تميّز الفنان السعودي على المستويين العربي والعالمي نابع من وجدانه المرتبط بأصالة بيئته

التشكيلي السوداني الصادق عجينة ل « الجسر الثقافي» :

تشهد مدينة جدة هذه الأيام حراكاً تشكيلياً وتظاهرة ثقافية وفنية، من خلال فعاليات النسخة الثالثة من "فن جدة 21.39"، وذلك ضمن جهود مجلس الفن السعودي؛ للإسهام في تنمية الذائقة الجمالية في المجتمع، وتنظيم المعارض الفنية المتميزة لفنانين سعوديين وعرب.
جالري "داما آرت" بجدة، استضاف ولا يزال معرضا فرديا للفنان التشكيلي السوداني الصادق عجينة الذي قدم 53 عملاً فنياً، تناول فيها البيئة السودانية بأسلوبه المتفرد وألوانه المتناغمة التي تصدح بالموسيقى، حيث يعد التشكيلي الصادق من أبرز الفنانين التشكيليين في المحترف السوداني، تخرج من كلية الفنون الجميلة والتطبيقية قسم تصميم وطباعة المنسوجات بدرجة الشرف الأولى في العام 1991م بجامعة السودان، وعمل مصمماً بعدة شركات داخل وخارج السودان، كما نال الدبلوم العالي في استخدام الطباعة على الشاشات الحريرية من مصر، وهو عضو اتحاد الفنانين التشكيليين بالسودان، ومؤسس مجموعة نوباتيا التشكيلية بالرياض، وشارك في العديد من المعارض الفردية داخل السودان وخارجه، وله العديد من المقتنيات الفنية في مواقع مهمة بالمملكة العربية السعودية، وبعض الدول الأخرى منها على سبيل المثال لا الحصر لوحة جدارية بالديوان الملكي بقاعة اجتماعات دول مجلس التعاون الخليجي بمساحة 26 مترا مربعا، وله العديد من اللوحات الجدارية بمجموعة فنادق (الهوليدي ان) بألمانيا، السويد، بلجيكا، فرنسا، جنوب أفريقيا، لبنان، والإمارات العربية المتحدة. وكانت آخر أعماله بالسودان جداريات بالنادي الدبلوماسي السوداني بالخرطوم، وتم تكريمه من قبل التشكيليين العرب إبان مشاركتهم في الخرطوم عاصمة للثقافة العربية عام 2005م.
وكان ل "الجسر الثقافي" هذا الحوار مع التشكيلي القدير صادق عجينة.. عبر من خلاله عن رؤيته الفنية وكيفيه توظيفة للفلكلور الشعبي في أعماله..
حدثنا عن معرضك الحالي بمدينة جدة.. وما هي رؤاك الفنية في الأعمال المعروضة.. وما هو الخطاب البصري الذي تود قوله للمتلقي؟
* جدة مدينة تستجم فيها النفس، ويتسع فيها أفق الادراك، وتسمو فيها الروح، لها في الوجدان عشق، فهي المدينة التي تهتم بالفن، وأنا أقصد بكلامي "إنسان المدينة" العريقة صاحبة الحراك الثقافي الجميل، لتصبح بذلك نافذة للعديد من التشكيليين العالميين.
في لوحاتي استخدمت طرقا متعددة لمعالجة سطحها، مع إضفاء اللون والخطوط لإبرز المضمون بطرق مختلفة لقصة تحكي عن إنسان البادية في أحواله المتعددة، لذلك أردت أن أقول إن تذوق الفنون والإبداع الفني من أبرز مكونات الحضارة الإنسانية، وأظهر دلائل الوعي الإنساني، وتلك العملية تتم في مستويات متعددة من الوعي واللا وعي الإنساني.
السودان غني بالموروث الثقافي، وعلى الرغم من اختلاف الحدود الجغرافية مع المملكة العربية السعودية إلا أن هنالك حلقة تربط إنسان عسير بأسلوبه الزخرفي وشكل بيوت الطين والألوان الحارة والدافئة حيناً، بالإنسان النوبي في شمال السودان وشرق السودان. هذا الارتباط الروحي كان مكان بحث.. السودان له مكان مفصلي تأرجح بين الوجود العربي والافريقي.. ولو سألتني كيف تم هذا التواصل، فالجواب ببساطة "نحن أمة واحدة".
كيف تنظر إلى ردة فعل المتلقي لأعمالك الفنية؟
* آمل أن تكون أعمالي اضافة جديدة في الساحة التشكيلية العربية والعالمية.
كفنان.. كيف تنظر إلى أهمية البحث في جماليات الفولكلور الشعبي وتوظيفه في العمل الفني؟
* هو امتاع لا يحده حدود، وبحر مليء بالدرر.. ومصدر إلهام حقيقي للفنان الذي يزداد معرفة وادراكاً، ليتحصل من خلاله على مخزون بصري ثري.
يعزو بعض النقاد بأنك تتكئ على توظيف أكاديمي للون على حساب الفكرة والموضوع في أعمالك الفنية.. بماذا ترد؟
* بالتأكيد أن الجانب الأكاديمي له دور إيجابي؛ لكونه الداعم (الصحي) للفنان الذي يستفيد من خلال إثراء الجانب المعرفي له، مرورا بالتمكن بشكل جيد في التعرف على اللون والخط والسطح والكتلة والفراغ وكيفية ربط كل هذه الأشياء مع بعضها البعض لتشكل منظومة واحدة، وفي إطار واحد يحكي عن قصة ما.
لذلك رتب (التوظيف الأكاديمي) لي المفردات، وزاد الفكرة قوة بأسلوب عفوي، انتهجته في كل اعمالي الفنية، والتي تأتي عادة من غير تخطيط مسبق.
وماذا يعني لك اللون؟
* أتمكن من خلاله من إدراك حقيقة الأشياء.
كيف تنظر للحراك التشكيلي السعودي.. وما هي التجارب الفنية في المحترف السعودي والتي أثارت اهتمامك؟
* الإنسان السعودي منذ الأزل فنان رسم على الجدار، ونحت على الحجر، ونسج أجمل الزخارف على القماش، وكان معمارياً بارعاً، لذلك يعتبر هذا الحراك شيئا طبيعيا، فالتجارب الفنية السعودية هي امتداد لذلك الإرث القديم.
والاسماء البارزة للفنانين السعوديين كثيرة منهم على سبيل المثال لا الحصر عبدالحليم رضوي، وضياء عزيز، وعبدالجبار اليحيى.. هؤلاء درسوا الجانب الاكاديمي لفنهم بأوروبا، لكن احساسهم ووجدانهم كان مرتبطاً بالبيئة التي شكلت منهم الاصالة والتميز في الساحة التشكيلية العربية والعالمية، وعلى دربهم سار العديد من الفنانين السعودين فكانوا فخرا للأجيال.