هل لاحظ أحدنا وخصوصًا حين تزويد مركبته بالوقود في «عز القوايل» في وسط مدينة كالرياض أو الدمام أو حتى جدة، بأن العمالة الذين يعملون في تلك المحطة، وحينما تلاطف أحدهم بكلمتين تعبيرًا عن شكرك له، بأنه سرعان ما يهمس في أذنك بكلمة «في مويا بابا»، ولا تقل لي إنه استعطاف منه للحصول على المال، فما إن تمد له بأي نوع من المياه، حتى يرتشفها فورًا، وكأنه كان تائهًا في الصحراء، وحينما ترفع رأسك للمحطة التي يعمل بها تجدها ماركة تملك مئات المحطات حول المملكة ومنذ عشرات السنوات، فبالطبع أن لهم القدرة المادية حتى على حفر بئر ارتوازية تسحب من المياه الجوفية العميقة أمام كل محطة لهم، ولن تهتز أرصدتهم، فما بالك لو كان الأمر أسهل، بتوفير برادة مياه موصولة بفلتر للماء، ولها صيانة دورية، وأدوات مساعدة للشرب كالأكواب ونحوها، مع تشديد إجراء التفتيش الداخلي على فحص مدى توفر هذا المتطلب، ولو كانت مبادرة من أحد صانعي سياسات تلك الشركات المالكة لمحطات الوقود. وبما أنه لا حياة لمن تنادى، فلماذا لا يكون اشتراطا من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وترصد مخالفة باهظة على من يترك عمالته بلا ماء، وبالطبع فإن تواصلنا مع أي أحد من ملاك أو من مديري التشغيل لتلك المحطات بأنه س«يفلم» ويجعلك تشعر وكأنه يهتم بإنسانية عمالته، فبالتأكيد سيذكر أن هناك اشتراطا لتوفير غرفة للراحة للعمالة، ومزودة بالماء ونحوه، ولكن على أرض الواقع، تجد أن هناك محلا للبنشر أو مسجدًا في طرف تلك المحطة هو ما يلجأ إليه عامل المحطة ليتسول منهم الماء وقد يجده أو لا. المتابع لأعمال حكومتنا الرشيدة في جميع أنحاء العالم، لم ولن يستطيع أن يغطي شمس إغاثتنا للملهوف فوق أي أرض وتحت أي سماء بغربال، كونها ظاهرة للعدو قبل الصديق، فأين رجال الأعمال من الملاك لهذه المحطات من هذه المكارم التي دأبت عليها حكومتنا الرشيدة بتوفير مياه صالحة للشرب في أقصى بقاع العالم، وأين هم من الإحساس بشعور أن يحتاج أحد من عمالتهم للماء البارد في شدة الحر ولا يجده، بينما يقف هذا العامل نصف يومه على قدميه؛ ليزيد من أرصدة هذا التاجر، ففي كل مرة أقف عند محطة للتزود بالوقود، وأرى مثل هذه المشاهد، فكم أتمنى أن لدي بوقا يصل إلى أسماع ملاك هذه المحطات، فأصرخ فيه بأعلى صوتي قائلا (عمالتكم عطشى يا محطات الوقود).