امطار خفيفة الى متوسطة وغزيرة في عدة مناطق بالمملكة    الاتحاد الأوروبي يؤكد أن الحرب على قطاع غزة تزداد خطورة يومًا بعد آخر    ترمب يوقّع أمرًا تنفيذيًا بتمديد هدنة الرسوم مع الصين 90 يومًا أخرى    المنتخب السعودي الأول لكرة السلة يودّع بطولة كأس آسيا    الشعب السعودي.. تلاحم لا يهزم    السعودية ترحب بالإجماع الدولي على حل الدولتين.. أستراليا تعلن نيتها الاعتراف بدولة فلسطين    وزير لبناني حليف لحزب الله: أولويتنا حصر السلاح بيد الدولة    عشرات القتلى بينهم صحافيون.. مجازر إسرائيلية جديدة في غزة    موجز    بحث مع ملك الأردن تطورات الأوضاع في فلسطين.. ولي العهد يجدد إدانة المملكة لممارسات الاحتلال الوحشية    بعد خسارة الدرع الخيرية.. سلوت يعترف بحاجة ليفربول للتحسن    برشلونة يسحق كومو ويحرز كأس غامبر    تعزيز الأمن الغذائي وسلاسل الإمداد للمملكة.. "سالك".. 13 استثماراً إستراتيجياً في قارات العالم    ضبط 17 مخالفًا بحوزتهم 416 كلجم من القات    السنة التأهيلية.. فرصة قبول متاحة    افتتاح معرض الرياض للكتاب أكتوبر المقبل    «ترحال» يجمع المواهب السعودية والعالمية    «الزرفة» السعودي يتصدر شباك التذاكر    مباهاة    المفتي يستعرض أعمال «الصاعقة» في إدارة الأزمات    حقنة خلايا مناعية تعالج «الأمراض المستعصية»    الحكومة اليمنية تمنع التعاملات والعقود التجارية والمالية بالعملة الأجنبية    جني الثمار    "فهد بن جلوي"يترأس وفد المملكة في عمومية البارالمبي الآسيوي    القيادة تهنئ رئيس تشاد بذكرى بلاده    بطولة الماسترز للسنوكر.. أرقام استثنائية وإشادات عالمية بالتنظيم    7.2 مليارات ريال قيمة اكتتابات السعودية خلال 90 يوما    تمويل جديد لدعم موسم صرام التمور    ثقب أسود هائل يدهش العلماء    مخلوق نادر يظهر مجددا    تحديات وإصلاحات GPT-5    232 مليار ريال قيمة صفقات الاندماج والاستحواذ    نائب أمير الرياض يستقبل سفير إندونيسيا    «محمية عبدالعزيز بن محمد».. استعادة المراعي وتعزيز التنوع    تخصيص خطبة الجمعة عن بر الوالدين    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    أخطاء تحول الشاي إلى سم    لجنة التحكيم بمسابقة الملك عبدالعزيز تستمع لتلاوات 18 متسابقًا    كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025| الهولندي ManuBachoore يحرز لقب EA SportFC 25    340 طالبا وطالبة مستفيدون من برنامج الحقيبة المدرسية بالمزاحمية    إنقاذ مقيمة عشرينية باستئصال ورم نادر من فكها بالخرج    فريق طبي سعودي يجري أول زراعة لغرسة قوقعة صناعية ذكية    ملتقى أقرأ الإثرائي يستعرض أدوات الذكاء الاصطناعي وفن المناظرة    أخصائي نفسي: نكد الزوجة يدفع الزوج لزيادة ساعات العمل 15%    بدء استقبال الترشيحات لجائزة مكة للتميز في دورتها السابعة عشرة    أحداث تاريخية في جيزان.. معركة قاع الثور    أمير تبوك يستقبل المواطن ناصر البلوي الذي تنازل عن قاتل ابنه لوجه الله تعالى    سعود بن بندر يستقبل مدير فرع رئاسة الإفتاء في الشرقية    النيابة العامة: رقابة وتفتيش على السجون ودور التوقيف    إطلاق مبادرة نقل المتوفين من وإلى بريدة مجاناً    طلبة «موهبة» يشاركون في أولمبياد المواصفات الدولي    البدير يشارك في حفل مسابقة ماليزيا للقرآن الكريم    «منارة العلا» ترصد عجائب الفضاء    منى العجمي.. ثاني امرأة في منصب المتحدث باسم التعليم    مجمع الملك عبدالله الطبي ينجح في استئصال ورم نادر عالي الخطورة أسفل قلب مريض بجدة    نائب أمير جازان يزور نادي منسوبي وزارة الداخلية في المنطقة    بمشاركة نخبة الرياضيين وحضور أمير عسير ومساعد وزير الرياضة:"حكايا الشباب"يختتم فعالياته في أبها    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأعيان الدرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دراسات مفزعة.. تلوث الخليج بالنفط يتفاقم 47 ضعفاً عن المستوى العالمي
خطر البيئة البحرية.. ثروتنا تهدد حياتنا «1»
نشر في اليوم يوم 09 - 11 - 2014

بات خطر تلوث البيئة البحرية محدقا بسواحل المملكة، وأكثر تعقيدا وأكبر تحديا، وأوسع انتشارا، إذ تعاني البيئة الطبيعية للشواطئ من الإهمال والردم وتسرب النفط والصيد الجائر والغوص العشوائي، ما يتطلب التدخل السريع من جميع مؤسسات البلاد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل تعمق الأزمة.
وتفتح صحيفة «اليوم» ملفها الشهري السادس تحت عنوان «خطر البيئة البحرية.. ثروتنا تهدد حياتنا» وسط تفاقم القضية يوما بعد آخر ما ينذر بحلول كارثة بيئية تمتد رحاها إلى العالم أجمع، إذ دلت الدراسات البيئية على أن التلوث بالنفط في الخليج يبلغ أكثر من 47 مرة من التلوث على المستوى العالمي بالنسبة إلى وحدة المساحة.
ويتناول الملف موضوع البيئة البحرية وأبعاده الصحية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية، حيث يشارك في الملف عدد من المسؤولين والمختصين وجهات عديدة من منظمات وهيئات حكومية وتطوعية.
وبينما جدد أكاديميون بيئيون مخاوفهم من تسرب النفط في البحر، أكدوا أن تسرب المخلفات الصناعية تصيب الكائنات الحية بالتسمم، وبالتالي تهدد حياة مستهلكيها من البشر، في الوقت الذي يستخرج 20 بالمائة من إنتاج النفط العالمي من أعماق البحار.
ووصفوا أن الملوثات النفطية تشكل أخطر ملوثات السواحل والبحار والمحيطات وأوسعها انتشاراً في العالم، مشيرين إلى أن استخراج النفط من أعماق البحار يؤدي إلى التلوث المائي ويهدد الكائنات الحية البحرية بصفة عامة في المناطق المتضررة كالأسماك والسلاحف والطيور والشعاب المرجانية وغيرها من أحياء البحار والمحيطات.
ويرى ضيوف الملف من أكاديميين ومختصين وجهات عديدة أن هذه الأزمة تتطلب انصهار جميع المؤسسات التنموية في شتى المجالات الصناعية والتعدينية والسياحية والإحيائية على مستوى البلاد والأقاليم المشتركة في الحفاظ على الثروات البيئية بالخليج العربي والبحر الأحمر، وتطبيق جميع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية بصورة جادة وإجبارية، والتنسيق بين السلطات المسؤولة والجهات العلمية، والبحثية، للوصول إلى القدر المثالي من الحفاظ على البيئة، والتخطيط للتنمية الشاملة.
وأبدى أكاديميون بيئيون ومختصون أعلى مراتب القلق تجاه تلوث البيئة البحرية في الخليج العربي والبحر الأحمر، جراء المخلفات الصناعية والنفطية وردم البحر والأنشطة السياحية العشوائية على السواحل وغيرها من الانتهاكات بحق شواطئ المملكة.
وقالوا -في ردود فعل خاصة للملف الشهري في صحيفة "اليوم"-: إن "الملوثات النفطية تشكل أخطر ملوثات السواحل والبحار والمحيطات وأوسعها انتشاراً"، مشيرين الى أن 20 بالمائة من النفط المنتج عالمياً يستخرج من أعماق البحار، ما يؤدي إلى سرعة التلوث المائي في البحار، لافتين إلى أن التسربات النفطية تهدد الكائنات الحية البحرية بصفة عامة في المناطق المتضررة كالأسماك والسلاحف والطيور والشعاب المرجانية وغيرها من أحياء البحار والمحيطات.
وأضافوا: إن زيت النفط يحتوي على العديد من المواد العضوية التي يعتبر الكثير منها مسمماً للكائنات الحية، ومن أخطر تلك المركبات مركب البنزوبيرين وهو من الهيدروكربونات المسببة للسرطان ويؤدي إلى موت الكائنات الحية المائية.
وأشاروا إلى أن كثافة النفط أقل من كثافة الماء، لذا فهو يطفو على سطح الماء مكوناً طبقة رقيقة عازلة بين الماء والهواء الجوي، وهذه الطبقة تنتشر فوق مساحة كبيرة من سطح الماء؛ مما يمنع التبادل الغازي بين الهواء والماء، فلا يحدث ذوبان للأكسجين في مياه البحر مما يؤثر على التوازن الغازي.
وحثوا على مزيد من الحماية ومكافحة التلوث في الخليج العربي والبحر الأحمر ليس فقط من دولة واحدة، بل التعاون مع جميع الدول العربية المطلة عليهما، من أجل التمتع بجميع مقومات الحياة لكل الكائنات التي تعيش في البحر والخليج، والمحافظة عليهما كبحيرات حيوية تحقق مبدأ التنمية المستدامة لجميع الأجيال.
تراكمات التلوث
وأشار الدكتور فيصل بن عبد القادر بغدادي -عميد الكلية الجامعية التابعة لجامعة أم القرى في محافظة الجموم، عضو هيئة التدريس في قسم الأحياء- إلى "أن التلوث من القضايا الخطرة المهددة للبيئة التي يجب حمايتها والمحافظة عليها من مختلف أنواع التلوث، وواحدة من أهم قضايا العصر وبعد رئيس من أبعاد التحديات التي تواجهها الدول النامية، خاصة في التخطيط للتنمية الشاملة في ضوء التجارب التي خاضتها البلاد المتقدمة والمشكلات البيئية المعقدة التي تحاول أن تجد لها الحلول الممكنة قبل أن تقضي تراكمات التلوث على إمكانية العلاج الناجع".
وزاد: "لم تعد إمكانات التنمية -رغم أهميتها البالغة- عذراً لتجاهل المحافظة على البيئة أو اتخاذ التدابير الفعالة لمكافحة التلوث في البيئة، فالبيئة البحرية تتعرض شأنها شأن غيرها من البيئات لمخاطر التلوث، ولكن تلوث البيئة البحرية بدا أشد وأخطر، فهي تشكل معظم كرتنا الأرضية".
وأضاف الدكتور بغدادي: إن "البحار لم تعد مجرد طرق للنقل أو خزاناً للغذاء، بل إلى جانب كل هذا -وهو الأهم- أصبحت احتياطياً مهماً للمعادن وكل أنواع الغذاء على المدى البعيد، حيث بينت الاكتشافات المتعددة للمعادن في قاع البحار، وجودها بكميات أكبر مما في اليابسة، ولذلك زاد اهتمام الدول الصناعية بقيعان البحار والمحيطات، فانطلقت أصوات دول كثيرة تنادي بضرورة تنظيم هذا الاستغلال".
وأشار إلى أن التلوث بصفة عامة هو أي تغير غير طبيعي يطرأ على الصفات الطبيعية البيولوجية والكيميائية للبيئة التي تؤثر على الكائنات الحية التي تعيش فيها ومنها الإنسان، مبينا أنه "يعرف التلوث البحري بأنه إدخال أي مواد أو طاقة في البيئة البحرية بطريقة إرادية أو لا إرادية، مباشرة وغير مباشرة، ينتج عنها ضرر بالموارد المائية أو غير الحية مهدداً صحة الإنسان أو يعوق الأنشطة البحرية من صيد الأسماك أو الأنشطة السياحية أو يفسد مياه البحر للاستعمال أو يفسد خواصها".
الملوثات البحرية
صنّف الدكتور بغدادي الملوثات البحرية إلى البترول ومشتقاته (الزيت أو المزيج الزيتي)، ومخلفات الصرف الصحي (مواد كيميائية عضوية غير قابلة للتحلل، أملاح معدنية، جراثيم وبكتيريا وفطريات)، ومخلفات الصرف الصناعي (المعادن الثقيلة)، وتلوث حراري، وتلوث إشعاعي، ومبيدات حشرية ومخصبات زراعية، ومخلفات طافية وعالقة (أكياس القمامة )، ورواسب ومواد صلبة.
وتابع: إن "الملوثات النفطية تشكل أخطر ملوثات السواحل والبحار والمحيطات وأوسعها انتشاراً، حيث إن 20 بالمائة من النفط المنتج عالمياً يستخرج من أعماق البحار؛ لذا فأي من الأسباب التالية يؤدي إلى التلوث المائي بالنفط، إضافة الى الحوادث البحرية التي من أهمها ارتطام ناقلات النفط بالشعاب المرجانية أو بعضها ببعض أو غرقها، والحوادث التي تحدث أثناء عمليات الحفر والتنقيب في البحار والمحيطات، وتسرب النفط إلى البحر أثناء عمليات التحميل والتفريغ بالموانئ النفطية".
وأردف: "ومن أسباب تلوث البحار أيضا اشتعال النيران والحرائق بناقلات النفط في عرض البحر، وتسرب النفط الخام بسبب حوادث التآكل في الجسم المعدني للناقلة، إلقاء مياه غسل الخزانات بالناقلات بعد تفريغها في البحر، وإلقاء ما يعرف بمياه الموازنة الملوثة بالنفط في مياه البحر، حيث يتم ملء الناقلة بعد تفريغ شحنتها من النفط بنسبة لا تقل عن 60% من حجمها للحفاظ على توازن أو اتزان الناقلة أثناء سيرها في عرض البحر خلال رحلة العودة إلى ميناء التصدير، وتسرب البترول من ناقلات النفط بسبب الحوادث من الآبار النفطية البحرية المجاورة للشواطئ".
تسمم الكائنات الحية
أكد الدكتور بغدادي أن التسربات النفطية تهدد الحياة البحرية بصفة عامة في المناطق المتضررة كالأسماك والسلاحف والطيور والشعاب المرجانية وغيرها من أحياء البحار والمحيطات، لافتاً الى أنه -نظراً لتصاعد وتسامي الكثير من الأبخرة المختلفة من بقعة النفط التي تطفو على سطح الماء- فإن التيارات الهوائية تدفع بهذه الأبخرة بعيداً عن الموضع الذي تلوث بالنفط إلى الأماكن السكنية على الشواطئ والمناطق الساحلية بواسطة الهواء، الذي يصبح مشبعاً بها إلى درجة كبيرة وبتركيز عال فوق المقبول؛ مما يؤثر على النظم البيئية البحرية والبرية.
ولفت إلى أن زيت النفط يحتوي على العديد من المواد العضوية التي يعتبر الكثير منها مسمماً للكائنات الحية، ومن أخطر تلك المركبات مركب البنزوبيرين وهو من الهيدروكربونات المسببة للسرطان ويؤدي إلى موت الكائنات الحية المائية.
وأضاف في سياق آخر: إن كثافة النفط أقل من كثافة الماء، لذا فهو يطفو على سطح الماء مكوناً طبقة رقيقة عازلة بين الماء والهواء الجوي، وهذه الطبقة تنتشر فوق مساحة كبيرة من سطح الماء مما يمنع التبادل الغازي بين الهواء والماء، فلا يحدث ذوبان للأكسجين في مياه البحر مما يؤثر على التوازن الغازي.
ويقول: إن الطبقة النفطية تمنع وصول الضوء إلى الأحياء المائية فتعيق عمليات التمثيل الضوئي، التي تعتبر المصدر الرئيسي للأكسجين والتنقية الذاتية للماء، مما يؤدي إلى موت كثير من الكائنات البحرية واختلال في السلسلة الغذائية للكائنات الحية.
وتابع: "أضف إلى ذلك أن النفط المتسرب يتسبب في تلوث الشواطئ الساحلية نتيجة انتقاله لمسافات بعيدة بفعل التيارات البحرية وحركة المد والجزر، كما تتجمع بعض أجزائه على شكل كرات صغيرة سوداء تعيق حركة الزوارق وعمليات الصيد بالشباك وتفسد جمال الشواطئ الرملية وتتلف الأصداف البحرية والشعاب المرجانية مؤثرة على السياحة في تلك المناطق. كما أن المركبات النفطية الأكثر ثباتاً تنتقل عن طريق السلسلة الغذائية وتختزن في أكباد ودهون الحيوانات البحرية، وهذا له آثار سيئة بعيدة المدى لا تظهر على الجسم البشري إلا بعد عدة سنوات".
محطات التحلية
وبيَّن الأكاديمي البغدادي أن علماء البيئة أشاروا إلى وجود بعض الآثار السلبية التي يمكن أن تؤثر على البيئة الحيوانية والنباتية للبحر الأحمر؛ نتيجة مخرجات عملية محطات التحلية "الأملاح" على السواحل التي ستعود مرة أخرى إلى البحر الأحمر؛ مما سيؤدي إلى إيجاد بيئة بحرية عالية الملوحة ستؤثر مباشرة على تغيير اتجاه حركة المياه.
واقترح لإنقاذ الثروة الطبيعية والحفاظ على البيئة البحرية انصهار جميع المؤسسات التنموية في شتى المجالات الصناعية والتعدينية والسياحية والاحيائية على مستوى الوطن والاقاليم المشتركة للبحر الاحمر في الحفاظ على الثروات البيئية بالبحر الاحمر، وتطبيق جميع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية بصورة جادة وإجبارية، والتنسيق بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، والجهات العلمية، والبحثية، للوصول إلى القدر المثالي من الحفاظ على البيئة، وحمايتها من التلوث؛ لضمان تطبيق وتناغم التشريعات ذات الصلة، ومراعاة البيئة في خطط التنمية الوطنية والإقليمية بتقوية النظم الإدارية للبيئة وتفعيل الدور الاعلامى والارشادي في التوعية العامة والخاصة بمشكلات البيئة المختلفة، وأثرها السلبي المباشر وغير المباشر على تنميتنا على المديين القريب والبعيد، وتفعيل المشاركة الجماهيرية في ذلك، ودعم معاهد الأبحاث المتخصصة بالمجالات البيئية.
تكاتف العرب
في سياق متوازن، قال ل"اليوم" الدكتور علي عبدالفتاح جاد الله -المتخصص في البيئة البحرية عضو هيئة التدريس في كلية العلوم التطبيقية بجامعة أم القرى-: إن البحر الأحمر والخليج العربي يحتاجان إلى مزيد من الحماية ومكافحة التلوث ليس فقط من دولة واحدة، بل التعاون مع جميع الدول العربية المطلة عليهما، لافتاً الى ان مكافحة التلوث في هذا البحر الاحمر والخليج العربي ستجعلهما يتمتعان بكافة مقومات الحياة لجميع الكائنات التي تعيش في البحر والخليج، والمحافظة عليهما كبحيرات حيوية تحقق مبدأ التنمية المستدامة لجميع الأجيال.
وأضاف الدكتور جاد الله: إن الحركة النشطة لناقلات البترول والسفن التجارية بين الشرق والغرب عبر البحر الأحمر؛ -كونه أقصر وأسرع الطرق البحرية- تجعله عرضة للتلوث خاصة بالبترول أثناء عمليات الشحن والتفريغ وتموين السفن بالوقود وتفريغها من النفايات، إضافة إلى التلوث الناتج عن صرف المخلفات البشرية والحيوانية ومخلفات الزراعة من أسمدة ومبيدات حشرية ومخلفات صناعية من المصانع المنشأة على شواطئ البحر الأحمر مثل مصانع الفوسفات والحديد والصلب والمنشآت البتروكيميائية، حيث إن مياه الصرف الصحي تعتبر من اكبر الملوثات التي تعاني منها مياه البحر الأحمر، مؤكداً أن تجاوز هذه المشكلة يعود إلى النظر في كيفية الاستفادة من هذه المياه؛ كونها ثروة وليست خطراً لا بد من التخلص منه، وذلك من خلال معالجتها وليس التخلص منها، مشيرا إلى ما يقوم به العالم المتقدم من استغلال لهذه المياه إلى 70 بالمائة، بينما دول البحر الأحمر لا تستثمر منها سوى 25 بالمائة فقط.
تطهير الموانئ
وأشار إلى أن عمليات تطهير الموانئ وصيانة وطلاء السفن بالإضافة إلى التلوث الناشئ عن مشاريع تحلية مياه البحر من مسببات التلوث في البحر الاحمر، بخلاف التلوث الناتج عن عمليات البحث والتنقيب عن البترول أو المعادن في مياه البحر الأحمر.
وأبان أن منطقة البحر الأحمر وخليج عدن تعتبر مركزاً لاستكشاف وإنتاج ومعالجة ونقل أكثر من نصف احتياجات النفط المؤكدة في العالم، ويتم تصدير النفط المنتج حول منطقة البحر الأحمر إلى ممر يضيق بناقلات النفط، وفي كل عام يدخل خليج عدن ما بين 20-35 ألف ناقلة محملة بالنفط ومتجهة إلى الشرق الأقصى وأوروبا، وحول الجزيرة العربية إلى البحر الأحمر، حيث تواصل رحلتها إلى الشمال عبر قناة السويس إلى البحر المتوسط، أو تفرغ حمولتها عند مدخل خط الأنابيب في العين السخنة المصرية، ويتم نقل أكثر من 100 مليون طن من النفط سنوياً عبر البحر الأحمر، ونصف هذه الكمية عن طريق خط بترومين في مدينة ينبع الصناعية السعودية.
ولفت الدكتور جاد الله إلى أن بيئتي البحر الأحمر وخليج عدن تعتبران من البيئات الحساسة؛ لاحتوائهما على مساحات كبيرة من الشعاب المرجانية ومستنقعات المانجروف السوداء التي أدت إلى جنوح بعض الناقلات وغرقها، إضافة إلى تعرضها لظروف قاسية مثل ارتفاع درجة حرارة المياه، وتركيز الأملاح، ونقص العناصر المغذية نتيجة لعدم وجود أنهار تصب فيه، بالإضافة إلى قلة الأمطار التي تسقط عليه أو حوله.
وعن تلوث الخليج العربي، أجاب: "تتعرض البيئة البحرية في الخليج العربي لأشكال متنوعة من التلوث المباشر وغير المباشر، حيث تستخرج من الآبار المجاورة لشواطئه الملايين من براميل البترول في اليوم، ويتسرب منها الكثير إلى مياه الخليج، كما تشحن الناقلات كميات كبيرة من النفط المستخرج في الخليج، والتي يؤدي التسرب منها أو جنوحها إلى المساهمة بنسبة كبيرة في تلوث المياه، فضلاً عن المياه الموازنة التي يتم التخلص منها في مياهه قبل الشحن، إضافة الى مخلفات الصناعات البتروكيماوية ومصافي النفط الكثيرة التي انتشرت على سواحل الخليج العربي".
حرب الخليج
وأشار إلى أن حرب الخليج الأولى لعبت دوراً كبيراً في تلوث مياه الخليج وذلك فيما يعرف بحرب الناقلات التي أدى تدمير بعضها إلى تسرب كميات كبيرة من زيت البترول في مياه الخليج، منوهاً أن حرب الخليج الثانية جاءت وبما رافقها من حرق لآبار النفط الكويتية وتدفق النفط في مياه الخليج لتزيد من حجم الكارثة وتجعلها أكثر خطورة وتعقيداً، ليس للمنطقة فحسب، بل لكل جهات العالم.
دراسات مفزعة
وختم الدكتور جاد الله حديثه بنتائج دراسات بيئية مفزعة عن شواطئ الشرقية، مؤكداً أن الدراسات دلت على أن التلوث بالنفط في الخليج يبلغ أكثر 47 مرة من التلوث على المستوى العالمي بالنسبة إلى وحدة المساحة، ويأتي 77 بالمائة من التلوث من عمليات الإنتاج البحري والناقلات.
ولفت إلى أنه نتيجة لهذا التلوث وجدت تركيزات من الهيدروكربونات والمركبات العضوية الأخرى في مياه الخليج، لاسيما حول المنشآت النفطية وخاصة في المناطق الشمالية من الخليج، حيث مناطق التصدير ومحطات الإنتاج. وتعتبر تركيزات القار على شواطئ دول الخليج من أعلى التركيزات في شواطئ العالم، ونظراً لاعتماد دول الخليج على مياهه كمصدر للماء العذب الذي يتم تحليتها، فإن زيادة تركيزات الهيدروكربونات والعناصر الثقيلة في مياه البحر تؤثر بدرجة كبيرة على نوعية المياه المنتجة في وحدات التحلية.
إهمال البيئة البحرية يبدو جلياً وسط أكوام من الأحجار والأخشاب والمخلفات على أحد شواطئ الشرقية
شباب الكشافة ينفذون برنامجاً توعوياً لتنظيف السواحل
نفوق الأسماك أكبر مخاطر تلوث الخليج بالنفط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.