قد يعيش الانسان همه وغمه وحزنه فيبكي ايامه وينعي احلامه وقد يصاب بالحباط فيتشاءم ويتذمر ويلقي باللائمة على من حوله وانهم تخلوا عن محنته ومصابه فيعيش منطويا علي نفسه في عراك مع اوهامه واسقامه وهو في غفلة من امره. والقرآن الكريم قد عالج هذه القضية علاجا ناجعا ليجعل من الانسان شخصية قوية متكاملة صحيحة سليمة لا تضعف ولا تهين. فهل تدبرنا قرآننا العظيم فقد اوضح ذلك في آيات بيانات فتعال معي نتدبر ذلك بعين البصيرة ومنطق العقل ورجاحة الفكر فأننا نجد كتاب الله يحاكي الانسان الذي استولت عليه المحن والمت به الشدائد ونزلت بساحته الاحزان وامرضه الفقر فيقول الله تعالي في ذلك "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب" ومن ثم يسأل الانسان ربه المدد والعون وتسهيل الامر فيجد ذلك في قوله تبارك وتعالى "ومن يتق الله يجعل له من امره يسرا" فاذا الحياة اهتزت وربت في الانسان ونما فكره واتقدت بصيرته طلب العلم فوجده في قوله تعالى "واتقوا الله ويعلمكم الله". ما اجمل التقوى وما اسعد من ينشدها و اذا وقف الانسان قليلا متدبرا امره فلا يجد الا ان يشكر الله على تفضله عليه وانعامه بعد ان من الله عليه ادرك الحق من الباطل "يا ايها الذين امنوا اتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم" ثم يسعى للعمل بعد العلم والشكر فيصل رحمه "واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا" ثم تبدأ شخصيته الانسان في نمو وتكامل فيرقى بها سلم القسط والعدالة "اعدلوا هو اقرب للتقوى" فيحكم ويعفو ويصفح عن الزلات والسقطات بعد ان تطهر قلبه وتنقى فؤاده "وان تعفوا اقرب للتقوى" فمن يتق ربه يجد فضله فيكون بذلك وفيا للعهد والوعد "بلى من أوفى بعهده واتقى فان الله يحب المتقين" بعدها لا شقاق ولا نزاع ولا محن ولا مصائب "واتقوا فتنة ولا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا ان الله شديد العقاب". فيتبوأ بالتقوى المنزلة الكبرى والمقام المحمود "ان اكرمكم عند الله اتقاكم" واي فضل ان يعيش الانسان المتقي في معية الله وتحت لطفه واحسانه ولا ادل على ذلك من قوله تعالى "ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون" وبعدها لا يخاف ولا يحزن (الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولاهم يحزنون الذين امنوا او كانوا يتقون). ويبقى السؤال الاخير.. متى نتذوق حلاوة التقوى وطعم اليقين؟ فتقرأ ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم "لا يبلغ العبد ان يكون من المتقين حتى يدع مالا بأس به حذرا مما به بأس".