يتكشّف الصراع بين إسرائيل وإيران كحرب تتجاوز الساحة العسكرية، إلى اختبار إرادات، ورسائل متبادلة بوسائل غير تقليدية. وبينما تحاول إسرائيل فرض واقع نووي جديد عبر القوة، تُصرّ إيران على تثبيت نفوذها وتحدي «خطوط ترمب الحمراء». لكن المجهول يبقى في مدى جاهزية إيران للرد على تدخل أمريكي مباشر، وما إذا كان التصعيد الحالي مجرد «جولة عقابية»، أم مقدمة لتحوّل إستراتيجي شامل في المنطقة. ففي موقف تصعيدي جديد، رفض المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ل«الاستسلام غير المشروط»، محذرًا من أن أي تدخل عسكري أمريكي في الحرب الدائرة حاليًا «سيؤدي إلى ضرر لا يمكن إصلاحه». لغة تهديد أم رسائل إستراتيجية ظهر خامنئي ، ليؤكد أن «إيران لا تقبل لغة التهديد، ولن تخضع لمطالب الاستسلام». وفي توقيت لافت، سبق نشر كلمته بيان رسمي يُمهّد لها، وهذا الظهور هو الثاني فقط منذ بدء الضربات الإسرائيلية قبل 6 أيام، حيث جاءت الكلمة بعد ساعات من منشور مثير لترمب هدّد فيه خامنئي، دون أن يصرّح بنيّة قتله، «على الأقل ليس في الوقت الحالي». لا تراجع ورغم حجم الضربات، أكدت إيران أنها ستواصل تخصيب اليورانيوم «بقدر الحاجة للأغراض السلمية»، رافضة ضمنًا شروط واشنطن بوقف برنامجها النووي. وفي تصريح حاد، قال السفير الإيراني في جنيف علي بحريني: «علماؤنا سيواصلون عملهم». ويبدو أن طهران تستخدم التصعيد كمظلة لحماية وتبرير استمرار مشروعها النووي. وتخصب إيران حاليًا اليورانيوم بنسبة 60 %، وهي نسبة تقترب كثيرًا من الحد المستخدم لصناعة السلاح النووي (90 %). ورغم ذلك، تقول الاستخبارات الأمريكية إنها لا تملك أدلة على سعي إيران حاليًا لامتلاك قنبلة نووية. من الترقب إلى التلويح وبعد تردد أولي، أظهرت الولاياتالمتحدة إشارات واضحة لتصعيد دورها في النزاع. فقد أرسلت تعزيزات عسكرية إلى المنطقة، وتحدّث ترمب صراحة عن رغبته في «شيء أكبر بكثير من مجرد وقف إطلاق النار»، ما يؤكد أن سقف التدخل الأمريكي قد يرتفع في حال استمرت الضربات. وبالتوازي، حذرت وزارة الخارجية الإيرانية من أن أي تدخل أمريكي قد يؤدي إلى «حرب شاملة»، بينما تشير التقديرات إلى أن آلاف الجنود الأمريكيين متمركزون في قواعد قريبة، ما يجعلهم في مرمى الرد الإيراني المحتمل. إسرائيل توسع أهدافها أعلنت إسرائيل أنها استهدفت مقرًا لجهاز الأمن الداخلي الإيراني، وهو تطور يعكس توسيع بنك الأهداف نحو البنية القمعية داخل إيران، وليس فقط المنظومة العسكرية والنووية. والضربات الإسرائيلية شملت أيضًا منشآت تصنيع أجهزة الطرد المركزي ومكونات الصواريخ، ما أسفر عن مقتل كبار الضباط والعلماء النوويين، بحسب منظمة حقوقية مقرها واشنطن. وتشير الأرقام إلى مقتل ما لا يقل عن 585 شخصًا، بينهم 239 مدنيًا، وإصابة أكثر من 1300 آخرين. 400 صاروخ ردّت إيران بإطلاق أكثر من 400 صاروخ ومئات الطائرات المسيّرة، مما أسفر عن مقتل 24 شخصًا في إسرائيل، وجرح المئات. ومع ذلك، تراجع حجم الردود تدريجيًا خلال الأيام الأخيرة، من دون توضيح رسمي، في حين تشير التقديرات إلى أن إسرائيل دمّرت العديد من منصات الإطلاق والبنى التحتية المرتبطة بالصواريخ الإيرانية. شلل اقتصادي في طهران، أغلقت المتاجر أبوابها، بينما اصطفت السيارات في طوابير البنزين. كما سُمع دوي انفجارات عنيفة .