العفو والصفح من أبرز الأخلاق الإسلامية ومن سمات ديننا الإسلامي الحنيف ومحاسنه العظيمة خصوصاً إذا كان العافي في موضع القوة والقدرة ولذا قيل العفو عند المقدرة. وقد دلت دلائل الكتاب والسنة على ذلك وحثت عليه. ومن ذلك قول الله جل وعلا: (وإن تعفوا وتصفحوا فإن الله غفور رحيم) وما كل أحد يوفق للعفو وما كل أحد يقدر عليه إلا من كان ذا صبر وذا حظ عظيم من الإيمان والأخلاق وشيم الرجال ورجاحة العقل والحكمة والنظر في الأمور. ترحيب كبير بالعفو حينما أقدمت تلك الفئة على ظلم نفسها وغيرها فيما أقدمت عليه من أعمال تخريبية وأحداث دموية استاء لها الجميع وكانت ردود الأفعال قوية جداً إذ لا أحد يرضى بما حدث بتاتاً مهما كانت المبررات والدوافع. فبقدر ردود الأفعال القوية لرفض هذه الأعمال والدعوة لمحاربتها فإن الترحيب بمبدأ العفو تجاه من يسلم نفسه وخضوعه لأمر الشرع كان الترحيب بهذا النداء أكبر الأثر في نفوس الجميع فقد لاقى ذلك النداء صدى كبيراً من جميع طبقات المجتمع وشرائحه. نداء حكيم في البداية التقت (اليوم) بفضيلة الشيخ محمد بن عبد الله الزبن رئيس ديوان المظالم بالمنطقة الشرقية حيث علق على ذلك قائلاً: لاشك أن نداء خادم الحرمين الشريفين حفظه الله لهذه الفئة بأن تراجع نفسها وترجع إلى جادة الحق وتسلم نفسها لهو نداء حكيم انطلق من منطلق الشرع المطهر الذي دعا إلى العفو بصفة عامة من جهة وبصفة خاصة تجاه المحاربين والمفسدين في الأرض إذا هم سلموا أنفسهم قال الله جل وعلا: ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسول ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا او تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم، إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم) المائدة (33) فنجد أن الله جل وعلا قال: ( إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم). فهذه الآية تدعوا إلى التوبة والرجوع إلا الحق قبل القدرة على من اعتدى. لذا فأنا أدعو هؤلاء القوم بأن يغتنموا هذه الفرصة التي لم يبق منها إلا القليل ويرجعوا إلى الله ويتوبوا إليه سبحانه مما أقدموا عليه فظلموا بذلك نفوسهم وأهليهم ومجتمعهم بل حتى أنهم أساءوا بما عملوا إلى الإسلام واستفاد من ذلك أعداء الإسلام وظن كثير من غير المسلمين أن الإسلام يمثله هؤلاء، وهذا ظلم واضح وبين فالإسلام دين السلام والتسامح والعفو والإحسان في كل شيء بل أننا نجد أن كثيراً من المؤسسات الدعوية والإغاثية تضررت بسبب ذلك. وحكومة هذه البلاد وفقها الله لكل خير تسعى جاهدة لكل خير وحريصة على أمن هذا البلد الذي أمنه الله- وما هذه البادرة الكريمة من ولاة الأمر إلا رغبة في الخير وحب في الإصلاح والعفو عن المسيئ ولإصلاح ما تعكر من صفو أمن هذه البلاد. وهذا ليس بغريب عن ولاة أمر هذه البلاد حرسها الله. وأخيراً أؤكد الدعوة لكل من حاد عن الحق أن يرجع إلى الحق ويستفيد من العفو عسى الله أن يعفو عنا. الرجوع إلى الحق أما فضيلة الشيخ عبد الله اللحيدان مدير فرع وزارة الشئون الإسلامية بالمنطقة الشرقية فعلق على الموضوع قائلاً: الرجوع إلى الحق والتوبة من الزلل أمر واسع ومجاله مفتوح فالواجب على المسلم أن يرجع إلى الحق مباشرة هذا على وجه العموم ثم إذا أتيحت له فرصة الرجوع وهيئت له الأسباب فالمبادرة بالرجوع تكون آكد. نعم ربما يصر المرء على موقفه رغم وقوف الجميع ضد هذا الموقف. فهنا يأتي دورنا في البحث عن أسباب إصرار المرء على موقفه ولاشك أن لذلك أسبابا يأتي في مقدمتها ظن المرء أنه على حق نتيجه التصورات الخاطئة ونتيجة انحراف الفكر وهذه مصيبة. وعلى العموم نحن لو رجعنا إلى قصة موسى عليه السلام حين قتل المصري عندما استغاث به الذي من شيعته فوكزه فكانت القاضية فندم موسى على فعلته وعدها من عمل الشيطان واستغفر ربه كما قال تعالى: (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان انه عدو مضل مبين، قال رب أني ظلمت نفسي فاغفر لي، فغفر له أنه هو الغفور الرحيم، قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين) القصص 15-17 ففي هذه الآيات عظات وعبر يستفيد منها كل من أخطأ وظلم نفسه وغيره. * فالظلم من عمل الشيطان * والشيطان عدو ظاهر العداوة للإنسان * الاعتراف بالخطأ من شأن النفوس اللوامة * طلب المغفرة وترك الذنب والخطأ.. ومعاداة المجرمين بعد تركهم والبعد عنهم.