وداعا.. فارس!

أجل.. انه مصنع الرجال, لا الشعراء فحسب!
المنتدى الشعبي بالمنطقة الشرقية لم يكن بيتا للشعراء وحدهم ولا منبرا للشعر فقط, بل كان الى جانب ذلك كله مدرسة لاختيار الرجال وتخريجهم, فهو لا يحتضن الشعراء لصقل مواهبم الشعرية وصهرهم في بوتقة الإبداع واطلاقهم باتجاه المستقبل وهم أكثر تأهيلا وتوهجا وإنما هو فوق ذلك محك حقيقي لاكتشاف معادن الرجال وإعادة صياغتها من جديد, على اعتبار ان الشاعر الحقيقي ليس كذلك ما لم يكن رجلا حقيقيا.
ليس بالضرورة ان تكون شاعرا ولكن بالضرورة ان تكون رجلا وعندما تكون رجلا شاعرا فأنت هنا تحقق المعادلة الصحيحة والصعبة في آن.
الرجولة والشاعرية مفردتان منسجمتان في معناهما فاذا كانت الرجولة تأخذك الى الفروسية والنبل والتسامي فان الشاعرية يجب ان تصل بك الى ذات المعاني وما لم تفعل فأنت لست بشاعر وقطعا فلست ب(....)!
عندما تكون رجلا أولا وشاعر ثانيا فأنت بالقطع (فارس)! جميل ان تكون فارسا والأجمل ان تكون (فارس بن عائض) الصديق الوفي الذي عرفته عن قرب طوال مسيرة المنتدى الشعبي, هذا المشروع الريادي الذي دخل عقده الثاني وهو أكثر تصميما على مواصلة النجاح والتفرد, وكان فارس بن عائض اليامي نعم (الرجل/ الشاعر) الذي تصدى لمهمة قيادة المنتدى في مرحلة قد تكون قصيرة ولكنها من أصعب مراحل المنتدى. وقد استطاع من خلالها أبو حسام ان يكسب التحدي وان يثبت بكل وضوح ما كنا نؤكده باستمرار ونعمل على ترسيخه منذ البدء كمبدأ ومنهاج, وهو ان هذا المنتدى ليس صنيعة الرجل الواحد وانما خلاصة جهد جماعي يقف خلفه سلسلة من الكفاءات والخبرات والتجارب التي تتشكل وتنضج وتتفجر حقبة بعد أخرى وجيلا بعد آخر في منظومة من الحب والإخلاص.
يغادر خضير البراق ويحل فارس بن عائض, ويغادر فارس ليحل سالم بن صليم ثم نواف الدبل وضاوي وفرحان.. إلخ. المنظومة التي تكمل بعضها الآخر في تواصل حميم وعلاقة نبيلة لا تقوم على المصالح الشخصية بل تقوم على روح العطاء الأدبي الإبداعي المجرد.
عندما كشف لي اخي الصديق فارس اليامي مؤخرا رغبته في مغادرة المنطقة الشرقية والعودة الى مسقط رأسه (بدر الجنوب) بعد ان تم اختياره عضوا في مجلس المحافظة هناك, سعدت وحزنت في آن واحد, فقد سعدت لانه يغادرنا من نجاح الى نجاح آخر ومن تجربة الى تجربة أخرى مختلفة وان نجاحه الأول كان طريقة الى التجربة الجديدة وهذا ما يؤكد نظرية المنتدى من انه لا يزف الشعراء فقط وانما يزف الرجال كذلك الى مواقع المسؤولية والتفوق, وقد حزنت لأنني على المستوى الشخصي سوف افتقد أخا لم تلده أمي, كسبته نموذجا للوفاء والصدق ونبذ الذات ونقاء السريرة والعزاء ان صديقا من هذا النوع لا يمكن ان يغادر القلب وان غادر المكان!
دعواتي المخلصة لأبي حسام بالتوفيق والسداد في مهمته الجديدة وهو جدير بكل ثقة وتقدير, ولعله يفكر في نقل تجربة المنتدى الشعبي الى نجران خصوصا ان تلك المنطقة تضج بالشعراء وتحتاج الى منبر شعري قوي يحقق طموحها ويقدمها بالشكل الذي يليق بها وبشعرائها الكثر.
اما الصديق سالم بن صليم الذي تولى شأن المنتدى بعد مغادرة فارس, فهو ابن المنتدى ولا يحتاج الى نصائح او توصيات ونأمل له كل النجاح في مرحلة لا تقل أهمية عن سابقاتها وسيكون ان شاء الله عند حسن ظن الشعر والشعراء هو وزميله الصديق نواف الدبل (نائب المشرف على المنتدى) الذي اثبت مرات عديدة انه عنصر فعال لا يستغنى عنه وهو من مكاسب المنتدى وكوكبة رائعة أخرى من زملائه شعراء المنطقة الشرقية يمثلون في ترابطهم وتماسكهم وتضافر جهودهم قاعدة النجاح العريضة.
وفق الله الجميع.