يوم لا يفترض أن يمر عاديا على مؤسسة التعليم العتيدة في وطننا التاريخي، الذي يؤم ببصره ريادة العالم في مجالات عدة، يأتي التعليم في مقدمتها سببا ونتيجة. من نافلة القول في هذا اليوم أن نتحدث عن انطلاقة قاطرة التعليم الضخمة الفخمة، والجميع؛ وزارة وإدارة ومدرسة يؤكد على التفوق والالتزام وبذل الجهود لمواكبة العالم والإسهام في تنميته وتقليص تحدياته، وترجمة التطلعات الوطنية إلى الواقع الذي يسعد به الجميع، لأن ذلك قدر هذا المجتمع الذي توفرت له أسباب التفوق بالنظر إلى موقعه الإقليمي والعربي والعالمي. لذا ومن هنا ومن خلال هذه المنصة نهمس في أذن صاحب كل قرار مباشر في التعليم، قدره أن يكون في الموقع الذي يصنع به نجاحا، أو يحقق به غاية في ظل الدعم الكبير من قيادتنا الرشيدة. الهمسة الأولى. في تصنيف دافوس للأنظمة التعليمية في عامنا هذا 2025 على مستوى العالم جاءت المملكة في الترتيب الخامس والثلاثين [35] عالميا والسادس [6]عربيا، وبعيدا عن طموحنا الذي لا يرضى بغير الريادة نقول من المنطق أن نطلق خطة تستهدف هذه الريادة مرحليا لتعطي مؤشرا للإنجاز لابد من تحقيقه سنويا، وصولا لتصدر القائمة في نهاية الخطة الإستراتيجية، تتبع هذه الخطة تنظيما هيكليا يوضح الأدوار والمسؤوليات والأداء المتوقع سنويا والنتائج التعليمية المنشودة،لأن من غير المقبول أن نراوح في ذات المكان لسنوات، أو ويتقدم علينا من كانت مبرراته للتقدم أقل منا بكثير. الهمسة الثانية. الالتزام بالتقدم والانضباط اليومي هو شأن داخلي تعززه منظومة القيم والمحفزات التي تجعل منه شعورا جماعيا تضامنيا يتساوى فيه جميع أفراد المنظومة، وعلى الرغم من أهمية إيجاد نظام تقني أو إداري يساعد على ضبط العمل اليومي بدءا وانتهاء، إلا أن الأولوية دائما هي لتعميق الشعور الداخلي لدى الجميع، لذا لابد من بحث السبل الكافية لتحقيق المعادلة الأصعب، وهي أن يشعر كل واحد في منظومة التعليم أنه يقع على عاتقه نجاح التعليم أو تأخره فيما لو حصل ذلك. الهمسة الثالثة. إلى هذه اللحظة تبقى الجهة الوحيدة لتعزيز قيم التعليم العلمية والتربوية هي مؤسسة التعليم بجناحيها الأساسيين التعليم العام والتعليم الجامعي، وعليهما واجب الالتزام بكفاءة التعليم وجودته، وتقديم المبررات الكافية لهذه الجودة والكفاءة، حيث إن وجود بعض الجهات كمؤسسة قياس ومعهد التطوير المهني يشكل علامة استفهام على اكتمال هذه الجودة، وتوفر هذه الكفاءة في جناحي المؤسسة التعليمية، مع ما في وجود هاتين المؤسستين من الهدر المالي وتشتيت الجهود، لأنه يمكن ببساطة دمج آلياتهما وعملهما ضمن آليات العمل في التعليم العام والجامعي ولا معنى لفصلهما. الهمسة الرابعة. إعادة رسم تموضع المعلم في الهيكل التنظيمي للتعليم ليأتي أولا في كامل فريق العمل المباشر للتعليم، فهو المسؤول الأول عن عمليات ومخرجات التعليم المتعلقة بقيَم التعليم العلمية والتربوية، ولأن حوكمة الأداء التعليمي تتوقف على جودة أدائه، وقيمة التزامه وإيمانه بمسؤوليته، لذا من الإنصاف أن يأتي أولا بكل ما يرتبط بذلك من تقدير معنوي ومادي. الهمسة الخامسة. من المعلوم أن فلسفة التعليم والتعلم تقوم على معطيات ثلاث لو فهمها وعمل على تحقيقها كل مباشر للتعليم لأحدث الفرق كما وكيفا، ولتسيدنا المشهد من اللحظات الأولى، وهي:- -المعطى الأول هو الإجابة عن السؤال الأول ماذا نعلّم؟ مع التأكيد على أن المعرفة هي وعاء التعلم لا غايته الأولى لأنها تتضمن مجموع المهارات المطلوب تحقيقها في سلوك المتعلم، مما يجعلنا في مسيس الحاجة للتأكد من أن الجميع يعي أهداف التعلم ومهاراته بصورة لا تقبل الشك. -المعطى الثاني هو الإجابة عن السؤال كيف نعلم؟ بما يعني الأداء الواعي والنوعي لعملية التعلم، وتعليم المتعلم وتدريبه بأعلى مستويات الاحتراف، ليصبح قادرا على التفاعل داخل بيئة التعلم بإيجابية عالية، مع حفزه على التعلم الذاتي باستمرار، بعيدا عن الأداء المسرحي المتكرر لعملية التعليم، التي تؤدي لسأم المعلم والمتعلم. المعطى الثالث هو الإجابة عن السؤال: كيف نتأكد من حدوث التعلم وتحقق ذلك في سلوك المتعلم؟ وذلك باستخدام أدوات التقييم الحرة والمفتوحة التي تعطي المتعلم فرصة التفكير والإبداع بعيدا عن الأسئلة المقولبة والإجابات المعلبة الجاهزة، مما يعزز أدوات التعليم الممارسة حال نجاحها في تحقيق أهداف التعليم والتعلم، أو يساعدنا على إعادة النظر فيها من زاوية التجديد والتطوير والتحسين، لأن أساليب التقييم التقليدية حدّت من العملية الإبداعية، وجعلت المعلم والمتعلم في حالة تعليمية ذات سقف هابط، ونتائج محدودة الأثر والتأثير. الهمسة السادسة والأخيرة التعليم وصفة خاصة لا تقبل العشوائية ولا العمل الفردي الذي لا ينسجم مع العمل الجماعي المنظم، لذا فإن عملية التعليم تستلزم صهر جهود جميع العاملين في التعليم «معلما ومديرا ومشرفا ورائدا للنشاط ومرشدا ومختصا بالموهوبين ومعلما للتربية الخاصة»، في خطة واحدة يخدم فيها الجميع أهداف التعلم والتعليم، ويتمتعون بكافة محفزات النجاح، ويتحملون مسؤوليات التفوق والإخفاق، وذلك من خلال تشارك الجميع، فهم أهداف التعلم الأسبوعية والشهرية والسنوية ثم العمل على تزمينها، ليعمل الجميع بطريقة تضمن وحدة الأهداف، وتحقيق المؤشرات في زمن واحد وبحد أدنى من الأخطاء. ختاما كل الدعوات لجميع الأبناء والزملاء في هذا العام بالتفوق والنجاح وتحقيق غايات قيادتنا ووطننا ومجتمعنا، ليتأكد المؤكد بأننا مجتمع وجد ليقود وليكون أولا ورائدا.