تحوّل حلم توطين مهنة الصيدلة، ذلك الخديج الذي لم يمضِ على صدوره في 26 يناير 2025 سوى ثمانية أشهر، إلى واقع. في البداية، بدا القرار في الظل، صامتًا بلا صدى. لكن ما إن خرج إلى النور في 27 يوليو 2025 وبدأت معه الصفقات والأصوات تعلو لتساند هذه الخطوة الجوهرية، حتى برزت في المقابل عبارة لافتة: «اللي يرقل يمشي». جملة تختصر التحديات التي يواجهها القرار، وتكشف عن ذهنية ما زالت تنظر إلى التعثر بوصفه تهمة، لا فرصة للتقويم. ذلك القرار، وإن بدا عاجزًا في خطواته الأولى، لم يكن عبثيًا، بل خطوة مدروسة تسهم في بناء مجتمع حيوي وفق رؤية المملكة 2030، واضعًا الصيدلي السعودي في الصفوف الأمامية للرعاية الصحية، كما هو الحال في دول سبقتنا في رفع جودة حياتها. ففي المملكة المتحدة مثلًا، مكّن برنامج «الصيدلية أولاً» الصيادلة من تقديم الاستشارات المباشرة فانخفض الضغط على العيادات بنسبة 30%. أما في كندا، فقد سُمح لهم بإعطاء اللقاحات فارتفعت نسب التطعيم في الأرياف إلى أكثر من 70%. وفي الولاياتالمتحدة، صنعت صيدلية «إلريو» بتوسان نموذجًا استثنائيًا عبر مبادرة «الصيدلي في الحي»، التي أوصلت الدواء والتوعية إلى بيوت المرضى مباشرة، فارتفع الالتزام العلاجي وانخفضت زيارات الطوارئ بشكل ملحوظ. ويبقى السؤال: إذا تعثر «ولدنا» في خطواته الأولى، هل نجعلها سُبّة ونستبدله بابن الجيران الذي يجيد الركض؟ أم أن الأجدر أن نبحث عن سبب العثرة: لعل الأرض لم تكن ممهدة بما يكفي... حتى لا «نرقل» جميعًا.