السعودية.. مسيرة نجاح بقيادة حازمة ورؤية طموحة    مركز الملك سلمان للإغاثة يُنظم جلسة عن "النهج الترابطي بين العمل الإنساني والتنمية والسلام" بنيويورك    القيادة تهنئ رئيسة جمهورية ترينيداد وتوباغو والقائد الأعلى للقوات المسلحة بمناسبة ذكرى يوم الجمهورية لبلادها    القبض على مواطن لترويجه الحشيش وأقراصا خاضعة لتنظيم التداول الطبي بجدة    (الهفتاء ) يتلقى تكريمًا واسعًا من إعلاميي السعودية والعالم العربي    احتفالا باليوم الوطني 95..أسواق العثيم تؤكد استمرار مساهماتها الداعمة للقطاعات الاقتصادية والاستثمار المحلي    أبناء وبنات مجمع الأمير سلطان للتأهيل يزورون مرضى مجمع الدمام الطبي    مشاركة واسعة من الأهالي والزوار في فعاليات المنطقة الشرقية في اليوم الوطني 95    «ناسا» تكشف عن فريقها ال24 من روّاد الفضاء 23 سبتمبر 2025    مؤتمر حل الدولتين انتصار تاريخي لصوت الحكمة والعدالة والقيم على آلة الحرب والدمار والصلف    ارتفاع أسعار النفط    الأمير سعود بن مشعل يشهد الحفل الذي أقامته إمارة المنطقة بمناسبة اليوم الوطني 95    تمكين السياحة.. إبراز الهوية وتعزيز المكانة العالمية    وزارة الداخلية تختتم فعالية "عز الوطن"    فقيد الأمة: رحيل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ وعطاء لا يُنسى    وزير النقل يعلن تبرع خادم الحرمين بمليون دولار دعما لمنظمة الطيران المدني الدولي    الجبير يلتقي رئيسة وزراء جمهورية باربادوس    وصفها ب«الثمينة» مع السعودية ودول الخليج.. ترمب: علاقات واشنطن والرياض دعامة أساسية للاستقرار العالمي    «كروز» ترسخ مكانة السعودية في السياحة البحرية    ضبط 4 مقيمين مخالفين لنظام البيئة    تغلب على الأهلي بثلاثية.. بيراميدز يتوج بكأس القارات الثلاث «إنتركونتنتال»    أوقفوا نزيف الهلال    أخضر 17 يتغلب على الكويت برباعية في «الخليجية»    الكرة في ملعب مسيري النادي أيها الفتحاويون    التقي القيادات في منطقة نجران.. وزير الداخلية: الأمنيون والعسكريون يتفانون في صون استقرار الوطن    القيادة تتلقى تعازي قادة دول في مفتى عام المملكة    الملك سلمان: نحمد الله على ما تحقق من إنجازات في بلادنا الغالية    الصحة تحذر من تفاقم الأزمة الإنسانية.. مستشفيات غزة على وشك التوقف    قصص شعرية    أحلام تتألق في الشرقية بليلة غنائية وطنية    علماء يبتكرون خاتماً لاحتواء القلق    47 منظمة إنسانية تحذر من المجاعة باليمن    المشي يقلل خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة    فيصل بن مشعل يرعى مسيرة اليوم الوطني واحتفال أهالي القصيم    سعوديبيديا تصدر ملحقا عن اليوم الوطني السعودي 95    رياضتنا في 95 عاماً.. إرشيف رياضي وصفحات تاريخية خالدة    اليوم الوطني.. الدبلوماسية السعودية باقتدار    محافظة طريب تحتفل باليوم الوطني ال95    الدفاع المدني يشارك في فعالية وزارة الداخلية "عز الوطن" احتفاءً باليوم الوطني ال (95) للمملكة    الاتحاد يتأهل لثمن نهائي الكأس على حساب الوحدة    القوات الخاصة للأمن والحماية تشارك في مسيرة احتفالات اليوم الوطني السعودي ال(95) بمحافظة الدرعية    المحائلي تبدع بالفن التشكيلي في اليوم الوطني ال95 رغم صغر سنها    بلان يتحدث عن موقف بنزيما من لقاء النصر    رحيل مفتي المملكة.. إرث علمي ومسيرة خالدة    نمو أقوى في 2025 و2026 للاقتصاد الخليجي بقوة أداء القطاعات غير النفطية    صلاة الغائب على سماحة المفتي العام للمملكة في المسجد النبوي    السعودية ترحب بالاعترافات الدولية بفلسطين خلال مؤتمر حل الدولتين    الهلال الأحمر بالقصيم يكمل جاهزيته للاحتفال باليوم الوطني ال95 ومبادرة غرسة وطن وزيارة المصابين    الأحساء تشهد نجاح أول عملية بالمملكة لاستئصال ورم كلوي باستخدام جراحة الروبوت    أمير جازان ونائبه يزوران معرض نموذج الرعاية الصحية السعودي    صندوق الوقف الصحي يطلق النسخة من مبادرة وليد تزامنا مع اليوم الوطني ال95    المشي المنتظم يقلل خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة    فضيلة المستشار الشرعي بجازان: " قيادة وشعبًا متماسكين في وطنٍ عظيم "    100 شاب يبدؤون رحلتهم نحو الإقلاع عن التدخين في كلاسيكو جدة    الأمن يحبط تهريب 145.7 كجم مخدرات    حفاظاً على جودة الحياة.. «البلديات»: 200 ألف ريال غرامة تقسيم الوحدات السكنية    القوات الأمنية تستعرض عرضًا دراميًا يحاكي الجاهزية الميدانية بعنوان (حنّا لها)    عزنا بطبعنا.. المبادئ السعودية ركيزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إمام المسجد الحرام : لا يجوز أن تشعر الأمة باليأس وقد بشرها الله تعالى بالعزة والنصر والتمكين
نشر في اليوم يوم 12 - 02 - 2016

أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور خالد الغامدي المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه.
وقال في خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام : " تمر أمة الإسلام اليوم بمرحلةٍ تاريخية غير مسبوقة، حيث تتوالى الأحداث الضخام والمتغيرات السريعة التي تدع الحليم حيراناً ويزداد كيد الأعداء، وتربصهم مما جعل اليأس والوهن يسري في قلوب كثير من أبناء الأمة ودبَّ إلى بعضهم الحزن والشعور بالإحباط والعجز، وهم يرون مكر الحاقدين وقوتهم وجلدهم، ويشاهدون صور القتل والدمار والتشريد، مع تلبس نفر من أبناء الأمة بأفكار الخوارج والتفجير والتكفير حتى تكونت عند فئام من الناس صورة قاتمة كئيبة لحال الأمة الإسلامية ومستقبلها، وأحاطت بهم خيالات الوهم المحبط والهزيمة النفسية, ولقد حذرنا الله في آيات كثيرة من الوقوع في حالة الوهن هذه، والشعور باليأس والحزن حيث قال سبحانه: ( وَلاَ تَهِنُوا وَلاَتَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ )، وقال سبحانه :( وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌفَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْوَمَا اسْتَكَانُواْ )، وقال سبحانه ( لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ )، وقال سبحانه: ( وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ )، وأخبر الله سبحانه أن سنته التي لا تتبدل، وعادته التي لا تتغير أنه يُديل على عباده المؤمنين بالابتلاء والضعف ثم تكون لهم العاقبة والنصر والتمكين، ويهلك أعداءهم ببأسه الشديد وعذابه المهين،فأين هي عاد الأولى وثمود وقوم إبراهيم وقوم ولوط وفرعون وأصحاب الأيكة وصناديد الكفر في قريش, أبادهم العزيز الجبار ونصر عباده المؤمنين وأنبياءه ورسله.
وأضاف فضيلته " نحن أمة محمد صلى الله عليه وسلم من شرقها إلى غربها لا يجوز لها أن تيأس ولا أن تبتئس بما يفعله الكائدون والطغاة المجرمون، ولا ينبغي لها أن تقع فريسة الإحباط واليأس المهلك الذي يشل تفكيرها ويعطل طاقاتها وقدراتها ويفقدها الأمل والرجاء، بسبب ما تشاهده وتسمعه كل يوم من مشاهد الأسى والألم والقتل التي تسهم وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي المختلفة مساهمةً فعالة في نشرها لتزيد من معاناة المسلمين إرجافاً وإرهابا وإضعافاً، نعم لا يجوز أن تشعر الأمة باليأس وقد بشرها الله تعالى بالعزة والنصر والتمكين وخصها بخصائص كبرى وفضائل عظمى؛ ليست لأحد من الأمم مما يجعلها تفخر بتكريم الله لها، وتباهي الأمم وترفع الرأس عالياً وهي التي اختارها الله واصطفاها فتبوأت عند سبحانه شرفاً عظيماً ومكانة وفضلاً، وإنه لمن المفيد جداً نشر هذه الفضائل الربانية والخصائص الشريفة العلية، وإظهارها لكل من يشك في نصر الله لهذه الأمة أو يصاب بالإحباط وفقد الأمل، ولكي يعلم الناس كلهم أن هذه الأمة المحمدية هي التي يحبها الله ويعلي قدرها، وهي الأمة المنصورة شرعاً وقدراً عاجلاً أم آجلاً، وأن ما أصابها من بلاء ومحنة وتسلط الأعداء ونقص في الأموال والأرزاق؛ إنما هو تمحيص ورفعة وتربية لها لتقوم بما وكلها الله به " .
وبين الدكتور الغامدي أن هذه الخصائص الشريفة للأمة المحمدية ثابتة بنصوص القرآن والسنة، وكثيرة ومتنوعة، وإن أعظمها قدراً وأثر: أن جعل الله محمداً هو نبيها ورسولها فهو أعظم الرسل وأجلهم، وأمته أعظم الأمم قدراً وعدداً، وهي إن كانت آخر الأمم عدداً إلا أنها تأتي أول الأمم يوم القيامة، وهي خير الأمم وأكرمها على الله، هذه الأمة المحمدية هي أمة الوسط والعدل، جعلها الله شاهدة وحاكمة على الأمم، فمن أثنيت عليه خيراً وجبت له الجنة ومن أثنيت عليه شراً وجبت له النار وهم شهداء الله في أرضه كما الملائكة شهداء الله في سمائه، وكل نبي يستشهد بأمة محمد ، كما تشهد له أنه بلغ الرسالة كما في حديث أبي سعيد عند البخاري وهذه الأمة المباركة اختار الله لها دين الإسلام ورضيه لها، وهو أعظم الأديان يسراً وسماحة ومحاسناً، ورفع عنها الحرج في العبادات والمعاملات ، ووضع عنها الأغلال والآصار والرهبانية الشديدة التي كانت على الأمم قبلنا، ومن كرامتها على الله أنه عصمها من أن تجتمع على ضلالة وحفظ عليها دينها وقرآنها وسنة نبيها فصمدت صموداً عجيباً في وجليها أمام كل محاولات الغزو الفكري والثقافي والأخلاقي، ولم يستطع أحدا أبداً على مر العصور والدهور أن يتمكن من تحريف القرآن والسنة لا لفظاً ولا معنى، ومن حاول ذلك فضحه الله ورده يائساً بائساً، ومن عناية الله بهذه الأمة ورعايته لها أنه يبعث لها على رأس كل مائة سنة من الحكام والعلماء والمصلحين من يجدد لها دينها ويذكرها بما إندرس من أصول الملة والشريعة، أما غيرنا من الأمم فلا يأبه الله بهم فلذلك وقعوا في التحريف والتبديل والضلال.
وأشار إمام وخطيب المسجد الحرام إلى أن قدر الله تعالى على هذه الأمة أن تكون أقل الأمم عمراً في هذه الدنيا وبقاءً فيها لكنها الأعظم بركة في عقولها ومفهومها وتجاربها والله سبحانه وتعالى يرزقها من حقائق الإيمان والعلوم والمعارف في فترة وجيزة ما تدركه الأمم الأخرى في أزمان ودهور، ومن أجل ذلك أصبحت حضارة الإسلام أعظم الحضارات بركة وخيرات وعمارة للأرض، وأزكاها وأنفعها للبشرية من حضارة المادة والشهوات والخواء الروحي، وبسبب قصر أعمار أفراد هذه الأمة فهي ما بين الستين إلى السبعين في الغالب قبل الله منها القليل من العمل وأثابها عليه الثواب الكثير المضاعف الذي تفوق به الأمم قبلنا الأطول أعماراً، كالأجور المضاعفة المرتبة على الصلاة، والحج، وقراءة القرآن، وليلة القدر، وصيام النوافل، والصلاة في الحرمين الشريفين وفي المسجد الأقصى وغير ذلك ومن تمام حفظ الله لهذه الأمة والعناية الإلهية بها أنه سبحانه حماها من الهلاك العام بالغرق أو بالسنين والقحط، ولن يسلط الله عليها عدواً من غيرها فيتمكن منها ويستبيح أهلها وجماعتها ولو اجتمع عليها من بأقطارها وحفظها سبحانه من عذاب الاستئصال وليس عليها عذاب في الأخرة إما عذابها في الدنيا بالفتن والزلازل والمصائب، وقضى الله سبحانه أن تكون الكعبة البيت الحرام قياماً للناس وأماناً لهم وهدى للعاملين وجعل مسجد نبيها منارة للعلم وتكفل سبحانه بالشام وأهله وأورث سبحانه هذه الأمة المسجد الأقصى وبيت المقدس وجعله حقاً مشروعاً لها، وفتح سبحانه للأمة كنوز الأرض وخيراتها وجعلها تفيض بالنعم الظاهرة والباطنة، فهي أمة مباركة كثيرة الخيرات كالغيث لا يدرى أوله خيراً أم آخره .
وقال الشيخ الغامدي:" إنه ثبت في مسند أحمد قال ( أنكم أمة أريد بكم اليسر) وعند البخاري ( إن هذا الدين يسر ) وثبت عند الطبراني ( إن الله تعالى رضي لهذه الأمة اليسر وكره لها العسر )، ومن آثار هذا التيسير والسماحة أن الله تجاوز عن هذه الأمة ما حدثت به أنفسها ووسوست به صدورها ما لم تكلم أو تعمل، وعفا عنها الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه، ويسر لها أمر طهارتها وعبادتها، وفضلها بالتيمم وجعل لها الأرض مسجداً وطهوراً، وخفف عنها الصلاة فهي خمس في الفعل وخمسون في الأجر، وجعل صفوفها في الصلاة كصفوف الملائكة، وفضلها وخصها بالتأمين خلف الإمام والسلام، وصلاة العشاء فلم يصلها أحد من الأمم قبلنا، وهدانا إلى يوم الجمعة وأضل عنه الأمم الأخرى، وأكرمنا بالغذاء المبارك السحور الذي هو فصل ما بيننا وبين صيام أهل الكتاب، وأحل للأمة الغنائم التي حرمها على الأمم قبلنا، ونصرها ونصر نبيها بالرعب، فما تزال الأمم تهاب أمة محمد وتجلها لما وضع الله لها من المكانة والهيبة في قلوب الخلق فما أعظم فضل هذه الأمة المباركة وما أكرمها على الله.
وبين فضيلته أن العبد ليدهش من كثرة الفضائل والخصائص التي تفضل الله بها على هذه الأمة المباركة، ويعجب من تنوعها وشمولها للعبادات والمعاملات وشؤون الحياة العامة والخاصة، حتى إن من مات يوم الجمعة أو ليلتها وقاه الله عذاب القبر، ومن مات وهو مرابط في سبيل الله أجرى الله عليه أجره إلى يوم القيامة، وحماه من فتنة القبر وهذا في تسلية وبشارة لإخواننا المرابطين على الحدود والثغور فهم في جهاد عظيم وثواب جزيل وجعل سبحانه مرض الطاعون إذا أصاب أحداً من هذه الأمة رحمة وشهادةً، بينما كان هذا المرض رجزاً وعذاباً على من كان قبلنا، كما ثبت عند أحمد ( الطاعون كان عذاباً يبعثه الله على من يشاء وإن الله جعله رحمه للمؤمنين ) وعند الحاكم ( الطاعون وخز أعدائكم من الجن وهو لكم شهادة )، ولم يجعل الله أجر الشهادة لمن يقتل في سبيل الله في أرض المعركة فحسب، بل شهداء أمة محمد كثير فمن مات بالغرق فهو شهيد، أو مات في الحريق أو تحت الهدم أو أكله السبع فهو شهيد، ومن مات بداء البطن أو بذات الجنب أو بالسل فهو شهيد، والتي تموت في نفاسها شهيدة، ومن قتل وهو يدافع عن نفسه أو عرضه أو ماله أو سأل الله أجر الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء ولو مات على فراشه، وكل ذلك صح عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو كرامة عظيمة لهذه الأمة .
وقال: " إن هذه الخصائص والفضائل ليست للأمة في الدنيا فقط بل كذلك في الأخرة فهي أول الأمم التي يبدأ بها في الحساب أمام الله تعالى، وحوض نبينا محمد أعظم أحواض الأنبياء وأكثرها وروداً وتتميز هذه الأمة يوم القيامة بأنهم غر محجلين من آثار الوضوء سيماههم في وجههم من أثر السجود، وهذه الأمة أول الأمم مروراً على الصراط، وأسبق الناس دخولاً إلى الجنة هم فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء بخمسمائة سنة، ونبينا صلى الله عليه وسلم هو الذي يشفع الشفاعة الكبرى للناس في الموقف الأكبر بعد أن يعتذر عنها الأنبياء، وهو الذي يستفتح باب الجنة ولا تفتح الجنة إلا له ويدخل الجنة من هذه الأمة سبعون ألفاً بلا حساب ولا عذاب، ومع كل ألف سبعون ألفاً، وفي رواية صحيحة مع كل واحد سبعون ألفاً، وأهل الجنة مائة وعشرون صفاً ثمانون صفاً من هذه الأمة المباركة وأربعون من سائر الأمم، وسيدا كهول أهل الجنة أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، وسيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين رضي الله عنهما، وسيدة نساء الجنة فاطمة بنت محمد رضي الله عنها، وسيد الشهداء حمزة رضي الله عنه، وكلهم من هذه الأمة المباركة والمسلمين, هذه الأمة يغفر الله له ذنوبه بالتوبة والاستغفار بلا واسطة ولا قرابين للبشر وإذا مات المسلم على شهادة التوحيد دخل الجنة، وإذا لقي الله بقراب الأرض خطايا وهو لا يشرك به شيئاً لقيه سبحانه بقرابها مغفرة.
وأكد إمام المسجد الحرام أن خصائص أمة محمد صلى الله عليه وسلم وكراماتها أكثر من أن تحصى والحديث عنها حديث نافع ومفيد لكي نشكر الله شكراً عظيماً ونثني عليه الثناء الكبير أن أكرمنا فجعلنا من هذه أمة محمد، فهي والله من أجل نعم ربنا علينا التي تستوجب الشكر الدائم لله سبحانه والتفاؤل والاستبشار, وهي نعمة لها تبعات ومسؤوليات عظيمة ، فخيرية هذه الأمة حق ثابت والمسؤولية ملقاة على أبناء هذه الأمة ليروا الله من أنفسهم خيراً، ويظهروا بالمستوى اللائق بهذه الخيرية وهذا التكريم الرباني فيقوموا بالدين وينشروه في العالمين بالوسطية والاعتدال والسماحة ويأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، ولا يكونوا كالذين اصطفاهم الله ثم أعرضوا وجحدوا نعمة الله عليهم وسعوا في الأرض فساداً، فغضب الله عليهم وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت، ولا يجوز أن يتخذ البعض من ما ذكر من الفضائل متكئاً لمزيد من الخمول والضعف والتخاذل فإن للنصر أسباباً، وللتمكين أسباباً وللخيرية أسباباً، كما أن لنزول العذاب والعقاب أسباباً، وتلك سنة الله الجارية التي لا تتبدل ولا تتغير.
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
وفي المدينة المنورة عدّد إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي المصالح العظيمة التي تحصل بتماسك بيت الزوجية واستمرار الحياة السوية بين الزوجين, مبيناً أن ذلك يقي المجتمع من مفاسد وأضرار جسيمة قد تنتج بالطلاق , مستشهدا بقول الحق تبارك وتعالى : (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً )), وقوله سبحانه ((هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها)).
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم :" إن سنة الله تعالى وشريعته جرت باقتران الرجل بالمرأة بعقد النكاح الشرعي, ليبنيا بيت الزوجية تلبية واستجابة لمطالب الفطرة البشرية من طريق النكاح لا من طريق السفاح, إذ أن طريق الزواج هو العفاف وامتداد العمر بالذرية الصالحة, وطريق السفاح والزنا هو الخبث وأمراض القلوب, وفساد الرجل والمرأة وذل المعصية, وآفات الحياة والذهاب ببركتها والخلل في الأجيال, مورداً الحديث الذي رواه سعد بن سنان الخدري رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فيما جاء من حديث الإسراء والمعراج : ثم مضت هٌنية فإذا أنا بأخونة عليها لحم مشرّح ليس يقربها أحد, وإذا أنا بأخونة أخرى عليها لحم قد أروح وأنتن عندها أناس يأكلون منها, قلت ياجبريل من هؤلاء, قال : هؤلاء من أمتك يتركون الحلال ويأتون الحرام).
وأضاف: إن بيت الزوجية بيتٌ يحتضن الذرية ويحنو عليهم ويرعاهم ويعلمهم, وأبوّة وأمومة تعدّ الأجيال للقيام بأعباء الحياة, ونفع المجتمع ورقيه في كل شأن, وتوجه إلى كل خلق كريم وتمنّع من كل خلق ذميم, وتربي على الصالحات للدار الآخرة والحياة الأبدية, ويقتدي الصغير بما يرى فيتأثر بما يشاهد ويسمع, حيث لاقدرة له على قراءة التاريخ وأخذ العبر منه والقدوة.
وشدّد إمام وخطيب المسجد النبوي على أن عقد الزواج ميثاق عظيم, ورباط قوي, وصلة شديدة, لقول الله تعالى : ((وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا )), وقال المفسرون أن ذلك عقد النكاح, وهذا العقد اشتمل على مصالح ومنافع للزوجين, ,مصالح للأولاد ومصالح ومنافع لأقرباء الزوجين ومنافع ومصالح للمجتمع في الدنيا والآخرة لا تعدّ ولا تحصى.
وأكد أن نقض عقد الزواج وإبطال ميثاقه وقطع حبل الزجية بالطلاق يهدم تلك المصالح والمنافع كلها, ويقع الزوج في فتن عظيمة تفتره في دينه ودنياه وصحته, وتقع المرأة بالطلاق في الفتن أشدّ مما وقع فيه الزوج, ولا تقدر أن تعيد حياتها كما كانت, وتعيش ندامة لاسيما في هذا الزمان الذي قلّ فيه الموافق لحالها, ويتشرّد الأولاد ويواجهون حياة شديدة الوطأة, تختلف عمّا كانت عليه, فيفقدون كل سعادة تبتهج بها حياتهم, ويكونون عرضة للانحراف بشتى أنواعه ويتضرر المجتمع بالآثار الضارة التي تكون بعد الطلاق, وتستحكم القطيعة للأرحام وتحصل مفاسد وأضرار عديدة لاتحصى.
وأرجع فضيلته كثرة حالات الطلاق في هذا الزمان إلى أسباب عديدة واهية وعلل واهمة, من أكبرها الجهل بأحكام الطلاق في الشريعة, وعدم التقيد بالقرآن والسنة, مؤكداً أن الشريعة الإسلامية أحاطت عقد الزواج كل رعاية وعناية, وحفظته بسياج من المحافظة عليه لئلا يتصدّع وينهدم ويتزعزع أمام عواصف الأهواء, لأن سبب الطلاق قد يكون من الزوج وقد يكون من الزوجة وقد يكون من بعض أقاربهما, فعالجت الشريعة كل حالة فأمر الله سبحانه وتعالى الزوج أن يعظّم عقد الزواج فقال جل وعلا : ((وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا وَمَن يَفْعَلْ ذَ?لِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا )).
ودعا فضيلته الزوجين إلى ضرورة المسارعة في إصلاح أي خلاف يحصل بينهما في بدايته لئلا يزداد ضرره, مشيراً إلى أن من أهم عوامل بقاء الزوجية الإصلاح بين الزوجين من أهل الخير المصلحين حتى يتحقق لكل منهما حقه الواجب له على صاحبه, موضحاً أن الصبر والتسامح والعفو تزين به الحياة, ويكسوها البهجة والسرور والجمال, وتندمل به جراح الخلاف في مصاعب الحياة المتعدّدة.
وقال في بيان أسباب دوام الزواج, أن من بينها تقويم الزواج ما اعوج من أخلاق المرأة بما أباحه الشرع وأذن فيه, لقول الله عز وجل " فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا )).
وحضّ فضيلته المرأة على الحرص على مشاركة زوجها في سروره وأحزانه وأن تكون عوناً له على طاعة الله وتخدمه بالمعروف, محافظة على بيتها وتربية أولادها, وأن تقوم بحقّ أقرباء الزوج لاسيما والديه, كما على الزوج أن يؤدي حقوق أقاربه بصلتهم لاسيما أقرباء الزوجة.
ونبه فضيلته من ما يبثّ عبر القنوات الفضائية من برامج ومسلسلات هابطة تهدم أخلاق الفرد والمجتمع, وتنشر الفساد وتفكك الأسرة وتؤدي إلى طلاق الأزواج, داعياً الأزواج إلى تقوى الله ومخافته وأن لا يجري الطلاق على ألسنتهم دون مراعاة لحقوق ولد ولا قريب ولا اعتبار لأحد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.