بدأت جامعة الخليج العربي خطوات حثيثة لحل اللغز العلمي الذي ما زال يلف مرض التصلب المتعدد «اللويحي» حيث قام فريق علمي من قسم علوم الحياة في كلية الدراسات العليا، أخيراً، بوضع اللبنة الأولى نحو فك الشفرات المحيطة بهذا المرض، سعياً لمعرفة الخارطة الجينية الخليجية وعلاقتها بانتشار المرض. وقالت الدكتورة سونية بورقيبة هاشمي أستاذ البيولوجيا الجزيئية والخلوية المساعد في برنامج التقنية الحيوية الصحية والباحثة الأولى في الدراسة «إن المجتمع العلمي ما زال عاجزاً عن معرفة الأسباب الدقيقة لمرض التصلب اللويحي، لكن هناك عوامل جينية، وطبيعية قد تعد مؤشرات أساسية للإصابة بالمرض، منها المتغيرات الأليلية في التسلسل الجيني، ودرجة التعرض لأشعة الشمس حيث ينتشر المرض بشكل أوسع في المجتمعات ذات درجات الحرارة المتدنية، كما أن النساء يصبن به ضعف الرجال». وأضافت «إن العديد من الدراسات السابقة بتحليل علاقة الأصول الاثنية بالتغيرات الأليلية في التسلسل الجيني للإنسان وعلاقتها بالإصابة بالمرض، وهو ما تم بالفعل على عدة مجتمعات في الولاياتالمتحدة، وأوروبا، وأمريكا اللاتينية، حيث تبين أن لكل مجتمع من هذه المجتمعات متغيرات أليلية ارتبطت بشكل كبير بالمرض». ولفتت بورقيبة هاشمي إلى أن هذه الدراسة استندت على سبعة متغيرات أليلية توصلت إليها دراسة سابقة في أوروبا، حيث سعت الدراسة الحالية للبحث عن علاقة دالة بين المتغيرات الأليلية والإصابة بالمرض في المجتمعات الخليجية، «كما بحثنا علاقة المتغيرات الأليلية ومستوى الاستجابة لدواء «Interferon Beta» الذي يتجاوب معه 50 بالمائة من المرضى فقط». موضحة أن الدراسة أجريت على عينة من 268 شخصاً من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، منهم 156 من المصابين بمرض التصلب اللويحي، وتوصلت الدراسة إلى وجود متغير أليلي واحد مرتبط بالمرض وهو موجود في جين «ZAFT» وعند النساء تحديداً. وأشارت بورقيبة هاشمي إلى أن هذا المتغير يعطي مؤشراً على احتمال الإصابة بالمرض، وعليه فان الخطوة التالية تكمن في تتبع تاريخ العائلة لاكتشاف ما إذا كان هنالك تاريخ جيني للإصابة بالمرض. وفي ذات السياق تبين طبيعة المتغير الأليلي الذي توصلت إليه الدراسة تجاوب الحالة للدواء في حالة ما كانت مصابة بالمرض. من جانبه، أوضح الدكتور محمد الدهماني فتح الله أن هذه الدراسة تأتي في سياق الرؤية الاستراتيجية لجامعة الخليج العربي المتمثلة في إجراء الأبحاث العلمية والسريرية التي تلبي الاحتياجات الصحية لمواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومنها مرض التصلب اللويحي الذي أصبح انتشاره متنامياً في السنوات الأخيرة في منطقة الخليج العربي. مبيناً أن هذه الدراسة تعتبر أولية، حيث يسعى الفريق البحثي للحصول على تمويل للبدء في دراسة عينة واسعة من سكان الخليج، بهدف إجراء تحليل واسع للجينوم الخليجي، وإعداد خارطة لكل المتغيرات الأليلية المتسببة في مرض التصلب اللويحي. يشار إلى أن مرض التصلب اللويحي يعتبر من الأمراض ذات الأعراض المتداخلة، حيث يتجه بعض الأطباء لتشخيص خاطئ نتيجة تشابه أعراض المرض مع أمراض أخرى، إلى جانب أن أعراض المرض تتكرر وتتفاقم تدريجياً على فترات متباعدة مما يضاعف صعوبة تشخيصه، ليؤدي إذا لم يعالج إلى اتلاف الغشاء المحيط بالأعصاب، وخلل في الاتصال ما بين الدماغ وبقية أعضاء الجسم، وفي نهاية المطاف قد تصاب الأعصاب نفسها بالضرر ما يؤدي الى فقد القدرة على المشي أو التكلم، والوفاة عند المراحل المتقدمة.