حين كان ونستون تشرشل يحتضر على فراش الموت جاء الجنرال دوايت إيزنهاور لزيارته. تصافح الرجلان، وكان تشرشل لا يقدر على الكلام. بعد عشر دقائق سحب تشرشل يده من يد الرئيس السابق لقوات الحلفاء وأشار بعلامة حرففي علامةً على النصر. وفيما كان إيزنهاور يغادر الحجرة قال لأحد مساعديه:لقد قلت إلى اللقاء لونستون فليس بوسع المرء أن يودع الشجاعة إلى الأبد." بهذه الحكاية التي وردت في كتابهتحدث مثل تشرشل وقف مثل لينكولن- الصادر حديثا-يشير مؤلفه جيمس هيومز إلى أن الإيماءات ولغة الإشارة لغة قوية ومؤثرة. ويدافع هيومز- الذي يدرس مادة الاتصال بجامعة ولاية كولورادو- عن وجهة نظره بالقول إن ما يحيط بالكلمات- في أية محاضرة- لا يقل أهمية عن الكلمات نفسها، في تعزيز الرسالة وتقويتها لتعيش في الذاكرة. بوسع الإيماءات أن تنقل رسائل عاطفية تبز الرسائل الكلامية. والأمثلة على تلك الإيماءات أو الإشارات التي تعيش في الذاكرة كثيرة. ومن أبرزها في القرن العشرين؛ منظر الرئيس الروسي السابق خروشوف الذي طرق بحذائه على المنضدة في الأممالمتحدة وهو يصيحسوف ندفنكم، والمصافحة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحق رابين والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في البيت الأبيض، عند التوقيع على معاهدة السلام الإسرائيلية الفلسطينية، والرئيس الأمريكي بيل كلينتون وهو يشير بإصبعه قائلاً:أنا لم أمارس الجنس مع هذه المرأة أثناء محاكمته في قضية المتدربة السابقة بالبيت الأبيض مونيكا لوينسكي. لكن المفارقة هي أن كل إيماءة أو إشارة من هذه الإشارات كانت أقوى من الرسالة الأساسية، بل ويتم تذكرها أكثر من تذكر الرسالة الأساسية أو الموضوع الذي تمت في سياقه. فقد انهار الاتحاد السوفيتي، ولم يدم السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وثبت فيما بعد أن كلينتون كذاب. لكن هذه الإشارات الثلاث ما زالت معالم بارزة أو أيقونات القرن العشرين. كيف تُسَّخِر لغة الإشارة أو الجسد لتعزيز قدراتك الخطابية؟ بادئ ذي بدء، يجب أن تكون الإيماءة أو الإشارة ذات صلة طبيعية مع المحتوى العاطفي الأساسي لمادتك. فلغة الإشارة تكون في أقوى حالاتها حين تكون حقيقية- غير زائفة أو متكلفة- وامتدادا طبيعيا للمشاعر التي تحاول التعبير عنها. لا تحاول أن ترسل إشارات زائفة من أجل التأكيد على أمر لا ينبع من صميم قلبك. ولا تكرر الإشارة. إن كررتها كي تتأكد من رؤية الجميع لها، فأنت تجازف بأن تبدو غير صادق. استعن بلغة الإشارة كما الأغنية في المسرحيات الهزلية الموسيقية؛ حيث ينخرط البطل في الغناء وهو ذاهب للقاء محبوبته أو العكس. والهدف أن هذه اللحظة أقوى من أن تعبر عنها الكلمات فقط. ابحث عن الكلمات ذات الشحنات العاطفية الكبيرة في خُطبك أو محاضراتك التي تلقيها وأردفها بإيماءة أو إشارة. وبخلاف لغة الإشارة، يقترح هيومز عدة طرق أخرى لتعزيز تأثير رسائلك ومحاضراتك. ويروي قصة تقول إن نابليون زاد من تأثير شخصيته الساحرة- وربما من منزلته- على عقول جنوده بالتوقف مدة تتراوح بين 40 و50 ثانية قبل أن يخطب فيهم عشية المعركة. إن التوقف لبرهة يزيد من قوة الخطبة أو المحاضرة، والسبب أن قلة قليلة منا هي التي تملك مقومات الاستمرار في الخطبة أو المحاضرة دونما انقطاع بشكل سليم. فنحن نندفع إلى ملء فراغات الصمت بكلمات مثلآآآه تجعل المحادثة متواصلة. لكن الأقوى كثيرًا من ذلك؛ هو أن تنتظر، وتجعل الحضور يتوقعون ما تقول،عن طريق التوقف لبرهة.