تناقل الناس بسرور بالغ أخبار بدء العمل في إزالة تشوه بصري كان جاثماً على جزء من وادي أبها، الذي كان ولا زال وسيبقى يمثل الهوية الجمالية والسياحية للمدينة، والقرى المجاورة، ويحتفظ بين ضفتيه بذكريات عذبة على دفاتر الأيام، تتجدد كلما جاءت سيوله وبقيت غيوله. وادي حمل، ويحمل من الخير والوفاء الشيء الكثير، لم يتسبب في دمار وغرق، وإتلاف المزارع، المنازل، الآبار، البساتين المحيطة به. ورغم شدة الأمطار من وقت إلى آخر، وقوة انحدارها من المرتفعات، إلا أن مَدّه كان رقيقًا، تتدفق المياه في مجراه الطبيعي دون فيضانات، وهذا بفضل الله تعالى. وتذكرت عتاب الشاعر الفقيه «أحمد الضمدي» -رحمه الله- لوادي ضمد حين اجتاحت سيوله المنازل والمزارع والطرقات. فقال: «يا أيها الوادي المحببُ عندنا جنيتَ علينا حين كان لك المدُ. عَدَلتَ عن المجرى الذي فيه نفعنا. وأقبلتَ للأوطانِ مُستأكلاً تعدو». وشكل وادي أبها عبر الزمان منظومة بيئية متكاملة من خلال اصطفاف أشجار وشجيرات خضراء حوله وحواليه، ونباتات وأزهار متنوعة الأحجام والأشكال، فكان ملهماً للأدباء والشعراء والفنانين التشكيليين والمصورين لما يثيره في النفوس من تفرد ألوان الطبيعة، وخرير مياه العقوم، وهمس الكظائم، وأنين السواقي، وتمايل قامات السنابل في المزارع، إضافة إلى مواقع جذب تميزت بمناظرها الأخاذة، وتنوعها الجغرافي، ومسطحاتها المائية تبدأ من غرب المدينة باتجاه الشرق حتى المحالة. وبعد افتتاح مشروع سد أبها في التسعينات الهجرية استفاد السكان من مياهه العذبة، ولفتت بحيرته الفاتنة الأنظار. وادي أبها اليوم يشهد نقلة سياحية ضخمة، يعكس اهتمام حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله، وبمتابعة مستمرة من صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير، وسمو نائبه، للتحولات الكبيرة والمشروعات التنموية، التي تشهدها منطقة عسير.