استكمالا لعرض الأمس من كتاب "تحدث مثل تشرشل وقف مثل لينكولن"- الصادر حديثا للمؤلف جيمس هيومز وإرشاداته لكيفية السيطرة على "وقفة استجماع القوة" وأدائها بشكل سليم. حيث يقول: قبل أن تتحدث، ركز ناظريك على كل من سيستمعون إليك. حاول قبل أن تبدأ في خُطبتك أو محاضرتك أن تردد سرًا في نفسك كل كلمة من كلمات الجملة الافتتاحية التي ستبدأ بها. وكل ثانية تنتظرها- قبل أن تبدأ في الحديث- تُعَزِّزء من تأثير كلماتك الافتتاحية. واجعل من وقفة استجماع القوة، هي فترة استعدادك الصامت قبل إلقاء الخطبة. قف. حدق في الحضور، ثم قُدهم؛ وسيصغون إليك. كما يؤمن هيومز بشدة في فاعلية الملبس- والمظهر عمومًا- في زيادة قوة خُطبتك أو فعالية محاضرتك. ويقول عن رئيسة وزراء بريطانيا السابقة، مارجريت ثاتشر، إن حقيبة يدها كانت من معالم شخصيتها مثلما السيجار لتشرشل. وبيعت إحدى هذه الحقائب- في الآونة الأخيرة- في مزاد خيري مقابل 150 ألف دولار. وقال أحد خصومها السياسيين عنها ذات يوم إن ماجريت لم تذهب إلى أية مؤسسة بريطانية إلا ومعها حقيبة يدها. وحكى وزير بريطاني أنه أثناء حضوره مع زملائه الوزراء إلى 10 داوننج ستريت- مقر رئيس الحكومة البريطانية- لحضور اجتماع وزاري قيل لهم إن رئيسة الوزراء غير موجودة لكن حقيبة يدها الضخمة موجودة على منتصف الطاولة. ولم يتكلم أحد؛ فقد ألجمهم ذكر الحقيبة. هذا المشهد قد يدل على مقدار وزن وثقل مسئوولي حكومة ثاتشر أكثر مما يشي عن قوة حقيبتها وإن كانت قوة الرمز أو الحقيبة واضحة. إن الصور تنقل وتعبر عن الشحنات العاطفية فورًا، وربما يكون تعبيرها أكثر بلاغة من عشرات الكلمات. لكن كيف يكتسب الرمز قوته؟ إنه يكتسب هذه القوة بمرور الوقت، وبتكرار ظهور ارتباط الرمز وصاحبه، والعلاقة العاطفية القوية تجاه هذا الارتباط. فقد أصبحت حقيبة يد ثاتشر رمزًا لفترة ولايتها رئيسة للوزراء، لأنها كانت دائمًا معها طوال فترة حكمها الطويلة، ولأن المشاعر تجاهها كانت كبيرة؛ سواء بالإيجاب أو بالسلب. حتى أن اللغة الإنجليزية دخلها فعل جديد مستقى من حمل حقيبة اليد وهو Handbagging ويستخدم لوصف اعتزام ثاتشر إغلاق أو خصخصة مؤسسة بريطانية كبيرة الواحدة تلو الأخرى، ويستخدم-أيضًا- بمعنى يهاجم؛ خاصة للمرأة أو للسياسي الذي يشن هجومًا كلاميًا على خصومه. وصار الانطباع الذهني لحمل الحقيبة يعني مرادفًا لكلمة سلاح. وتتماشى الكلمة تمامًا مع الانطباع العام عن ثاتشر بوصفها امرأة قوية مسيطرة لا تلين لها قناة. وتستطيع أن تُعَوِّل على قوة الرمز خلال الخُطبة أو المحاضرة عن طريق التقاط شيء له وجود بصري قوي وواضح- أي لا يكون صغيرًا وليس معدًا لفئةٍ واحدةٍ لا يفهمه غيرها- وربطه برسالتك المحورية. ولا بأس من أن تتخذ شيئًا مألوفًا ثم تغيره بطريقة يمكن بها التعرف عليه، لكنها مختلفة بما يكفي لجذب الانتباه. على سبيل المثال، إذا كنت تٌلقي محاضرة بشأن أهمية عدم حدوث عجز في الميزانية، فلك أن تتناول مقصًا، وتتخذه نموذجًا واضحًا على الحاجة الماسة لخفض التكاليف. لكن اعلم أن الرموز من القوة بدرجة قد تجعلها تهيمن على أية معلومات أخرى في ذاكرة الحضور. لذا لا تستخدمها إذا كان لديك الكثير من المعلومات الدقيقة التي وقعت عليها. وفي النهاية يسخر هيومز من الشرائح المصورة لبرنامج باور بوينت وغيره من البرامج، لأنها تلفت الانتباه بعيدًا عن المتحدث وتستخدم في الغالب كغطاء آمني للمتحدث؛ أكثر من كونها وسيلة للمساعدة البصرية. ويقول إن الكثير من المسئولين التنفيذيين يرون أن عرض الشرائح بديلٌ عن الكلام؛ ومن ثم فلا يتعين عليهم الكلام، ويكتفون "بتقديم" كل شريحة. وما من شك في أن الرموز والأدوات والصور والإيماءات المصاحبة للحديث أمام حشد غفير هي سلاحٌ ذو حدين. فهي إما تعزز وبقوة من الرسالة التي يريد المرء توصيلها أو تُضعفها بشدة. على المرء أن يكون حصيفًا في الاستعانة بكل هذا الوسائل، حتى تكون مفيدة لمحاضرته. أما لو استعان بها بشكل سيء فما عليه بعدها إلا أن يحجز لنفسه مكانًا في أرتال تضم ملايين لا تحصى من المحاضرين العاديين في مجال الأعمال.