بدأت الدراسة، وعاد الطلاب والطالبات إلى مدارسهم، محملين بذكريات إجازتهم ليحكوا عنها لأصدقائهم. حاملين أحلامهم، وآمالهم، قد ترى القلق أحيانًا على وجوههم، سنة جديدة، منهج جديد وتحديات أكبر، لكن لكل مجتهد نصيب. اليوم الأكثر صعوبة هو يوم استلام الكتب، كتب كثيرة مختلفة الأحجام، يحملها الصغار بقلوبهم قبل أجسادهم، ففقد كتاب في أول العام غير مقبول، وتبقى الحقيبة المكان الأكثر أمانًا للكتب، ولكن ربما لا تكون الخيار الأفضل. تزداد مبيعات «الشنط» المدرسية قبل بداية الدراسة، ترتفع أسعارها، و«لكل حجرة أجرة». أغلب الطلبة يفضلون شنطة الظهر، لأنها عملية أكثر، سعتها أكبر، منظمة، ومن الناحية الصحية توزع الوزن بالتساوي على الكتفين وأكثر راحة في الحركة، ولكن كم كتاب سيحمل! هل هناك جدول ثابت لا يتغير فجأة حسب الظروف، فيجد الطالب نفسه لم يحضر الكتاب، ليضطر لحمل كتبه كلها يوميًا، ولكن كم عسى أن يتحمل كتفا الطالب وظهره؟ علميًا يقولون يجب ألا تتجاوز الشنطة 10 % من وزن الطالب وقيل 15 %. كم كيلو سيبلغ وزن طفل في الثامنة من عمره مثلًا، قرابة 24 كيلوجرامًا، عندها يجب ألا يتجاوز وزن الشنطة 2.4 كجم، ولكن في الحقيقة هي أكثر من ذلك. ويعاني الطالب جسديًا ونفسيًا، فحمل حقيبة مدرسية ثقيلة بشكل يومي يمكن أن يسبب آلامًا في الرقبة، الظهر، الكتفين، انحناء في العمود الفقري، تأثيرًا في النمو، وإحساسًا بالإجهاد والتعب قبل بدء الحصص، وضعف التركيز والتحفيز الدراسي نتيجة الإرهاق البدني. بعض الأحيان، قد يضطر الطلاب إلى حمل مواد إضافية لا تتناسب مع الحقيبة المدرسية، كأوراق الرسم البياني أو المشاريع، وهذا يمكن أن يزيد من الوزن والإزعاج الناتج عن حمل الحقيبة، كذلك يزيد من خطر فقدان المواد أو إتلافها. السؤال الذي يفرض نفسه هل الحقيبة ضرورة ولا بد منها؟ ستكون الإجابة بنعم لو طرحنا السؤال قبل عشرات السنوات، ولكن الآن في عصر التكنولوجيا والرقمنة، المواد الورقية والكتب هي إحدى وسائل التعليم، ولكنها ليست الوسيلة الوحيدة، بمساعدة التعلم المرئي والفصول الدراسية الإلكترونية، لن يصبح أطفالنا متعلمين أفضل فحسب، بل سيطورون أيضا مهارات التفكير، (مدرسة بلا حقيبة)، بهدف تخفيف العبء عن الطلاب، وتنويع طرق التعلّم بحيث يعتمد أكثر على الأنشطة العملية، المشاريع، والتكنولوجيا بدل الاعتماد الكامل على الكتب الورقية، تحميل الكتب الدراسية بصيغة رقمية كتطبيقات تعليمية ومنصات تفاعلية، استخدام الأجهزة اللوحية والحواسيب بدلًا من الكتب، توفير «حقيبة رقمية» فيها جميع المناهج بشكل سحابي، إلغاء فكرة «دفتر لكل مادة»، واعتماد ملف إنجاز رقمي، تقليل الاعتماد على التلخيص والواجبات الورقية، وتعويضها ببحوث رقمية أو عروض تقديمية، تحويل جزء من الدروس إلى ورش عمل ومختبرات. «مدرسة بلا حقائب» ليست فقط إلغاء الحقيبة، بل إعادة هيكلة التعليم ليكون أخف، أكثر تفاعلية، وأكثر اعتمادًا على التكنولوجيا والنشاطات، ويتلاشى القلق من نسيان أو فقدان كتاب، فإذا تعذر فعل ذلك، فلتكن حقيبة بلا كتب، بوضع خزائن شخصية داخل الفصول الدراسية لترك الكتب أول الأسبوع وأخذها آخره، على أن تنجز الواجبات داخل المدرسة. تقليل عدد المواد يوميًا، أو جعل الطالب يستخدم دفترًا واحدًا متعدد المواد، بدل دفاتر كثيرة، فإن تعسر ذلك فعلينا أن نراعي ما يلي في حقائب الطلبة: اختيار حقيبة ظهر ذات أحزمة كتف عريضة مبطَّنة وظهر مبطن. تنظيم حقيبة الظهر لاستخدام جميع الأجزاء بداخلها. وضع الأدوات الثقيلة بالقرب من منتصف الظهر. يجب ألا تَزِنَ حقيبة الظهر أكثر من 10 % إلى 20 % من وزن الطفل. تفقُّد الحقيبة مع الطفل يوميًا، وترتيب الشنطة حسب الجدول الدراسي. تذكير الطالب دائمًا باستخدام الكتفين لحمل حقيبته، حيث يمكن أن يؤدي حمل حقيبة الظهر على كتف واحدة إلى إجهاد العضلات. ضبط وضعية الحقيبة بحيث يكون الجزء السفلي لها عند خصر الطفل.