شهدت الأعمال العدائية المتصاعدة بين إسرائيل والحوثيين في اليمن تحولًا حاسمًا خلال الأيام الأخيرة، ففي 28 أغسطس، نفذت إسرائيل غارة جوية على صنعاء قتلت نحو 12 مسؤولًا، بمن فيهم رئيس الوزراء في حكومة الحوثي. ورد الحوثيون بتعيين رئيس وزراء بالنيابة، ونظموا جنازة حاشدة للمسؤولين القتلى، وقصفوا صاروخيًا على إسرائيل، دون أضرار، غير أن أحد صواريخهم كان مزودًا برأس حربي يحتوي على قنبلة عنقودية، كما أطلقوا صاروخًا على ناقلة المواد الكيميائية/ النفطية الإسرائيلية «سكارلت راي» مطلع سبتمبر في منطقة خارج النطاق المعتاد للهجمات البحرية للجماعة. وبعد يوم واحد، أعلنوا عن شن هجوم بطائرة مسيرة وصاروخ على سفينة الحاويات الليبيرية «إم إس سي آبي» شمال البحر الأحمر، وهو ما لم يتم تأكيده. قرار إسرائيل باستهداف حكومة الحوثيين كان متوقعًا. امتنعت إسرائيل عن الرد لعدة أشهر حتى يوليو 2024. منذ ذلك الحين، قصفت إسرائيل البنية التحتية في مناطق سيطرة الحوثي، مستهدفة ميناء الحديدة على البحر الأحمر ومطار صنعاء ومحطات الطاقة ومرافق الوقود. يشكل القصف الإسرائيلي للحوثي تذكيرًا صارخًا بعزم إسرائيل على الرد وردع أي هجمات مستقبلية. وقد نُفذت هذه العملية بفضل تكثيف إسرائيل أنشطة جمع المعلومات الاستخباراتية في اليمن، والتي يُقال إنها تشمل وحدة جديدة تضم 200 ضابط استخباراتي. وخوفًا من مثل هذا التغلغل، كثف الحوثيون جهودهم الداخلية للقمع منذ الهجوم، مستهدفين من يعتبرونهم جواسيس ومعارضين داخليين. وداهموا مرافق الأممالمتحدة في صنعاء، واعتقلوا 19 موظفًا. هذا الحادث سيدفع قيادة الحوثي إلى مزيد من التخفي، وهو ما قد يؤدي إلى تباطؤ اتصالات الجماعة وربما يؤثر على وتيرة هجماتها وفعاليتها. وأعرب اليمنيون عن قلقهم من أن مهاجمة صنعاء ستصب في مصلحة الحوثي حيث ستسهل قمعه الداخلي. ومن المرجح أن تصبح الجهود الرامية إلى استهداف القيادة العسكرية والسياسية الأساسية للحوثيين أكثر صعوبة نظرًا لحذرهم المتزايد وخبرتهم التي تمتد لعقود في التخفي في الشمال. يبدو أن المسار الفوري هو موجة من التصعيد العسكري المتبادل. وبالرغم من تصريحات الطرفين، بل وحتى غطرستهم في استعراض القوة، يواجه كل من الحوثيين وإسرائيل قيودًا حقيقية. فإذا واصلت إسرائيل استهداف قيادات الحوثيين والبنية التحتية، ستواجه عمليات الجماعة العسكرية تحديات لوجستية. وقد يؤدّي قتل القادة الرئيسيين إلى زعزعة استقرار الجماعة وتخفيف قبضتها. في المقابل، سيتعين على إسرائيل التعامل مع التحديات المالية واللوجستية الناجمة عن استمرار العمليات العسكرية في بلد يبعد أكثر من ألفي كيلومتر، لا سيما في ظل قائمة طويلة من الأولويات الإقليمية الأخرى. علاوة على ذلك، فإن القوة الجوية وحدها – حتى لو استُخدمت بوحشية وركزت على استهداف البنية التحتية الحيوية – لن توقف هجمات الحوثيين أو تزيح الجماعة من السلطة.