نائب أمير القصيم يتسلّم تقرير مهرجان أضحيتي لعام 1446ه    وزير الشؤون الإسلامية يوجّه بتخصيص خطبة الجمعة القادمة عن بر الوالدين ووجوب الإحسان إليهما    القيادة تهنئ رئيس جمهورية تشاد رأس الدولة بذكرى استقلال بلاده    النصر يحسم تعاقده مع كينجسلي كومان    السعودية ترحب بإعلان أستراليا ونيوزيلندا عزمهما الاعتراف بالدولة الفلسطينية    جامعة جازان تطلق برنامجًا تدريبيًا في الذكاء الاصطناعي    بدء استقبال الترشيحات لجائزة مكة للتميز في دورتها السابعة عشرة    المدينة الطبية بجامعة الملك سعود تجري أول زراعة لغرسة قوقعة صناعية ذكية بالشرق الأوسط وأفريقيا    أحداث تاريخية في جيزان.. معركة قاع الثور    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ أكثر من 1000 منشط دعوي خلال شهر محرم    تراجع أسعار الذهب    احتلال مدينة غزة جزء من خطة استراتيجية تنتهي بالتهجير    إنهاء معاناة مقيمة عشرينية باستئصال ورم وعائي نادر من فكها في الخرج    أمير تبوك يستقبل المواطن ناصر البلوي الذي تنازل عن قاتل ابنه لوجه الله تعالى    الهولندي "ManuBachoore" يحرز بطولة "EA Sport FC 25"    أوروبا تعلن استعدادها لمواصلة تقديم الدعم لأوكرانيا    مجهول يسرق طائرة مرتين ويصلحها ويعيدها    أمير القصيم أكد أهميته الإستراتيجية.. طريق التمور الدولي.. من السعودية إلى أسواق العالم    حساب المواطن: 3 مليارات ريال لدفعة شهر أغسطس    استقبل المشاركين من «إخاء» في اللقاء الكشفي العالمي.. الراجحي: القيادة تدعم أبناء الوطن وتعزز تمكينهم بمختلف المجالات    الرئيس الذهبي    النصر يسعى لضم لاعب إنتر ميلان    القادسية يعترض على مشاركة الأهلي في السوبر    ثنائي ريال مدريد على رادار دوري روشن    حسام بن سعود يطلع على برامج جامعة الباحة    النيابة العامة: رقابة وتفتيش على السجون ودور التوقيف    «منارة العلا» ترصد عجائب الفضاء    «الهلال الأحمر بجازان» يحقق المركز الأول في تجربة المستفيد    منى العجمي.. ثاني امرأة في منصب المتحدث باسم التعليم    تشغيل مركز الأطراف الصناعية في سيؤون.. مركز الملك سلمان يوزع سلالاً غذائية في درعا والبقاع    سعود بن بندر يستقبل مدير فرع رئاسة الإفتاء في الشرقية    ارتفاع الرقم القياسي للإنتاج الصناعي 7.9 %    والدة مشارك بالمسابقة: أن يُتلى القرآن بصوت ابني في المسجد الحرام.. أعظم من الفوز    البدير يشارك في حفل مسابقة ماليزيا للقرآن الكريم    260 طالبًا بجازان يواصلون المشاركة في «الإثراء الصيفي»    عبر 4 فرق من المرحلتين المتوسطة والثانوية.. طلاب السعودية ينافسون 40 فريقاً بأولمبياد المواصفات    رانيا منصور تصور مشاهدها في «وتر حساس 2»    كشف قواعد ترشيح السعودية لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم    أميركا ومحاربة الفقر    إطلاق مبادرة نقل المتوفين من وإلى بريدة مجاناً    ثمن جهود المملكة في تعزيز قيم الوسطية.. البدير: القرآن الكريم سبيل النجاة للأمة    شدد الإجراءات الأمنية وسط توترات سياسية.. الجيش اللبناني يغلق مداخل الضاحية    مقتل واعتقال قيادات إرهابية بارزة في الصومال    الإفراط في استخدام الشاشات .. تهديد لقلوب الأطفال والمراهقين    ضمادة ذكية تسرع التئام جروح مرضى السكري    185% نموا بجمعيات الملاك    ترامب يعلن خطة لخفض الجريمة في العاصمة الأمريكية    مجمع الملك عبدالله الطبي ينجح في استئصال ورم نادر عالي الخطورة أسفل قلب مريض بجدة    نائب أمير جازان يزور نادي منسوبي وزارة الداخلية في المنطقة    رونالدو يتألق.. النصر ينهي ودياته بالخسارة أمام ألميريا    42% من السعوديين لا يمارسون عناية ذاتية منتظمة و58% يشعرون بالإهمال العاطفي    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالمنطقة    جامعة الملك فيصل تفتح باب التسجيل في البرامج التعليمية إلكترونيا    جمعية "نبض العطاء بجليل" تطلق مبادرة أداء مناسك العمرة    القيادة تعزّي رئيس غانا في وفاة وزير الدفاع ووزير البيئة ومسؤولين إثر حادث تحطم مروحية عسكرية    الشمراني عريساً    بمشاركة نخبة الرياضيين وحضور أمير عسير ومساعد وزير الرياضة:"حكايا الشباب"يختتم فعالياته في أبها    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأعيان الدرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحلم ودلالته في قصص فهد المصبح
نشر في اليوم يوم 17 - 03 - 2003

(رداء الذاكرة) مجموعة قصصية مثيرة, تكمن اثارتها في جوانب سردية متعددة من ابرزها: انطلاقها من فضاء مكاني ممتد في الزمان والمكان, ومتشبث بجذور التاريخ الظاهر والباطن ولهذا الفضاء دلالته من حيث مايزخر به من مكتنز الثقافة الشفاهية والواقع اليومي المتعدد بتفاصيل البساطة والرموز والاساطير والامثال والشخصيات المهمة , والعجائبية..الخ وتغدو كل هذه الموضوعات مطروحة في طريق الاسماع, حتىما يقنصها الوعي, بكونها نظاما اجتماعيا يتسق ويركب داخل انماط من الابداع والفن المليء بالحس والشعور لكل انسان, وهذا مما يميز الابداع عن التاريخ.
فالاحساء في تاريخ المؤرخين لاتتعدى النخب من اهل العلم, والشعر, والامارات, والنزاعات, والقبليات وهذا يعني ان هناك انسانا مغيبا لم يفسح له المجال للظهور في هذا التاريخ! وكيف للتاريخ ان يعتني بالبسطاء, والمهمشين والفلاحين, والفقراء, والسوقة, وهو الذي اعتاد منذ دهور على ان يكون مسرحا خاصا للسادة والنخب؟!ومن هنا تاتي مجموعة القاص فهد المصبح رداء الذاكرة لتحتفل بفضاء الواحة الريفي, وما يعتمل في هذا الفضاء الوادع من تغيرات الحياة المؤثرة على شخوص المكان, البسطاء لحد السذاجة, والقنوعين حتى في المباح ليقفوا مشدوهين امام (طفرة) الحياة الجديدة في الظهران والدمام, وابقيق, ورحيمة.
لقد قدم المصبح ابطاله الممثلين للجيل الستيني منبهرين بالحياة الجديدة, ومتشبثين بجذور الطفولة والاسرة والبراءة وهذا هو الذي ولد المفارقة المهمة في مجموعته, فهم يتأرجحون ما بين الرغبة للذهاب للاماكن الجديدة وقد غدت صرخة حضارية محفزة, وما بين المعاش اليومي الذي يؤطر البطل بطفولته, وبقلة ذات اليد من قبل اهله, وهذا يولد ويعززا امرا مهما وملفتا في المجموعة وهو حافز الحلم والامنية, فتنفتح الذاكرة على الافق, وتمزق رداءها معترفة بعوائق الايام, وانكسارات الاحلام, وتغدو مجموعة (المصبح) مرثية للعمر الجميل الذي انطفأ لا من الحياة, بل من قسوتها, واصبح ذلك العمر مجرد (ذاكرة) في متحف الايام تقاس بالانفاس والحنين.
وطوال سياحتي في هذه المجموعة وانا اتساءل لماذا تلح الاحلام والامنيات على ابطال رداء الذاكرة؟ وما دلالاتها؟ وما الاسباب التي فجرتها وجعلتها مكونا سرديا امتازت به المجموعة؟ ولماذا يتلذذ الابطال بالاحلام ولا يتاثرون كثيرا لعدم تحققها, وكأنهم وجدوا على الحياة ليحلموا لا ليحققواهذه الأحلام!.
والمتتبع الدقيق في المجموعة يرى أن الراوي اعتمد الحلم بوصفه قناعا تقنيا أخفى من ورائه حياته الآنية، وارتد للوراء محتفيا بالزمان والمكان وأهلهما، وظهر الحلم عبر مجموعة من الصور؛ فهو الحلم المنامي كما في قصة (رداء الذكرة)، وهوحلم الأمنية الأمل كما في قصة (أحلامنا الصغيرة)، وهو الحلم/ الذكريات كماهو في أكثر القصص. كما أن تكرار كلمات من مثل: حلم، احتلام، أمل، سواح (عنوان أغنية).. يعزز غيابا كبيرا لواقع الراوي في مقابل الحضور للواقع المتخيل الذي كان،وهنا تظهر مفارقة مهمة نتلمسها من خلال البعد النفسي للراوي، اذ لو لم يكن مأزوما ومنكسرا من الواقع لما فرمنه الى الواقع المؤطر بالحلم، ويدلك على ذلك أن قصة رداء الذاكرةهي مشروع بدأ الراوي بكتابته على الورق لكنه لم يكتمل الا في حالة النوم/ الحلم.
وجاءت صورة المرأة في الحلم صورة محببة ومشتهاة؛ ممثلة، مغنية.. (كنت أحاول السير خلفها، فاتنة بعيونها الواسعة، وقوامها الممتلىء حد النشوة.. وهي تغني بصوتها الجبلي: يالله صبوا هالقهوة وزيدوها هيل)، أما صورة المرأة في الواقع تحمل رائحة البصل وتمسك بالسكين!!
والراوي في الواقع يخطو ويقترب الى نهاية العمر (سيارتي استحالت دراجة هوائية خاوية العجلات، شعر لحيتي اسود بياضه، واستدق ثم تساقط..)، لكنه في الحلم طفل صغير الجسم، يلبس (شورت قصير يصل الى منتصف الساقين، وفانيلة بلا أكمام تبرز نتوء عظامي).وفي قصة: طفولة متعثرة فإنها تحكي واقعا أليما لطفل يعتزل أقرانه لأنهم يعيرونه بأنه بلا أب. حتىان الزمن يسير به ويكبر جسمه لكنه (متوقف عند منعطف الطفولة) لقد تألم من عالم الصغار ولا يريد أن يدخل الى عالم الكبار لأنه سيصاب بخيبة، فيفر الى سطح داره يطل عليهم، ثم صادق عصفورا وطار معه الى السماء حيث الحرية/ الحلم بعيدا عن عالم البشر الذين يكونون عائقا في اسقاطه عن طريق الحجارة فيسقط العصفور مضرجا بدمائه، ويسقط صاحبه مضرجا بأحلامه! انها مفارقة مرة تلك التي يصبح فيها عالم الصغار عالماعنيفا مغايرا لصورة الطفولة التي يراها البطل ويحلم بها!
ان حياة الهامشية، والفقر، والحاجة الى المرأة، والطموح غير المتحقق في الواحة الريفية جعلت الراوي يفر هارباالى عالم الأحلام، ليعوض ولو شيئا يسيرا من لوعة الفقد والحاجة، وهوعندما يشير الى كتاب (ألف ليلة وليلة) في احدى قصصه، فإنما هو يقدم رسالة مشروعة لأن يحلم لأنه من سلالة تلك الليالي، ويريد أيضا أن يعزز المأساة التاريخية للراوي العربي السابق واللاحق عبر انكساراته واخفاقاته فلم يجد حلا سوى ان يمتح، ويقتات من كنز الأحلام المتناثرة.
@@ سمير الضامن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.