تكاد دول العالم في الشرق والغرب تتساءل وقد حبست الأنفاس يوم أمس في انتظار تقرير المفتشين الدوليين حول أسلحة الدمار الشامل التي قد تكون بحوزة العراق: هل هو القرار الأخير.. ام ان ثمة قرارات أخرى بهذا الشأن تحديدا قد تعلن خلال أيام؟ وسواء كانت الإجابة واحدة او متضاربة فان ذلك لا ينفي ظاهرة الانقسام الواضحة بين الدول الكبرى حول الأزمة العراقية, بما حمل واشنطن ولندن الى التفكير جديا في صياغة مشروع جديد يسمح باستخدام القوة ضد العراق بمنأى عن أي قرار أممي, غير ان اجماع أكثر من دولة كبرى داخل مجلس الأمن على تأجيل خيار الحرب واعطاء فرصة سانحة لحل المشكلة سلما يدعم فكرة الانقسام الواضحة التي قد تؤدي ان لم يحسم الخيار العسكري الى ايجاد مخارج آمنة قد تؤدي الى تجنب الحرب, وبالتالي الى وضع حدود قاطعة وفاصلة لمعاناة الشعب العراقي مع الحفاظ على هيبة الأممالمتحدة وسلطتها, ويبدو ان الساعات القادمة سوف تشهد تحركات دبلوماسية سريعة قبل اللحظات الأخيرة لاندلاع شرارة الضربة, فالوصول الى حل سلمي أفضل بكثير من الحرب لاسيما ان الأزمة العراقية وصلت الى أصعب مراحلها مما يتعين حسمها بطريقة علانية تحفظ للعراق سيادته وللمنظومة الدولية هيبتها, فقد أدت تلك الأزمة بالفعل الى تمزيق حياة العراقيين وزعزعة الاستقرار في المنطقة والتخوف من القادم المجهول, فرغم ان الولاياتالمتحدة وبريطانيا تملكان حق استخدام القوة, إلا ان ذلك لا يعني اهدار استخدام قوة الحق لا سيما ان القرار الأممي 1441 لا ينص صراحة على اللجوء إلى القوة بشكل تلقائي قبل استنفاد حل الأزمة سلما, وبالتالي فان الخروج من دائرة المشكلة بمنح المفتشين الدوليين فرصة كافية لانجاز مهمتهم هو الخيار العقلاني الآمن, غير ان ذلك يدفع للتأكيد مع تداعيات الأزمة وظهور انقسامات كبرى في مواقف الدول العظمى حيالها الى بداية بزوغ عهد جديد يلوح بالدخول الى عالم متعدد الأقطاب, وانحسار هيمنة القطب الواحد المنفرد بقيادة العالم.