نائب وزير البيئة: الحدود الشمالية بيئة استراتيجية للاستثمار وفرص واعدة لتحقيق تنمية مستدامة    الانتهاء من تنفيذ شبكات المياه بمحايل عسير    إسقاط 83 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    القيادة تهنئ ملك مملكة البحرين بذكرى اليوم الوطني لبلاده    سعود بن طلال يكرّم الفائزين بجائزة الأحساء للتميّز    مؤشر الدولار ينخفض بنسبة 0.2 بالمئة    أصدقاء البيئة تنفذ زراعة 300 شجرة بالكلية التقنية دعمًا لمبادرة التشجير الوطني    القطيف تحتفي بثقافة الطفل في «أسبوع الطفل الأدبي»    السكتيوي: بالانضباط التكتيكي هزمنا الإمارات    كانسيلو والبليهي.. لحظة مرحة تحولت إلى جدل    المطر في الشرق والغرب    في الأجواء الماطرة.. الحيطة واجبة    رئيس الوزراء الأسترالي يواجه ضغوطاً إسرائيليةً بعد هجوم بونداي    طائرة الاهلي تواصل الصدارة والهلال يلاحقه    ورشة نقدية تقرأ الجمال في «كتاب جدة»    «الدارة» ترصد تاريخ العمل الخيري بمكة    نجاح ترميم مجرى الدمع بالمنظار    الأمير فيصل بن خالد يرعى توقيع 21 اتفاقية ومذكرة.. 40 ملياراً قيمة فرص استثمارية بمنتدى الشمالية    الاستقرار الاجتماعي    الأخضر يواجه الإمارات على البرونزية.. الأردن يضرب موعداً نارياً مع المغرب في نهائي كأس العرب    «جوارديولا».. رقم تاريخي في الدوري الإنجليزي    (الرياضة… حين تتجاوز حدود الملعب)    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا فيضانات مدينة آسفي    وزارة الخارجية تعرب عن تعازي المملكة ومواساتها للمملكة المغربية جرّاء الفيضانات في مدينة آسفي    أمير منطقة الرياض يوجه الجهات المعنية بسرعة رفع تقارير نتائج الحالة المطرية    38 مليون عملية إلكترونية عبر «أبشر» خلال شهر    إغلاق موقع مخبوزات مخالف في جدة    انطلاق تمرين مواجهة الكوارث البحرية الخميس    قطع شرايين الإمداد الإنساني.. «الدعم السريع» يعمق الأزمة بالتصعيد في كردفان    لبنان عالق بين التفاوض واستمرار التصعيد العسكري    وسط تمسك أوكراني وقلق أوروبي متصاعد.. ضغوط أمريكية على كييف للتخلي عن دونباس    المؤتمر الصحفي الحكومي يستضيف وزير الصناعة غداً    شراكات في صناعة السينما بمهرجان البحر الأحمر    اختتمت مشاركتها في المعرض بمدينة ميلانو الإيطالية.. السعودية تبهر زوار «أرتيجانو آن فييرا» بعمقها الحضاري    ضمن أعمال منتدى تحالف الحضارات.. مناقشات دولية في الرياض تعزز الحوار بين الثقافات    تعديل السلوك    موجز    دواء مناعي يعالج التهاب مفاصل الركبة    دراسة: نقص«أوميغا-3» يهدد 76% من سكان العالم    فيديوهات قصيرة تهدد نمو الأطفال    وميض ناري على مذنب    جريمة قتل حامل تهز سكان المنوفية    علامة مبكرة لتطور السكري الأول    أسعار تطعيم القطط مبالغة وفوضى بلا تنظيم    نائب أمير الشرقية يستقبل مجلس «مبرة دار الخير»    الدكتور علي مرزوق يسلّط الضوء على مفردات العمارة التقليدية بعسير في محايل    أمير الكويت يستقبل الأمير تركي بن محمد بن فهد    حين تُستبدل القلوب بالعدسات    المرأة العاملة بين وظيفتها الأسرية والمهنية    غداً .. "كبدك" تُطلق برنامج الطبيب الزائر «عيادة ترحال» ومعرضًا توعويًا شاملًا في عرعر    أمير منطقة جازان يستقبل إمام المسجد النبوي    دور إدارة المنح في الأوقاف    وفد أعضاء مجلس الشورى يطّلع على أدوار الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة    طلاب ابتدائية مصعب بن عمير يواصلون رحلتهم التعليمية عن بُعد بكل جدّ    «الحياة الفطرية» تطلق مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات    أمانة الرياض تطلق فعالية «بسطة» في حديقة الشهداء بحي غرناطة    أمير منطقة جازان يستقبل سفير إثيوبيا لدى المملكة    تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية.. دورات متخصصة لتأهيل الدعاة والأئمة ب 3 دول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلتي من الدرعية إلى أمريكا ذكريات عبد الملك آل الشيخ تنهال بعفوية

بينما كنت أنبش كعادتي بين أرفف إحدى المكتبات التجارية، بحثا عن جديد يشبع نهمة الاكتشاف، أو غريب يكسر رتابة ما نقرأه ونسمعه ونشاهده، إذ وقعت عيني على كتاب بعنوان: «رحلتي من الدرعية إلى أمريكا».
لم تكن صيغة العنوان ملفتة أو مثيرة، فهي صيغة مألوفة مكرورة، وهي أيضا رحلة وما أكثر الرحلات، ومن مكان إلى مكان وهذا من البداهة بمكان! غير أن توظيف كلمة «الدرعية»، المدينة ذات الثقلين التاريخي والحضاري، والبعدين الديني والسياسي، أضفى على العنوان شيئا من المهابة والإجلال، ثم إن وضعها في مقابل «أمريكا»، الأمة التي بلغت أوج الحضارة الإنسانية الحديثة، وانتهت إليها المدنية المعاصرة في جميع مجالاتها، يجعل العنوان كافيا للفت الانتباه، وصنع المفارقة المثيرة، ما يجبرك على سحب الكتاب من الرف، وتقليب صفحاته رغما عنك، فكيف إذا كان مرقوما على طرته اسم سليل بيت العلم والدعوة، وحفيد منارة الإفتاء والقضاء، وأحد النجوم المتلألئة في سماء الدرعية الصافية، ورجل من العصاميين الذين خدموا الدولة عقودا من السنين، وهو الدكتور عبدالملك بن أحمد ابن سماحة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبداللطيف ابن المجدد الثاني الشيخ عبدالرحمن بن حسن ابن إمام الدعوة المجدد محمد بن عبدالوهاب، عليهم سحائب الرحمات تترا من الرحمن الرحيم.
ولكم كان مؤثرا ومثيرا للشجون حديث المؤلف عن جده الذي تربى في بيته، ولكم تمنيت عليه أنه توسع أكثر، وأطال وفصل، في وصف بيت سماحة المفتي وطريقة العيش فيه، ونظام أهله وتعاملهم مع رواده ومريديه، وعلاقة سماحته يرحمه الله مع زوجاته وأبنائه وأحفاده وأقاربه وأرحامه، ونحو ذلك مما لا يطلع عليه غير أفراد الأسرة، فهو جانب من جوانب المدرسة العلمية الشامخة المتمثلة في سماحته، والتي امتدت لأكثر من نصف قرن من الزمان، وتخرج فيها أجيال من العلماء والوزراء والقضاة والمفتين. وعلى الرغم من كثرة المؤلفات عن سماحته فإنني أحسب أنه لم يتم تسليط الضوء على هذا الجانب تحديدا بما يكفي ويشفي، وأحسب أيضا أن المؤلف الدكتور عبدالملك لخير من يدون تلك التفاصيل، كونه معايشا لها وشاهدا عليها بل هو أحد أبطالها، فلو أنه فعل وليته فعل لكان كتابه مرجعا مهما عن سماحة المفتي لا يستغني عنه الباحثون، ثم إن الله، تعالى، قد وهبه موهبة السرد الأدبي البسيط الممتع، البعيد عن التكلف والتصنع، وقد ظهر ذلك جليا في أكثر القصص والمواقف المدونة في هذا الكتاب، المحبوكة بكلمات قليلة لكنها معبرة، وتعبيرات بسيطة لكنها مؤثرة، تلمع فجأة كضوء الفلاش، ليبقى أثرها لذة في شعور القارئ ومتعة في نفسه وابتسامة ترتسم على محياه، وهو اكتشاف جديد بالنسبة لي ولمثلي ممن تعود على مقالات المؤلف المنشورة في الصحف، والتي تتناول التحليل السياسي واستشراف المستقبل، وما يتطلبه ذلك عادة من ألفاظ وتراكيب لا تخلو من تعقيد وتعميق، وتكلف في بعض الأحيان، بما يتناسب مع طبيعة الموضوع ومعالجته.
إن أحد عيوب كتب السيرة الذاتية عموما هو جعل المؤلف من شخصه موضوعا للحديث، مما يلجئه إلى التضخيم والتمطيط ليستكمل الموضوع ويردم فجواته ويسد خلله، لكن المؤلف الذي يتمتع بما يغني ويثري من التجارب الطويلة والخبرات العريضة، ولديه ما يضيف للقارئ من جديد المعلومات وطريفها، ولطيف الفوائد وخفيفها، ليس مضطرا إلى المبالغة أو الاستكثار، بل إن القارئ سينسى الموضوع، الذي هو شخص المؤلف كما أسلفت، مندمجا مع المحتوى المفيد، ومتماهيا مع الأسلوب الممتع الأخاذ. بل إن عيب هذا الكتاب خصوصا إن كان فيه عيب فهو أن حديث المؤلف جاء مقتضبا، ومروره على الأحداث والمواقف كان سريعا، بما يتناسب مع عرضه العفوي وتسلسله التلقائي، فلما وصف البيوت النجدية القديمة لم يبين لنا طريقة بنائها أو استعمال مرافقها، ولما تحدث عن حبه لمزارع الدرعية وسرد شيئا من ذكرياته فيها لم يطلعنا على ما تمتاز به تلك المزارع عن غيرها، ولا على مزروعاتها ومحاصيلها ولا طريقة أهلها في رعايتها والقيام عليها. وقد تحدث كثيرا عن بعثته الدراسية إلى أمريكا، لكنه لم يوضح النقاط الإيجابية والسلبية التي وقع فيها، وماذا كان سيفعل لو عاد به الزمان، لتكون نبراسا للشباب الواعد الذي يتطلع للاستفادة القصوى مما تقدمه له الدولة من فرص الابتعاث الدراسي، فيستفيد ممن سبقه في تجنب العثرات. ورغم تولي الدكتور عبدالملك لمناصب قيادية عليا في القطاعين العام والخاص لسنوات طويلة، ورغم أن إنجازاته الإدارية تركت أثرا ظاهرا إلى اليوم في كل مكان عمل فيه، فإنه لم يدون خلاصة تجربته الإدارية بما يفيد الجيل الصاعد.
إنني لعلى يقين بأن في جعبة الدكتور عبدالملك كثيرا مما لم يقله، تواضعا منه ورغبة في عدم التطويل وإملال القارئ، فلعله في قابل الأيام يدون خلاصات مركزة مما علمته الحياة إما في كتاب أو في سلسة مقالات، فمن حق شباب الوطن الناهضين والمتطلعين أن يقفوا على تجربته ويستفيدوا من خبرته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.