القضية الأخطر في قصف نتنياهو لقطر لا تكمن فقط في حجم الدمار المادي، بل في خرق قاعدة أمريكية ودولية راسخة منذ حقبة الحرب الباردة؛ إذ درجت الولاياتالمتحدة على منع حلفائها وشركائها من الاقتتال فيما بينهم، انطلاقًا من قناعة بأن واشنطن هي الحكم النهائي والمرجع في مثل هذه النزاعات. وقد لخّصت مقولة شائعة لسنوات هذا التصور بعبارة: «دولتان فيهما مطعم ماكدونالدز لا تخوضان حربًا ضد بعضهما». لكن بضربه قطر، التي تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة، زعزع نتنياهو هذه الصورة أكثر بكثير مما ألحقه من ضرر بالمباني! وما يلفت الانتباه بالقدر نفسه هو ردّ واشنطن أو غيابه!، حيث بدت الولاياتالمتحدة عاجزة أو غير راغبة في كبح حليفٍ وثيق، رغم أنّ هذه ليست المرة الأولى التي يتجاوز فيها نتنياهو الخطوط والحدود المتعارف عليها. ويثير هذا التراخي سؤالًا مقلقًا أمام أصدقاء أمريكا وخصومها على السواء: إذا كانت واشنطن لا تستطيع، أو لا تريد، لجم أحد أقرب شركائها، فلماذا يثق الآخرون بتعهداتها بالحماية أو الردع؟! يبدو أن نتنياهو ينتهج منطقًا متشددًا أقرب إلى عقلية لورد حرب: إذا واجه مشكلة، يقصفها؛ وإذا استمرت المشكلة، يقصفها مجددًا وبقوة أكبر. إنها إستراتيجية التصعيد لا الدبلوماسية، وهذا ما يقوّض المصداقية التي يزعم الرئيس ترمب أنه يعيدها إلى القيادة الأمريكية على الساحة العالمية. ويبقى السؤال المحوري الذي لم يُجب عنه: هل سيتخذ الرئيس الأمريكي خطوة حاسمة للحد من أفعال نتنياهو؟ فنتيجة ذلك ستكشف للعالم مدى جدّية الالتزامات الأمريكية وقوة وزنها الحقيقي. أعلاه ترجمة للعربية، لتغريدة مطولة كتبناها بالإنجليزية تشرح الوضع!. يقال إن ترمب يحب الأمثلة والمقولات، وهناك مقولات إنجليزية تشرح الوضع وتصرفات نتنياهو بكل دقة: «أنت ترسم للآخرين طريقة تعاملهم معك من خلال ما تقبله وما ترفضه وما تشجع عليه.» – توني جاسكنز. وهناك مقولة أخرى: عندما تغيب الحدود، يغيب معها الاحترام. وإذا أصبح الصديق عبئا ثقيلا ومدمرا لمصالح أصدقائه يقال: «في بعض الأحيان يكون التخلي عن أشخاص معينين ضرورة، ليس لأنك لا تهتم، بل لأنهم هم لا يهتمون»! المقال هذا الأسبوع جاء قصيرًا نسبيًا لأن الرسائل المهمة يستحسن أن تقدم قصيرة ومركزة!