عند نزول القضاء، ليس لأحد إلا أن يقول «الحمد لله على قضائه وقدره، اللهم أجُرْنَا في مصيبتِنا واخلفْ لنا خيراً منها». لقد فُجعنا بوفاة صاحب السمو الملكي، الأمير سطام بن عبدالعزيز آل سعود، يرحمه الله. وحياة الأمير سطام مفعمة بالعطاء، وهو محب للعلم والعلماء، حصيف في إدارة الأمور، عرفته إمارة الرياض منذ شبابه ولم يبلغ الثلاثين، وظل عطاؤه بها إلى قريب من نصف قرن من الزمان، من عام 1387ه إلى وفاته 1434ه، وكيلاً ثم نائباً ثم أميراً، فعرفته رياض الخير، وعرفه هذا الشعب الطيب، فكم من محتاج امتدت يده له، وكم من مشروع عملاق أشرف عليه، وكم من قضية مستعصية الحل، أُنجزت على يديه. وقد عرفته – رحمه الله – من خلال شقيقه الأمير/ ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة الأسبق، يرحمه الله، فقد كان يثني عليه كثيراً، وعلى عقله وهمته، فالأمير/ سطام – رحمه الله – كان مثابراً منذ بدايات حياته، فقد تحمل الغربة رغم توفر الرفاهية في وطنه، لكنه أبى إلا أن يسافر لطلب المعرفة إلى إنجلترا حيث التحق بجامعة كمبردج الشهيرة، ثم حصل على البكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة سان دياجو الأمريكية عام 1965م، وبعدها بعشر سنوات حصل على الدكتوراة الفخرية من الجامعة نفسها. لكن عظمة هذا الرجل تكمن في حبه وولائه لهذا الشعب العظيم ، فلم يألُ جهداً في بذل كل ما هو مفيد، بذل نفسه لهذا حياً وميتاً، فقد كانت له الأيادي البيضاء في برامج زراعة الأعضاء في المركز السعودي لزراعة الأعضاء، والاهتمام بمرضى القصور العضوي، ليخفف عنهم معاناتهم، ثم توج ذلك بوصيته بالتبرع بالأعضاء بعد الوفاة لمن يحتاج من مرضى الفشل العضوي. أما صدقاته وبذله لمن حوله، فهذه لا يعلم عددها إلا الله، وقد انقطع بموته صلات خيرية كثيرة يفتقدها أهلها، ممن لا يعلم نفقاته عليهم إلا الله تعالى. وصلاته الاجتماعية كبيرة ككِبَر قلب هذا الرجل، فلم يمنعه منصبه ووجاهته أن يزور الناس في بيوتهم ويحل مشكلاتهم، بل وهو على السرير الأبيض قُبيل وفاته يتدخل للصلح بين المتنازعين، تأسياً بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، كما يذكر عنه أهل القصر كيف كان يأمرهم بصلة الأرحام والمداومة على قراءة القرآن. وإذا جاء شهر الخير رمضان كانت آلاف وجبات الإفطار توزَّع على نفقته، وبذل الأموال والخير يعم من يقصد بابَه، وكثير ممن لا يقصدونه، فقد كان يسأل ويبحث ويعطي ويبذل. وستظل أبنية المساجد التي أقامها يصدح الأذان من مآذنها، وفي مقدمتها مسجد (أم ماجد) الذي بناه بجنوب الرياض وفاءً لأمِّه رحمها الله. لقد عرفته رجلاً، هادئاً، متواضعاً، لا يغتاب أحداً، وكان عادلاً في حكمه، لطيف المعشر، مراقباً لله تعالى، وخوف الله تعالى كان في قلبه. رحم الله الفقيد وجعل البركة في إخوانه وأبنائه، والحمد لله على قضائه وقدره.