ليس من قبيل الترف السياسي قولي في مقال سابق، إن الجهود الضخمة التي بذلها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لجرّ فرنسا بعظمتها إلى الاعتراف بدولة فلسطين، ومن ثم أتبعها ببريطانيا العظمى التي كانت أساس المشكلة في وعد بلفور، وحينما كان الانتداب البريطاني على فلسطين، سلمتها بريطانيا «تسليم أهالي» للعصابات اليهودية لإقامة كيان باسم دولة تحت اسم نبي الله إسرائيل، بأن تعترف بفلسطين فتكون كالنادم على جرمٍ ارتكبه في ليلةٍ ليلاء من ليالي الظلم والطغيان الدولي. هذا الاعتراف ليس ولم يكن رمزيًا، بل ردّ اعتبار للفلسطيني الذي عانى على مدى خمسة وسبعين عامًا ويلات الحياة التي لا ترحم، وعذابات الوجود التي لا تهدأ إلى اعتراف يحمل الاعتزاز والكرامة للفلسطيني الذي ظل يبحث عنهما لسبعة عقود ونيف، وإذ به يصحو صباحًا آتيًا بها الأمير محمد بن سلمان بين يديه على طبقٍ من ذهب، حيث كان لا يكلّ ولا يملّ من متابعتها ومتابعة حيثياتها. أعلنت 157 دولة من أصل 190 دولة عضوًا في الأممالمتحدة الاعتراف بفلسطين، مما يعني أن الأمير محمد بن سلمان استطاع أن ينجح في أعقد ملف سياسي، اجتماعي، اقتصادي، عسكري في العالم منذ بدء الخليقة حتى اللحظة. فما عجز عنه الأوائل، أنفذه ولي العهد في سنوات قليلة، بل في غضون سنتين ونصف السنة تقريبًا ليس أكثر، وهذا يدلل على أننا أمام رجلٍ استثنائي يحمل فكرًا حقيقيًا وليس مجرد سياسي ناجح. هذه النجاحات التي تلامس عواطف ومشاعر وإنسانية الفلسطيني أولاً، والعربي ثانيًا «لأن هناك عرباً غير مسلمين»، والمسلمين ثالثًا، تبرهن على أن الرجل لا ينام لا ليلًا ولا نهارًا حتى يداوي جراح الشعوب، ولا يرتاح حتى يضع المرهم على الجرح الذي لا يهدأ من الألم! كان ولا يزال وسيظل محمد بن سلمان استثنائيًا.