في قلب مشهد إقليمي مشبع بالتوترات والتحولات الجيوسياسية، تتصاعد المواجهة بين إسرائيل وإيران على خلفية خلافات إستراتيجية متجذرة، تجمع بين الحرب الاستخباراتية والمواجهة غير المباشرة. وفي حين ترى إسرائيل أن البرنامج النووي الإيراني يمثل تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، تؤكد طهران أن طموحاتها النووية سلمية وتخضع لرقابة دولية. مطالب إسرائيل الأمنية تدعو تل أبيب إلى تفكيك المشروع النووي الإيراني بالكامل، بما في ذلك وقف تخصيب اليورانيوم، وتفكيك أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، وفرض رقابة دولية صارمة. وتخشى أن اقتراب إيران من القدرة النووية، حتى دون إنتاج سلاح فعلي، قد يقلب موازين الردع الإقليمي لصالح طهران. لكن القلق الإسرائيلي لا يقتصر على الملف النووي، إذ تحذر من توسّع ما تصفه ب«حزام النار الإيراني» الممتد من طهران عبر العراق وسوريا ولبنان وصولًا إلى اليمن وغزة. وترى أن طهران تستخدم شبكة من الجماعات المسلحة كوكلاء إقليميين، ما يشكل تهديدًا مباشرًا لها، في مقدمتهم حزب الله في لبنان، والفصائل الفلسطينية في غزة، وميليشيات مدعومة من الحرس الثوري في العراق واليمن. الموقف الإيراني في المقابل، ترفض إيران المطالب الإسرائيلية، وتتهم تل أبيب بمحاولة فرض إرادتها خارج إطار القانون الدولي. وتشير إلى أن برنامجها النووي خاضع لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حين أن إسرائيل نفسها لم توقع على معاهدة حظر الانتشار النووي. وتعتبر طهران أن دعمها لحلفائها في فلسطينولبنانوالعراق واليمن هو جزء من «واجبها العقائدي والإنساني» في مواجهة ما تسميه «الهيمنة الصهيونية». بينما ترى إسرائيل أن هذا الدعم امتداد لمشروع إيراني توسعي يسعى لفرض النفوذ الإقليمي. أهداف طهران الإستراتيجية رغم التصعيد، لا تُظهر إيران رغبة في مواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل، وتفضل العمل عبر حلفائها ووكلائها الإقليميين. ومع ذلك، تسعى لتحقيق عدة أهداف رئيسية، تشمل وقف الغارات الإسرائيلية على مواقعها ومواقع حلفائها في دول المنطقة، تحييد إسرائيل عن مسار المفاوضات النووية، وتثبيت نفسها كقوة إقليمية مؤثرة لا يمكن تجاوزها. انسداد في الأفق في ظل هذه التباينات العميقة، لا تلوح في الأفق القريب أي مؤشرات على تسوية سياسية أو تهدئة حقيقية. فإسرائيل ترى في إيران تهديدًا وجوديًا، بينما تعتبر طهران إسرائيل مشروعًا استعماريًا لا بد من مقاومته. ووسط هذا المشهد المعقّد، تظل المنطقة رهينة لتوازنات هشة، قابلة للانفجار في أي لحظة. فيما يلي نظرة على أبرز المحطات في الصراع بين البلدين: • 1967: حصلت إيران، قبل الثورة، على مفاعل طهران البحثي ضمن برنامج أمريكي سلمي للطاقة النووية. • 1979: قيام الثورة الإسلامية، وقطع العلاقات مع إسرائيل بعد الإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوي. اعتبرت القيادة الإيرانية الجديدة إسرائيل «عدوًا». • 2002: كشفت جهات استخباراتية ومنظمات معارضة عن وجود منشأة نطنز السرية لتخصيب اليورانيوم. • 2010: اكتشاف فيروس «ستوكسنت»، الذي استهدف منشآت نووية إيرانية. يُعتقد أنه من تصميم أمريكي-إسرائيلي. • 2015: توقيع الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى للحد من برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات. • 2018: إسرائيل تعلن الحصول على وثائق سرية من طهران، تكشف تفاصيل عن أنشطة نووية إيرانية سابقة. ترمب ينسحب من الاتفاق النووي. • 2020: زيادة في الهجمات الإسرائيلية على منشآت إيرانية بعد انهيار الاتفاق النووي. • نوفمبر 2020: اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده قرب طهران. • أبريل 2021: تفجير منشأة نطنز تحت الأرض، وإيران تتهم إسرائيل. • 2022: اتهام إسرائيل بتسميم علماء نوويين في إيران. • أكتوبر 2023: هجوم حماس على إسرائيل، ومقتل 1200 شخص. إسرائيل تتهم إيران بدعم الحركة. • أبريل 2024: إيران تطلق أكثر من 300 صاروخ وطائرة مسيّرة على إسرائيل ردًا على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق. • يونيو 2025: إسرائيل تنفذ ضربات مباشرة داخل إيران على مدى ثلاثة أيام، استهدفت منشآت نووية، وقواعد عسكرية، ومواقع طاقة. تسببت الضربات في مقتل شخصيات بارزة، وعلّقت طهران مفاوضاتها النووية مع واشنطن في سلطنة عمان.