وما أدراك ما جدة.. عروس حسناء تجلس بشموخ على شواطئ البحر الأحمر، جميلة بكل ما فيها، فتنتها غير قابلة للذوبان تحت ضغط مشاكلها، وروعتها تأبى أن تغرق وسط الأحزان. جدة عزمت أخيراً على أن تخلع عنها رداء الصمت وترتدي فستان عرس ثقافي أبيض جميل، لتجلس بخيلاء على منصة المشهد الثقافي عالية في صالات معارض الكتاب. ولأن "جدة غير"، قررت حسناؤنا التي لا تشيخ أن تكون مختلفة في تجهيزاتها لعرسها الأدبي، لدرجة أننا كمشاركين أو مدعوين أو زائرين نتساءل: كيف ستكون عروس البحر الأحمر هذه المرة وكيف ستزهو بحفلها؟ شخصياً؛ أراهن على البصمة الحجازية الراقية التي ستكون واضحة على تفاصيل المعرض، بحيث ستمنح الثقافة والكتاب في عرس ابنتها المدللة لوناً آخر وحراكاً أكثر مرونة. أعتقد أن جدة بأصالتها وطباع أهلها تأبى أن تستأثر بالفرح وحدها، لذلك نرى حفلات أعراس داخل صالة العرس الأكبر من خلال حفلات التوقيع التي آمل أن تسكب عليها مرونة التفكير الحجازي بعضا من دفء يحتضن الكاتب، فلا يهرب القارئ من برد رهبة الهرج والمرج والأصوات العالية المحاربة لكل إبداع من باب سد منافذ الفتن الوهمية التي أعتقد أننا كمجتمع مثقف تجاوزنا تفاهاتها، وأنه لا أشواك ستخدش شفافية الأخلاق ما دام هناك نظام أمني يراقب ولا يتدخل إلا عند الحاجة دون أن يكون الخوف من التجاوزات واقفاً كحائط صد بين الكاتب والزائر ودور النشر! نسجت من خيوط تطلعاتي أيضا ثياب حضورٍ قوي فعال للنساء.. أتخيل فيه إبداع الكاتبات وهو يزهو بهن ليعلو صوت المرأة المثقفة ويشدو بثقة عالية: ها أنا ذا، وصل حرفي وسيصل للأبعد والأجمل. تطلعات الوسط الثقافي كبيرة جداً، وأملنا متعلق بمعرض كتاب مختلف في حضرة سيد الجمال والفن، دائم التألق، وسيف الثقافة المسلط على رقاب الجهل، خالد الفيصل.. "جدة غير" بأهلها وروحها ومرونتها وطيبتها وأميرها. لذلك لنا في عرسها الثقافي وعد منها أن للثقافة في ضيافتها حضورا مختلفا، واستقبالا غير.