تحولت حملة دولية لمقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية بسرعة، من مجرد مصدر ازعاج ضئيل إلى واقع اقتصادي قاس للمزارعين الإسرائيليين في غور الأردنبالضفة الغربية، فيما حذر مسؤول اوروبي "اسرائيل" من مغبة الاستمرار في الاستيطان، مؤكدا ان صبر اوروبا على اسرائيل بدأ ينفذ، فيما قدمت اوروبا اغراءات لتل ابيب ورام الله لتوقيع اتفاق سياسي. وبحسب تقرير لوكالة "الأسوشيتد برس"، فقد انخفض صافي الدخل من صادرات المزارعين في 21 مستوطنة في الغور أكثر من 14 في المائة؛ لأن سلاسل الاسواق الكبيرة في أوروبا الغربية، ولاسيما في بريطانيا والدول الاسكندنافية، يتجنبون بشكل متزايد منتجات المنطقة، وقللت إسرائيل من تأثير حملة "المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات"، التي أطلقها نشطاء فلسطينيون في عام 2005 للضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي المحتلة. ورغم رد فعل إسرائيل الرسمي على المقاطعة، يعتقد بعض المزارعين في المنطقة، أن الحملة قد ادت لتداعيات اقتصادية في المنطقة. وتعيش نيفا بنزيون، في مستوطنة نتيف هوغداد واعتادت على بيع 80 في المائة من انتاج مزرعتها لسلاسل الاسواق الكبيرة في أوروبا الغربية، وخاصة في بريطانيا. وقالت: إن المبيعات إلى أوروبا الغربية انخفضت في العامين الماضيين، وتقترب من الصفر، مضيفة: انه "في غضون سنوات قليلة، أو حتى هذا العام أو العام المقبل، لن نستطيع بيع أي من منتجاتنا للمجتمع الأوروبي، وبعد ذلك سيتعين علينا إيجاد أماكن أخرى للقيام بذلك، أو أن نقرر الخروج من المستوطنة". وقال ديفيد الهياني، رئيس المجلس الإقليمي لغور الأردن: "لدينا 21 مستوطنة، وقد أثرت فينا هذه المقاطعة بمثل هذه الطريقة، وهناك انخفاض في الدخل". وتأتي مشكلة المزارعين في غمرة جدل متزايد في اسرائيل حول تداعيات فشل محتمل لمهمة الوساطة التي يتولاها وزير الخارجية الامريكية جون كيري. ويريد كيري التوصل الى اتفاق على الخطوط العريضة لاتفاق سلام بين اسرائيل والفلسطينيين، لكن لا تزال هناك فجوات واسعة بين الجانبين. أنصار صفقة الأرض وحذر أنصار صفقة الأرض مقابل السلام مع الفلسطينيين، من أن اسرائيل قد تواجه مقاطعة متصاعدة من ذاك النوع الذي أسقط نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا، إذا رفضت مقترحات كيري التي من المقرر ان يقدمها في الأسابيع المقبلة. وقالت سلسلة محال ماركس أند سبنسر: إنها أوقفت بيع المنتجات القادمة من الضفة الغربية منذ عام 2007. كما قالت محلات ويتروز الراقية: إنها أوقفت بيع الأعشاب القادمة من الضفة الغربية منذ عدة سنوات. ومن جهتها، قالت محال موريسون، وهي رابع أكبر سلسلة متاجر في بريطانيا: إنها أوقفت بيع التمور القادمة من الضفة الغربية منذ عام 2011. وفي عام 2012، قالت كو - أوبوريتف غروب، وهي خامس أكبر متاجر لبيع المنتجات الزراعية: إنها رفعت منتجات المستوطنات الإسرائيلية من رفوفها. وبعض متاجر البيع بالتجزئة مثل كو - أوب، قالت: إنها اتخذت موقفا أخلاقيا، معتبرة أن المستوطنات غير شرعية. وقال آخرون مثل ويتروز: إن قرارهم نابع من مصالح تجارية. وتستهدف حملة المقاطعة التي يتزعمها فلسطينيون، الضغط على الحكومة الاسرائيلية للانسحاب من الضفة الغربيةوالقدسالشرقية وتفكيك عشرات المستوطنات هناك التي يقيم فيها حاليا أكثر من 550 ألفا من المدنيين الإسرائيليين. ويقول نشطاء: إن حملة "المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات" تكتسب زخما. وأشاروا إلى سلسلة النجاحات التي تحققت في الآونة الاخيرة. وقال مدير صندوق بي. جي. جي. إم. الهولندي لمعاشات التقاعد: انه سحب استثماراته من خمسة بنوك إسرائيلية؛ لأنها تشارك في تمويل بناء المستوطنات اليهودية. وتسببت قرارات أخرى، مثل القرار الأخير لمجموعة علمية أمريكية لمقاطعة الجامعات الإسرائيلية، في رد فعل واسع النطاق؛ ويرجع هذا في جانب منه لأن القرار استهدف إسرائيل وليس المستوطنات فقط. تدابير مناهضة للاستيطان وبدأ الاتحاد الأوروبي الذي يعتبر المستوطنات الإسرائيلية غير مشروعة بموجب القانون الدولي، اعتماد بعض التدابير المناهضة للاستيطان، وأبرزها حظر تمويل الاتحاد الأوروبي للمشاريع البحثية في الأراضي المحتلة، وهو ما دخل حيز التنفيذ هذا الشهر. ووفقاً للقناة الاسرائيلية، فقد بعث الدبلوماسي الاوروبي برسالة لحكومة الاحتلال جاء فيها: "لن يكون لدى الحكومات الاوروبية المزيد من الصبر حيال اعلان اسرائيل بناء المزيد من الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية، في ظل استمرار المفاوضات". التحذير الأوروبي وأضاف المسؤول الأوروبي: "إنه على اسرائيل ان تتوقع ردا شديد اللهجة من اوروبا، ان استمرت في الاستيطان". وربط الاتحاد الأوروبي منح إسرائيل والسلطة الفلسطينية رزمة مساعدات لم يسبق لها مثيل بتوقيعهما اتفاقية سلام، اضافة الى رفع مستوى علاقاتها مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية إلى أعلى مستوى قائم، مع دول ليست في الاتحاد الأوروبي. ونقلت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية، عن دبلوماسي أوروبي كبير: إن مسودة القرار صودق عليها في جلسة للجنة السياسية - الأمنية التابعة للاتحاد الأوروبي في بروكسل، بمشاركة سفراء الدول الأعضاء في الاتحاد. وقالت "هآرتس": إن الهدف من رزمة المساعدات هو تشجيع الطرفين على اتخاذ قرارات صعبة وضرورية من أجل التوصل إلى اتفاق سلام. وبحسب الدبلوماسي، فإن الرزمة تشمل مساعدات اقتصادية وسياسية وأمنية للطرفين، كجزء من التوقيع على الحل الدائم. وقال المسؤول الأوروبي: إن القرار قد وضع بالتنسيق مع وزير الخارجية الأمريكية جون كيري؛ بهدف دفع جهوده للتوصل إلى اتفاق سلام. وقدم الاقتراح وزراء خارجية كل من ألمانياوبريطانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا. وبحسب مسودة القرار، فإن رزمة المساعدات تشمل تعزيز فرص الوصول إلى السوق الأوروبي، وتوطيد العلاقات الثقافية والعلمية، وتعزيز التجارة والاستثمار من جانب الشركات الأوروبية، وتشجيع التعاون في القطاع الخاص في الاتحاد الأوروبي مع القطاع الخاص في إسرائيل وفلسطين، ورفع مستوى الحوار السياسي والتعاون الأمني. وفي هذا السياق، قدرت قيمة رزمة المحفزات الأوروبية بمليارات اليوروهات، وكان الحديث عن رفع مكانة إسرائيل الدولية بطريقة تخرجها من العزلة الدولية، إضافة إلى ضمانات أمنية في قضايا استراتيجية، مثل "إيران والحرب على الإرهاب والتعاون الاستخباري". وتقضي صيغة القرار ايضا، بأن يعرض الاتحاد على اسرائيل والدولة الفلسطينية المستقبلية رفع مستوى العلاقات الى مستوى "شراكة مميزة خاصة"، ويدور الحديث عن رفع العلاقات بين الاتحاد الاوروبي واسرائيل وفلسطين الى أعلى مستوى تصل له دولة ليست عضوا في الاتحاد الاوروبي.