غدا تبدأ الدراسة.. وذلك يعني تحولاً موسميا ل«أم الحالة» النفسية والجسدية والروحية للناس. واليوم الأول للدراسة في كل مكان يوم خاص ومتعب. وسيكون يوماً ل«الصداع العام»، لأن أغلب الطلاب وأغلب المعلمين لن يناموا هذه الليلة إلا قبيل الفجر، كما هو دأبهم في العطلات والأعياد. وبعضهم لن ينام وسوف يذهب إلى المدرسة محمر العينين مبحلقاً كأنما يكون صحيباً لأهل الكهف دهراً، وهو في شبه غيبوبه: عقل نائم، وحواس مجمدة، وجسد يتحرك. وسوف يعود من المدرسة متهالكاً مصدع الرأس لينام ولن يصحو إلا بعد المغرب ليبدأ سهرة طويلة، ثم هكذا طوال الأسبوع الأول، لأننا مبدعون في العبث بالساعة البيولوجية. بل إن الساعة يتم تعطيلها عسفاً وطغياناً بالقوة ويتم رميها في البحر أو دفنها في رمال الربع (على يمين شوالة)، طوال أيام العطلة. ومثلما أيام الأسبوع الأول أيام غيبوبة، فهي أيضاً «أيام عز» للصيدليات. ويفضل أن تستعد الصيدليات اليوم مبكرا ل«يوم الصداع العالمي» غداً وتضع أجنحة خاصة بمركبات «باراسيماتول اكسترا» ب«الكوم»، لأنها إن لم تستعد سوف تعاني من أزمة، في نهاية اليوم الدراسي الأول بالذات، بسبب هجوم متوقع من قوم يأجوج ومأجوج الصداعى خاصة ذوي «الشوش» المدللين الذين تعودوا، وهم في حالاتهم الطبيعية، أن يطلبوا أي شيء فيجدوه حالاً وفوراً بلا تلكأ أو تأخير، فكيف إذا كانوا مصدعين.! أعان الله مديري ومديرات المدارس (الذين أصلحوا ساعاتهم البيولوجية مبكراً)، لأنهم سوف يرون العجب «مما أحدث الناس في رجب» وشوال، وسيتعاملون مع «موال طويل» من مشاكل الساعات البيولوجية، وحالات النصف صحو، والغيبوبات المستمرة، وأجساد تتحرك بقوة الدفع الذاتي للريح.!بعد الأسبوع الأول، يهرع كثيرون ليبحثوا عن الساعة البيولوجية وتنظيفها من الأغبرة وهجير الشمس، في محاولة ملحة ومتعبة لإعادتها إلى العمل من جديد. وبعضهم لن يجدها، وسيمضي شطراً من السنة يبحث عنها، وإذا وجدها فسيكون إصلاحها أمراً مستحيلاً، وقد فات الأوان. و«ما فيش فايدة يا صفية»، كما قال الزعيم المصري الراحل سعد زغلول. أعان الله مديري ومديرات المدارس (الذين أصلحوا ساعاتهم البيولوجية مبكراً)، لأنهم سوف يرون العجب «مما أحدث الناس في رجب» وشوال، وسيتعاملون مع «موال طويل» من مشاكل الساعات البيولوجية، وحالات النصف صحو، والغيبوبات المستمرة، وأجساد تتحرك بقوة الدفع الذاتي للريح.!. *وتر تسرد المآقي حكاياتها بمداد ماء العين.. وتنشد حزوى أغانيها الخاصة من ثمام السرو، وخفاف المغاتير، نعمى الدهناء الخالدة، إذ يخضن، جنوباً، بحر الرمال ويعبرن وهج الشمس إلى يبرين. وينسجن من بهجة الفياض، وهبوب الصبا، تعب السرى وألحان الحداة المولعين بالخطى. [email protected]