أظهرت دراسة حديثة من جامعة ميونيخ للعلوم التطبيقية أن نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية، مثل ChatGPT، تستهلك كميات ضخمة من الطاقة عند توليد ردود معقدة، وتنتج كميات كبيرة من انبعاثات الكربون قد تصل إلى أكثر من 2000 جرام من مكافئ ثاني أكسيد الكربون مقابل 1000 استجابة فقط. تجربة مباشرة نُشرت الدراسة في مجلة Frontiers in Communication، وتضمنت تجربة مباشرة على 14 نموذجًا مختلفًا للذكاء الاصطناعي، باستخدام وحدة معالجة الرسومات القوية NVIDIA A100 لقياس استهلاك الكهرباء وتحويله إلى انبعاثات كربونية اعتمادًا على متوسط شبكة الطاقة العالمية. وقد اتضح أن كلما ازداد حجم النموذج وقوته، ازدادت شراهته للطاقة – إذ أنتج نموذج «Cogito» المكوَّن من 70 مليار معلمة دقة مرتفعة بنسبة 84.9%، لكنه بالمقابل أطلق 1341 جرامًا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، أي ما يعادل 50 ضعف أصغر نموذج في التجربة. استهلاك الطاقة أظهرت النتائج أن الوضع «المنطقي» للنماذج – حين يسمح لها بتقديم استدلال وتفكير تفصيلي قبل الإجابة – كان الأعلى استهلاكًا للطاقة. فبدل أن تكتفي برد مكون من كلمة أو جملة قصيرة، أنتجت بعض النماذج ردودًا تجاوزت 14 ألف كلمة، بل إن أحد النماذج كتب إجابة واحدة مكونة من 37.575 كلمة، أي أكثر من حجم رواية قصيرة. كما تبيّن أن نوعية السؤال تؤثر على استهلاك الطاقة؛ فقد تطلبت موضوعات مثل الجبر المجرد قدرة حسابية أكبر بكثير مقارنة بموضوعات مثل تاريخ العالم. وفي حين استخدمت النماذج الأساسية حوالي 30 كلمة للإجابة، فإن نماذج التفكير استهلكت في المتوسط أكثر من 1400 وحدة نصية (رمز مميز) لكل استجابة. الأداء والانبعاثات من ناحية أخرى، أظهر نموذج Qwen 2.5 توازنًا واعدًا بين الأداء العالي والانبعاثات المنخفضة، محققًا دقة بنسبة 77.6 % مع إطلاق 427 جرامًا فقط من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، رغم امتلاكه 72 مليار معلمة – ما يشير إلى إمكانية تصميم نماذج «خضراء» بذكاء تقني وبيئي في آنٍ واحد. تقدر الدراسة أن النماذج التوليدية تستهلك حوالي 29.3 تيراوات/ساعة سنويًا، وهو ما يعادل الاستهلاك السنوي للكهرباء في دولة مثل أيرلندا. ورغم هذا العبء المتزايد، لا تزال معظم الأوراق البحثية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي تتجاهل الإشارة إلى التأثير البيئي، حيث أن 2% فقط منها تذكر الانبعاثات الكربونية بشكل مباشر. ممارسات بيئية يعلق الباحث ماكسيميليان داونر قائلاً: «إذا عرف الناس التكلفة الكربونية الدقيقة لكل تفاعل مع الذكاء الاصطناعي، فقد يتصرفون بوعي أكبر ويقلّلون من الاستخدام غير الضروري». ومع تنامي قوة الذكاء الاصطناعي، يبدو أن سؤال «الجدوى البيئية» بات يفرض نفسه على طاولة النقاش التقني العالمي.