في خضم التحولات الكبرى التي يشهدها القطاع الرياضي في السعودية، خصوصًا على مستوى تحويل الأندية إلى شركات رياضية مدعومة من قبل صندوق الاستثمارات العامة، ظهرت حالة من الاستغراب مؤخرًا بعد تغريدة نشرها الحساب الرسمي لنادي النصر، شكر فيها عبدالله الماجد على تكفله الكامل بقيمة المعسكر الإعدادي للموسم الجديد للفريق الأول وبرغم النية الطيبة التي تحملها مثل هذه البادرة، فإن ردود الأفعال من المتابعين والجماهير جاءت متباينة، بل وغالبيتها حملت علامات استفهام واسعة، ليس بسبب من قدم الدعم، بل لأن التوقيت والسياق العام لم يعودا يتناسبان مع مثل هذا النمط من المنشورات. في أوقات سابقة، كانت الأندية تعتمد بشكل كبير على تبرعات الشرفيين والداعمين، وكان من المألوف أن يتكفل أحد المحبين للنادي بمعسكر أو صفقة لاعب أو حتى تسديد مستحقات. لكن اليوم، وبعد أن تحولت هذه الأندية إلى كيانات تجارية تحت مظلة الصندوق، فإن هذه الطريقة في «الإعلان عن الدعم الفردي» تبدو غير متناغمة مع روح المشروع الجديد. فيبقى السؤال الجوهري الذي طرحه كثيرون: أليس من المفترض أن تكون إدارة المعسكرات، الصفقات، والنفقات من صميم عمل الشركة؟ لماذا الإعلان عن دعم فردي وكأن الأندية ما زالت تعتمد على جيوب المحبين؟ المشهد ضبابي في عدة محاور، ويبدو أن هناك حاجة لتوضيح مهام الصندوق بدقة. هل الصندوق هو فقط ممول لصفقات كبرى؟ هل دوره يقتصر على تحويل الأندية إلى شركات ثم الخروج منها لاحقًا؟ هل يتدخل الصندوق في حوكمة الأندية وإعادة هيكلة إداراتها؟ أم أنه شريك استراتيجي طويل الأمد، يتعامل مع الأندية كما يتعامل مع شركاته في القطاعات الأخرى؟ ما يزيد من هذا اللبس، هو أن بعض الأندية المدعومة من الصندوق تبرم صفقات عالمية بمبالغ طائلة، بينما تظهر في الوقت نفسه مؤشرات على احتياجات مالية أساسية لا تُغطى من قبل النادي نفسه، كما في مثال نادي النصر. هذه الحالة تدعو إلى ضرورة صدور بيان رسمي، سواء من وزارة الرياضة أو من صندوق الاستثمارات العامة نفسه، لتحديد التالي، ما النموذج التشغيلي والتمويلي لكل نادٍ مدعوم من الصندوق؟ ما صلاحيات إدارات الأندية؟ وما الذي يغطيه الصندوق فعليًا؟ هل ما زال باب الدعم الفردي والشخصي مفتوحًا؟ وإن كان كذلك، فلماذا؟ فالتضارب الظاهر بين صورة «النادي المؤسسي المحترف»، وصورة «النادي المعتمد على دعم فردي»، يثير البلبلة ويخلق فجوة في الفهم لدى الجماهير. المشروع الرياضي السعودي الطموح يسير في مسار غير مسبوق على مستوى المنطقة، وتحويل الأندية إلى شركات، خطوة نوعية تهدف إلى بناء اقتصاد رياضي مستدام. لكن النجاح في هذا المشروع لا يكتمل إلا ب «وضوح الأدوار، وشفافية في العلاقة بين الصندوق، الأندية، والجماهير». وعليه، فإن تغريدة نادي النصر قد تكون مجرد تفصيل بسيط، لكنها كشفت فجوة كبيرة تحتاج إلى سدٍ عاجلٍ، قبل أن تفقد هذه النقلة المؤسسية قوتها أمام مفاهيم الدعم التقليدي.