركة أرامكو (اكتفاء) وغيرهما. مشيرًا إلى أنه يعد مشروعًا بهذا الخصوص سيتم عرضه على مجلس الشورى لدراسته ورفعه للمقام السامي، متمنيا أن يرى هذا المشروع النور قريبا. وطالب الراشد بفتح القطاعات الحيوية، وتشجيع الاستثمار، وسن تشريعات واضحة ومرنة؛ لخلق حجم اقتصادي يمكن من خلاله تصدير الفائض من الخدمات. ■ من واقع بدء الاقتصاد الوطني دخول مرحلة جديدة من التطور عبر برنامج التحول الوطني ورؤية 2030، ما أبرز التشريعات الاقتصادية التي يناقشها مجلس الشورى لمواكبة التطورات الاقتصادية؟ * مجلس الشورى يعمل بحسب نظامه على دراسة ما يحال له من الأنظمة ويمارس دوره الرقابي من خلال مناقشته لتقارير الأجهزة الحكومية. ■ هل نحن مستعدون لهذا التحول.. وهل للمجلس دور في هذا؟ * اعتقد أن الجهات التنفيذية المعنية بتطبيق المرحلة لديها دراسات واضحة لهذه المرافق من النواحي الإدارية والمالية؛ لتكون جاهزة للتخصيص. ■ إلى أي مدى يمكن للقطاع الخاص أن يسهم بفاعلية في نمو الاقتصاد الوطني بدعم تشريعي يمنحه خيارات تتوافق مع أنظمة السوق الرأس مالية؟ * برنامج التحول الوطني ورؤية 2030 عموما يستهدفان رفع مشاركة القطاع الخاص في الناتج المحلي من 40 إلى 60٪ وهي نقلة نوعية، والدولة حددت 16 مرفقًا مستهدفًا لخصخصته في المرحلة الأولى، وبذلك تنتقل هذه المرافق من القطاع العام الحكومي إلى القطاع الخاص، ما يرفع الحجم الاقتصادي لمساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي، ولن نغفل الهدف الأساسي من هذا التخصيص وهو إدارة هذه المرافق وتشغيلها بكفاءة عالية وزيادة المنافسة ورفع مستوى الخدمة المقدمة، ولدينا تجارب سابقة نستطيع أن نبني عليها مثل قطاع الاتصالات. ■ هل نسير في الطريق الصحيح؟ * أعتقد أن هناك عدة جهات تقوم بجهود مشكورة والهدف واحد في زيادة المحتوى المحلي، ولكن يجب أن تكون لدينا جهة واحدة تكون هي القائد والمسؤول عن بناء قاعدة بيانات موحدة، وإعداد مسوحات كاملة عن المقدرات المحلية والصناعات التي يمكن أن تساعد في المدخلات وما الخدمات التي يمكن لمؤسسات قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة تقديمها، وبالتالي تستطيع قياس مدى قدراتك الحالية التي من خلالها يمكن أن تزيد نسبتك من المكون المحلي وما الذي يمكنك عمله حتى 2030 من توجيه للاستثمارات للوصول لنسبة مشاركة المكون المحلي، وهناك مشروع بهذا الخصوص سيتم عرضه على مجلس الشورى لدراسته ورفعه للمقام السامي، وأتمنى أن يرى هذا المشروع النور قريبًا. ■ اعتقد أننا نحتاج توضيحًا أكثر؟ * ان يكون لديك هدف رفع المكون المحلي من 35- 70٪ مثلا وهو ما تعمل عليه شركة أرامكو خلال فترة زمنية محددة أمر ليس بالسهل أو العشوائي، إذ يجب أن تطلب المستطاع وفق امكاناتك الحالية، فمن الممكن أن تتمكن المقدرات الحالية والاستثمارات من رفع النسبة إلى حد معين لا يصل الى النسبة المطلوبة، ولكي تصل الى ذلك تحتاج إلى استثمارات ضخمة، لذا فأنت بحاجة إلى تسهيلات لجذب الاستثمارات والتقنية وتوفير المحفزات التي تعين على ذلك، واذا لم تتوافر جهة محددة بعينها لإدارة مجموع المبادرات التي نراها حاليا فنحن معرضون للاجتهاد الذي يحتمل الخطأ أكثر من الصواب وبذلك يرتفع معدل المخاطرة، لذا فإن توحيد الجهود أمر إستراتيجي. الراشد خلال حواره مع (اليوم) (تصوير: عمر الشمري) ■ كيف ترى الواقع على المدى القريب؟ * لدينا الكثير من التحديات، فقد كان الانفاق العام كبيرًا وعليه تكونت لدينا طاقات كبيرة في قطاعات معينة، واليوم مع قلة الانفاق فهذه القطاعات تواجه صعوبة كبيرة في التكيف مع الوضع القائم. ■ هل هذه المؤشرات خطيرة.. وهل يمكن توقع مداها الزمني؟ * لا أعتقد أنها مؤشرات خطيرة؛ لأنها تعتبر آثارًا وقتية ستزول بمجرد انتهاء المسببات، ولا يمكن تحديد عمرها الزمني، فليس هناك دولة قدمت برامج إصلاحات اقتصادية استطاعت وضع سقف زمني لزوال الآثار، والمملكة ليست الدولة الوحيدة التي طبقت الخطط الإصلاحية، فكل الدول التي مرت بدورات اقتصادية وهبوط اتخذت إجراءات اقتصادية للخروج الأمثل والأقل ضررا، وهي دورات اقتصادية تدخل مرحلة الهبوط ثم الثبات ثم معاودة الصعود وهي الفترة التي تظهر خلالها آثار البرامج الاقتصادية الإيجابية وتشعر بها في الاقتصاد. ■ لدينا طاقات شبابية كبيرة، ولكن ما زلنا لم نصل لنسبة مرضية لتوظيفهم بالطريقة الأمثل التي تخدم اقتصادنا الوطني وتقدم وظائف ذات قيمة مضافة، فأين الخلل؟ * رغم كل شيء إلا اننا ما زلنا نؤمن بان لدينا رأس مال بشري لا يقدر بثمن، وما زلنا في وضع اقتصادي يسمح لنا بتوجيه الإنفاق على الصناعات التي تستفيد من شباب وشابات الوطن. الحجم السكاني قليل مقارنة بالدول القريبة منا ونحن قريبون من أكبر أسواق العمالة في العالم مثل الهند والصين ومصر وباكستان، وهي دول ذات كثافة سكانية عالية وتعيش على تصدير الأيدي العاملة وهي سلعتهم الأساسية، وبطبيعة الحال لا يمكن منافستهم في الوظائف التي تتطلب المهارات القليلة، لذا فالخيار الأمثل هو التركيز لتدريب شبابنا وشاباتنا على الوظائف النوعية والعالية المهارة لقدرتنا على توفير التكنولوجيا المتقدمة جدا والتدريب الكفء. ■ هل تقصد أن نستهدف نوعية معينة من الوظائف للسعوديين؟ * الميزة النسبية لدينا في صناعة الطاقة، فالبترول تم اكتشافه من ما يقارب 85 عامًا فمن البديهي ان تكون لدينا خبرات وتقنيات محلية متخصصة في هذا المجال، بل وتصدير الخبراء والمتخصصين المهرة لدول العالم، فليس من المعقول الإنفاق على أي صناعة تعتمد على العمالة قليلة المهارة لعدم قدرة شبابنا على المنافسة فعليا لتوفر هذه النوعية من العمالة في دول عديدة والتي لا تكلف كثيرًا، ولنا في الخدمات المالية مثال، فالبنوك بعد سعودة ملكيتها قبل 38 عامًا وبالشراكة مع مؤسسة النقد ومعهد الإدارة استثمرت في الشباب وساهمت في وضع برامج تدريبية متخصصة وعلى أعلى المستويات، لنخلق كوادر سعودية تعمل في القطاع المالي ونعتمد عليها بشكل كامل إلى ان رأينا عددا من هؤلاء يعمل في دول الجوار ليس كموظفين عاديين بل كمسؤولين كبار يعملون في قطاع الخدمات المالية، وهذا المثال يمكن تطبيقه على كافة القطاعات النوعية ذات القيمة المضافة. ■ ما رؤيتكم لمنهج معالجة بطالة الشباب؟ وهل الإجراءات الحالية كفيلة بتوظيف نسب معيارية منهم؟ * بكل صراحة أنا لدي تحفظ على النظر لقضية توظيف الشباب السعودي وفق المعدلات النسبية، الأمر أعمق من هذا بكثير، واسمح لي أن أقول: لدي فلسفة أخرى.. فكل ريال يصرف في تنمية رأس المال البشري مردوده يفوق 10 ريالات، لذا يجب إعادة النظر في كل السياسات الحالية لتوظيف الشباب واستيعابهم في مجالات سوق العمل المتعددة والتركيز على رفع كفاءتهم لتمكينهم من المنافسة. واقع الطلب الجديد يفرز طاقات فائضة في قطاع الإنشاءات اوضح رئيس لجنة الاقتصاد والطاقة بمجلس الشورى، أن قطاع الانشاءات أكثر القطاعات الاقتصادية تضررًا خلال الفترة الماضية وذلك مع تقليص حجم الإنفاق. مشيرا إلى أن القطاع بمختلف فروعه من شركات مقاولات وصناعة مواد بناء وغيرها فقد حجمًا كبيرًا من نشاطه وهو من بين أهم القطاعات التي تعاني كثيرًا وسط هذه التطورات الاقتصادية التي تمر بها المملكة. وأوضح أن الضغوط مازالت مستمرة على القطاع الذي يمتلك طاقات كانت تعكس حجم الإنفاق السابق ومع تقليص حجم الانفاق الحالي ظهرت لنا طاقات فائضة تحتاج فترة زمنية لمعالجة الوضع ولتتناسب هذه الطاقات مع واقع الطلب الجديد، وهذا مجرد مثال لواقع بعض القطاعات التي تعيش حاليا أوضاعًا متراجعة. عبدالرحمن الراشد بعد سنوات الخبرة المتنوعة في مجالات الاقتصاد والادارة توجت بعضوية مجلس الشورى عقب انتهاء رئاسته بمجلس إدارة غرفة الشرقية، يقدم عصارة تجربته وفكره عبر رئاسة لجنة الاقتصاد والطاقة بالمجلس. حصل على بكالوريوس إدارة أعمال تخصص إدارة مالية من «جامعة سياتل» واشنطن - الولاياتالمتحدةالأمريكية سنة 1985م، وهو عضو بمجلس إدارة ومدير تنفيذي في شركة راشد العبدالرحمن الراشد وأولاده، وعضو مجلس إدارة الغرف العربية البريطانية، ومجلس المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وغيرها من المؤسسات والهيئات الأخرى.