يحل اليوم الوطني السعودي ال95 في الثالث والعشرين من سبتمبر، ليجسد مسيرة وطن تأسس على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، وجزاه عن الوطن الفردوس الأعلى من الجنة. ليحقق في أقل من قرن ما استغرقت دول كبرى مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة عدة قرون للوصول إليه؛ إذ انتقلت المملكة خلال 95 عامًا فقط من صحراء مشتتة إلى دولة عظمى اقتصاديًا وسياسيًا وعضو فاعل في مجموعة العشرين، في إنجاز تنموي غير مسبوق زمنيًا على مستوى العالم. قفزة اقتصادية تاريخية قبل عقود قليلة، كان اقتصاد المملكة ناشئًا يعتمد على الزراعة وتجارة الحج، لكن التحولات التنموية الضخمة وضعتها اليوم ضمن أكبر 20 اقتصادًا في العالم. فقد قفز الناتج المحلي الإجمالي السعودي من نحو 1.75 مليار دولار في عام 1960 إلى أكثر من 1.24 تريليون دولار في عام 2025، أي بزيادة تتجاوز 1.23 تريليون دولار، ما يعني أن الاقتصاد السعودي تضاعف بنحو 708 مرات (%70.600) خلال ستة عقود فقط - في واحدة من أسرع القفزات الاقتصادية في التاريخ الحديث. إصلاحات حوكمة غير مسبوقة إلى جانب الإنجاز الاقتصادي، حققت المملكة تطورًا ملحوظًا في مؤشرات الحوكمة العالمية. فقد ارتفعت مرتبة مكافحة الفساد (Control of Corruption) من نحو %51 في 1996 إلى %66.5 في 2023، وارتفع تقييمها من -0.2 إلى +0.5. كما قفزت فاعلية الحكومة (Government Effectiveness) من 49 % في 1996 إلى 78.8 % في 2023، مع تحسن التقدير من -0.2 إلى +0.8، لتصبح ضمن أعلى 25 % من دول العالم في كفاءة الجهاز الحكومي وتقديم الخدمات. مؤشرات دولية تعكس التحول الشامل لم يقتصر التقدم السعودي على الاقتصاد والحوكمة، بل شمل معظم المؤشرات الدولية المرموقة؛ إذ قفزت المملكة إلى المرتبة 24 عالميًا في مؤشر التنافسية (WEF) وكانت الدولة الأكثر تحسنًا في 2019، وارتفعت إلى المرتبة 35 في مؤشر التنمية البشرية (UNDP)، وتقدمت في مؤشر مدركات الفساد إلى المرتبة 51 عالميًا، وأصبحت ضمن أسرع ثلاث دول نموًا في التحول الرقمي الحكومي (OECD)، وهو ما يعكس التحول الهيكلي العميق في بنية الدولة الحديثة. تعليم وصحة وتنمية بشرية من جامعة واحدة فقط عام 1957، باتت المملكة اليوم تضم أكثر من 29 جامعة حكومية وأكثر من 40 جامعة وكلية أهلية، إضافة إلى مئات آلاف المبتعثين حول العالم، مما يعكس الاستثمار في رأس المال البشري. وقد دخلت 6 جامعات سعودية في تصنيف شنغهاي 2024، بينها جامعة واحدة ضمن أفضل 100 جامعة عالميًا وخمس جامعات ضمن أفضل 500، وهو ما يؤكد النمو الكبير في جودة التعليم والبحث العلمي. كما ارتفع عدد المستشفيات من أقل من 30 مستشفى إلى أكثر من 500 مستشفى و82 ألف سرير، مع توسع كبير في الخدمات الطبية المتخصصة التي تغطي جميع مناطق المملكة. أمن وسياسة وسياحة عالمية استطاعت المملكة الحفاظ على استقرارها الداخلي في محيط إقليمي مضطرب، وأسست أجهزة أمنية وعسكرية متطورة، وأصبحت الرياض مركزًا لصنع القرار السياسي العالمي، مستضيفة قمم مجموعة العشرين عام 2020. وفي القطاع السياحي، جذبت المملكة أكثر من 27 مليون سائح دولي في 2023 بفضل مشاريع كبرى مثل نيوم والعلا والقدية، كما تستعد المملكة لتحقيق إنجاز تاريخي باستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2034، في خطوة تعزز مكانتها عالميًا كمركز رياضي وسياحي وثقافي. وطن يكتب المستقبل اليوم الوطني ليس مجرد ذكرى، بل محطة لتجديد العزم نحو المستقبل، حيث تواصل المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان تنفيذ إصلاحات تاريخية لتحقيق مستهدفات رؤية 2030، وترسيخ مكانة المملكة كقوة اقتصادية وسياسية عالمية.