إن استمرارية السياسات المتطرفة التي تتبناها إسرائيل، ومواصلة الممارسات الإجرامية التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلية تجاه أبناء فلسطين، ورفضها جهود السلام الأميركية بشكل خاص، نابع بشكل أساسي من الدعم الأميركي غير المحدود لسياساتها المتطرفة، ومن الصمت الأميركي على جرائمها الإرهابية تجاه الشعب الفلسطيني.. فقط، عشرة أيام كانت كافية لإثبات عدم رغبة إسرائيل بالسّلام، وعدم جديتها بالذهاب نحو السّلام، وعدم اقتناعها بحل الدولتين الذي أسست له الكثير من الاتفاقيات والمؤتمرات الدولية ابتداءً من "إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي" والذي يشار إليه ب"اتفاقية أوسلو" أو "معاهدة أوسلو" أو "أسلو 1" الذي وقع بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، بحضور الرئيس الأميركي بيل كلينتون، في سبتمبر 1993م. نعم، فبعد عشرة أيام من "قمة شرم الشيخ للسّلام" التي عقدت بناءً على دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في 13 أكتوبر 2025م، بهدف وقف الإبادة الجماعية التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلية في قطاع غزة، وكذلك بهدف الذهاب لحل الدولتين استجابة للجهود السياسية والدبلوماسية العظيمة التي بذلتها المملكة العربية السعودية، أقدم البرلمان الإسرائيلي "الكنيست" على تقويض جميع الجهود الأميركية والدولية، السّاعية لإحلال السّلام والأمن والاستقرار بين الفلسطينين والاسرائيلين بدلاً من النزاع والصراع والحرب، وذلك من خلال التصويت على مناقشة مشروعي قانون بشأن ضم الضفة الغربية، وهذا الذي أشارت له وسائل الاعلام الدولية، ومنها قناة DW الألمانية بخبرها في 22 أكتوبر 2025م، والذي جاء فيه الآتي: "صوّت الكنيست لصالح مناقشة مشروعي قانون يهدفان إلى توسع السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربيةالمحتلة، وجاء هذا التصويت بالتزامن مع زيارة نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس إلى الدولة العبرية. وتمّ اعتماد مناقشة مشروع القانون الأول، الذي اقترحه زعيم حزب إسرائيل بيتنا القومي المعارض أفيغدور ليبرمان، بأغلبية 32 نائباً مقابل تسعة أصوات رافضة، وهو يهدف الى توسيع السيادة الإسرائيلية لتشمل مستوطنة معاليه أدوميم التي يزيد عدد سكانها على 40 ألف نسمة وتقع شرق القدس مباشرة. وتم اعتماد مناقشة مشروع القانون الثاني، الذي اقترحه النائب اليميني المعارض آفي ماعوز، بأغلبية 25 نائباً لصالحه و24 ضده، وهو يهدف إلى بسط السيادة الإسرائيلية على كامل الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967". وهذا الإجراء التشريعي الذي اتخذه البرلمان الإسرائيلي، أو السلطة التشريعية بإسرائيل، يعبر صراحة عن التوجهات السياسية والفكرية التي يؤمن بها ويتبناها صناع القرار في الدولة الإسرائيلية والمتمثلة بالرفض المطلق لجميع الجهود الدولية الداعية لإنهاء النزاع والصراع وإحلال السّلام بإقامة دولة فلسطينية وفقاً للمعاهدات والاتقافات الدولية، وأيضاً يمثل هذا الإجراء الإسرائيلي رفضاً قاطعاً لجميع القرارات الدولية الصّادرة عن مجلس الأمن بهيئة الأممالمتحدة، كما أنه يمثل تجاهلاً تماماً ورفضاً قاطعاً لجميع الجهود الدولية التي بذلتها الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترمب، التي عبرت عن استيائها من هذا الإجراء الإسرائيلي، كما تضمن الخبر الذي بثته BBC في 23 أكتوبر 2025م، وجاء فيه الآتي: "وصف نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، التصويت التمهيدي في الكنيست الإسرائيلي على ضم الضفة الغربيةالمحتلة بالقرار الغبي، مؤكداً -قبل مغادرته إسرائيل- أن سياسة الرئيس دونالد ترمب لا تزال قائمة، وهي رفض ضم الضفة الغربيةالمحتلة. وأضاف فانس أنه شعر بإهانة من تصويت الكنيست على ضم الضفة الغربية". وفي الختام، من الأهمية القول إن استمرارية السياسات المتطرفة التي تتبناها إسرائيل، ومواصلة الممارسات الإجرامية التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلية تجاه أبناء فلسطين، ورفضها لجهود السلام الأميركية بشكل خاص، نابع بشكل أساسي من الدعم الأميركي غير المحدود لسياساتها المتطرفة، ومن الصمت الأميركي على جرائمها الإرهابية تجاه أبناء فلسطين، ومن المساندة الأميركية المطلقة لجميع قراراتها المتناقضة والمتعارضة مع القانون الدولي. نعم، إن الحماية الأميركية غير المتناهية لإسرائيل تسببت في غياب السلام لأكثر من سبعة عقود، كما تسببت في تصاعد جرائم قوات الاحتلال الإسرائيلية، التي بدورها تساهم بتشويه صورة الولاياتالمتحدة الأميركية بصفتها الراعي والداعم والمساند لإسرائيل.