افتتح نهاية الاسبوع الماضي معرض ملتقى الفسيفساء الثاني، والذي تنظمه إدارة المعارض والمقتنيات الفنية بمكتبة الإسكندرية، بمشاركة 54 فنانا من فناني الفسيفساء؛ لعرض أحدث تجاربهم الفنية، حيث قدم 160 عملا فنيا توزعت بين لوحات موزييك وأعمال مجسمة ولوحات بأشكال هندسية وبورتريهات مصنوعة من الرخام والبازلت والزجاج الملون. والمعرض يستمر حتى 22 أغسطس 2015. وجاء الملتقى الثاني بعد غياب سبع سنوات من الملتقى الأول لفناني الفسيفساء بمكتبة الإسكندرية. يقول الدكتور محمد سالم أستاذ بكلية الفنون الجميلة و«قوميسير» المعرض: أولا- هذا الملتقى يعبر عن الرغبة في التجمع والاقتراب والتواصل المباشر والحي بين المنشغلين بهذه التقنية. ثانيا- هذا العدد من المشاركين في هذا الملتقى الذين وصلوا إلى 54 فنانا، إنما هو مؤشر لاتساع رقعة هذا المجال الإبداعي وتأكيد حضور فنانيه كتيار فاعل في الحركة التشكيلية المعاصرة في مصر. ثالثا- الأعمال المعروضة في هذا الملتقى محمولة وليست أعمالا جدارية بطبيعة الحال، وذلك له عظيم الأهمية في سياق الرسائل والدلالات التي يحملها هذا الملتقى، فهو يسهم بصورة عملية ومؤكدة في تصحيح مفهوم الفسيفساء الذي صاحبها منذ البدايات الأولى في مصر (أوائل القرن الماضي)، على أنها زخرفة معمارية تدرس في كلية الفنون التطبيقية بهذا المعني، حتى زمن انتشارها في الستينات واستخدامها تكسية للحوائط أو في تنفيذ التصميمات الجدارية لبعض الفنانين، فإن استخدامها كان لغرض عملي يتمثل في ملء عناصر التصميم بالنثرات الزجاجية الملونة التي لها القدرة على تحمل الظروف المناخية، ولا سيما في الفسيفساء الجدارية الخارجية. وأوضح أن الأعمال المقدمة في المعرض تتجاوز هذا المفهوم في النظر إلى الفسيفساء، فهي ليست زخرفة معمارية، بل تعبيرا ذاتيا عن فكرة الفنان ووجدانه مثله في ذلك مثل أي من وسائط التعبير الفني المختلفة، وهو اتجاه ظهر موازيا للفسيفساء الجدارية منذ أوائل القرن الماضي، بدأه جينو سيفيرني، وكليمة، وبيكاسو وجورج براك وغيرهم في أوروبا، وأسهم الفنان عمر النجدي في تأصيله في مصر عندما أسس جماعة (فسيفساء الجبل) في ستينات القرن العشرين، والتي حاولت الخروج بالفسيفساء من كونها تكسية للحوائط أو زخرفة معمارية فقط. وأضاف: إن الاستجابة السريعة والواسعة للمشاركة في الملتقى نقطة انطلاق نحو تأسيس جمعية تحمل اسم (فنانو الفسيفساء في الوطن العربي) تكون قادرة على الانتقال بهذا الفن الجميل إلى آفاق أوسع، وإن هذا الطموح يتطلب توفير الإمكانيات المادية، والأهم الرغبة والعزيمة والعمل لتحقيق هذا الطموح، لذلك تأسس موقع على شبكة الإنترنت يسهم فيه كل من لديه الرغبة والعزيمة لتحقيق هذه الخطوة الهامة والضرورية للتجمع والتواصل، وتبادل الأفكار والخواطر، وذلك تمهيدا لتحقيق المسعى الأكبر في أن يكون لفناني الفسيفساء في الوطن العربي جمعية ضمن العديد من جمعيات الفسيفساء في بلدان العالم. قدم الفنان العالمي سعد روماني لوحة موزييك لاند سكيب وهي الطبيعة ودورها في التأثير والتأثر في الإنسان، شارك في العديد من المعارض بألمانيا وإنجلترا وإيطاليا وفرنسا وهولندا، وحصل على جائزة الجمهور من بينالي معرض شارتر للموزييك وهو من اشهر المعارض العالمية بأوروبا، يقوم بتدريس منهجه في فن الفسيفساء في فرنسا. ونلاحظ أن الفنانة عزيزة فهمي قدمت ثلاث لوحات من الفسيفساء تعبر عن النسيج القبطي القديم وبعض القطع النسيجية التي استخدمت في العصر الفرعوني مستخدمة قطع الرخام الصغيرة مجمعة. كما قدم الفنان الدكتور عبدالسلام عيد ثلاث لوحات مستخدما قطع الرخام والبازلت بأشكال هندسية معبرة عن الأوضاع الحياتية بين أفراد الأسرة، كما قدم لوحتين من الموزييك متحكما في طريقة القطع والتصنيع، ليصنع لوحة صغيرة بريشة فنان جسدت بالموزييك للاحتفاظ بها مدى الحياة. ومن الاعمال المميزة بالمعرض، قدم الدكتور محمد شاكر لوحة طولها متر ونصف مصنعة من مخلفات الصناعة مع الموزييك، حيث استخدم الولاعات القديمة وبعض الخردة ليقدم لوحة تعبر عن معاناة الإنسان في العالم الحديث، وقدم الفنان ابو بكر الشريف من السودان لوحتين لامرأة سودانية عمرها تجاوز 106 أعوام ومع هذا قادرة على العطاء وتعمل في الغزل والنسيج، واللوحة الثانية لرجل نوبي يعبر عن الحضارة بين مصر والسودان، وله جدارية في القصر الجمهوري بالخرطوم وجدارية بجامعة أم درمان بالسودان.