شيعت الكويت اول الاسرى الذين ظلت امهاتهم تنادي عليهم طوال ليالي الاثنى عشر عاما التي مضت, ترجون فيها حر الرجاء ان يرق قلب الطغاة, اوصلن اصواتهن (للاخوة) العرب وللعالم اجمع عل احد (يمون) على الطاغية, قابلات بأن يعلمن فقط مصير فلذات اكبادهن ان كانوا احياء فينتظروهن, وان كانوا عند الرفيق الاعلى فيتقبلن فيهم العزاء. جئن بالاخوة العرب في مؤتمرات, رضين بعرض مأساتهن على شاشات التلفزيون, عرضت الامهات دموعهن فرجة, ابكت بناتهن القلوب و ادمتها, وحين انكر النظام علمه بهم صفقت الايادي وطالب الاخوة العرب بقفل الملف (وفضوها سيرة)! أتذكرون وجوه اعضاء النظام وهم ينكرون وجود اسرى او اي علم بمصيرهم؟ اتذكرون وجه طارق عزيز تحديدا وهو ينكر معرفة اي معلومة عنهم؟ انه هو الان من دلهم على مقبرة السماوة و البقية من العراقيين ممن نفذوا حكم الاعدام اعطوا تفاصيل دقيقة حول اليوم والمكان والطريقة التي تم فيها الاعدام, وقد ثبتت صحة هذه المعلومات! اذا .. كانوا يعلمون طوال الوقت؟ هذا السؤال ليس بجديد.. كان الكل يعلم انهم يعلمون, وقد كنا نعرف انهم يعلمون شأن علمهم بمصير بقية ابناء الشعب العراقي الذين عدوا من المفقودين فهم من امروا باعدامهم واهالة التراب عليهم ليدرأوا سوءتهم, لقد كان بامكانهم ان ينهوا عذابات الالاف لو دلوهم فقط على الرفات ليغلق هذا الملف, لكنهم ابوا الا التلذذ بسفك الدماء والتلذذ برؤية الامل الكاذب الذي ظل معلقا في عيون ذوي الاسرى, انما العتب ليس عليهم فهم ثلة من القتلة, العتب على من صاحت صيحاتهم للتمويه على هذه الحقائق التي تنافس الشمس سطوعا متجاهلين عن عمد وعن سابق اصرار وترصد كل هذه الانات, مدعين حمل راية الكلمة.. ومن اجل ماذا؟ (من شان القضية) و حتى لا يعلو صوت على صوت الايدلوجيا ولا تعلو كرامة على كرامة الحزب .. الا ما اهون كرامة الانسان وروحه وقيمته عند هؤلاء! لا ادري اي عين تنام اليوم لهم وهم يرون هذه المقابر التي تحفر بأظافر الامهات العراقيات؟ او هم يرون عظام الشباب الكويتي و رفاته ينقل لتتقبل اسرهم العزاء بهم من بعد مرور اثني عشر عاما على وفاتهم, لتبكيهم امهات و اطفال بدمع لم يجف طوال تلك السنوات؟ لقد اشاحوا بوجوههم حين ترجتهم الامهات وعليهم اليوم ان يمعنوا البصر فيما اقترفته اياديهم. الا فليعلم هؤلاء ان كل حرف نطقت به شفاههم و كل حرف خطته اياديهم في محاولة للتمويه على تلك الحقائق هو احدى شظايا الرصاصة التي اخترقت رؤوس الشهداء وقتلتهم. انما لا تتعجبوا ان واصل هؤلاء الظهور على شاشات التلفزيون او واصلت اقلامهم الكتابة, الم يكن طارق عزيز يدخن السيجار و يضع رجلا على رجل كاي جنتلمان وهو يعلم علم اليقين اين يرقد رفات القتلى؟ الم يكن زعيمه يقتل القتيل و يبكي فعلا في جنازته كما حدث في مذبحة البعث ثم يظهر على شاشات التلفزيون وهو يهز كتفيه ضاحكا؟!! الم يروا هتافات الاخوة العرب للزعيم واعضاء عصابته؟ الم يروا نجاحاتهم وهم يسكتون الاصوات التي تفضحه و يجهدون في مسح اثار الدماء من على شفاهه وتحويل الانظار الى غيره من السفاحين؟ اليست هذه وقائع مشجعة لهم للاستمرار في الظهور علنا دون خجل او حياء؟ كاتبة بحرينية