الأخطاء التي ترتكب من قبل سائقي المركبات أثناء القيادة عديدة ومعظمها يؤدي الى كوارث مؤسفة لا تزال تحدث في سائر شوارع المدن الرئيسية والفرعية، غير أن أشهرها في عصرنا الراهن انشغال السائقين باستخدام جوالاتهم أثناء القيادة وهو خطأ يصفه معظم الناس ب«القاتل» وهو كذلك بالفعل، والحادث المروري عادة يقع في لحظات معدودة وربما قبل أن يرتد طرف السائق اليه، ويمكن تجنب سلسلة الكوارث ما صغر منها أو كبر بسبب استخدام الجوالات، لو أن السائق أوقف سيارته على جانب الطريق وحاول الرد على صاحب المكالمة ومركبته متوقفة، فالأرقام كما نعلم تحفظ في ذاكرة الهاتف الجوال ولو بعد حين. واذا فرضنا جدلا أن مكالمة وصلت لصاحب المركبة وهو يسير في أحد الطرق السريعة التي ربما لا تتواجد على جوانبها مواقف للمركبات، فإن باستطاعته الخروج من هذا الطريق ليسلك الطريق المحلي الذي تتواجد به المواقف عادة ويعاود الاتصال بصاحب المكالمة بدلا من تعريض نفسه ومن معه من الركاب وتعريض المركبات الأخرى لأفدح الأضرار، والحوادث القاتلة كما نعلم تحدث بسرعة فائقة وربما تحدث «ما بين طرفة عين وانتباهتها»، والأفضل والأجدى في كل الحالات والأحوال أن يتجنبها السائق بإيقاف مركبته عند أقرب موقف والرد على المكالمة التي وصلته. سجلات الشرطة كما نعلم ملأى بحوادث مؤسفة وقاتلة؛ وذلك بسبب انشغال بعض السائقين بالمكالمات عبر جوالاتهم. وأظن أن الوقت قد حان ليتحول هذا الخطأ «المتعمد» الى مخالفة مرورية لا بد أن يعاقب القانون عليها، وكلنا يعلم أن العديد من دول العالم أدخلت هذا الخطأ الذي يمكن وصفه بسهولة ب«الفادح» ضمن المخالفات المرورية التي لا بد من معاقبة السائقين عند ارتكابهم له، واذا أدرج هذا الخطأ ضمن المخالفات المرورية فلا شك أن الحوادث التي تقع بسببه سوف تقل. وتبقى مسألة مراقبة السائقين الذين يعمدون الى ارتكاب هذا الخطأ «القاتل» والتقنية الحديثة سهلت المهمة على رجالات المرور، فالأجهزة الحديثة القادرة على رصد المخالفات المرورية كالسرعة وقطع الاشارات ونحوها من المخالفات قادرة في ذات الوقت على رصد ذلك الخطأ، واذا صعب هذا الرصد «آليا» فيمكن أن يتحول الى مراقبة مباشرة من رجالات المرور في الشوارع، لاسيما في التقاطعات المهمة. ومهما يكن من أمر فلا بد من وقف هذا الخطأ ومحاولة الحد من كثرته وصولا الى إلغائه تماما، ويتأتى ذلك عن طريق المراقبة الآلية أو الذاتية، ويتأتى كذلك عن طريق التوعية عبر وسائل الاعلام المقروءة والمرئية والمسموعة وعبر الجوامع من خلال الخطب الدينية، وعبر الملصقات التي يمكن نشرها على جوانب الطرق السريعة وغيرها من الطرق الرئيسية والفرعية داخل المدن، وسواها من الحلول التي يمكن بواسطتها الحيلولة دون تفشي هذا الخطأ واستمراريته.