محمد بن إبراهيم فايع بطابع من التفاؤل الذي نحاول أن نتشبث به في حياتنا مع مطلع إشراقة شمس كل يوم جديد، لا أفقد الأمل في شباب الوطن والذين نراهم أهل نخوة وشهامة وسند حينما تحلك الظروف في مواقف كما حدث في سيول جدة والأربعاء الأسود، وفي الرياض من قبل، وما شهادته أثناء غرق الجسور وغمرها بالمياه، ومؤخراً بالأمس ما حدث في تبوك، وكيف كان الشباب جنباً إلى جنب مع رجالات الدفاع المدني مساهمين في الإنقاذ وتقديم المساعدة لكل محتاج، إلا أنَّ ما نراه في واقعنا المجتمعي يجب ألا يجعلنا نتعامى عما يدور ويكتسي به فئة من شبابنا، خاصة ونحن نلحظهم ينتقلون من مرحلة سلوكية سلبية إلى أخرى تلعن سابقتها وتفوقها في الضياع والاستهتار والانحراف والتقليد، فمن “قصَّات الكدش إلى قضية الإيمو، إلى ارتداء بناطيل طيحني وسامحني يا بابا، إلى قضية مقلقة لنا اليوم تسمى الدرباوية وحمل أصحابها للسلاح، “وكل مرحلة من تلك المراحل لها طابعها السلوكي الخطر على حياة الشباب والمجتمع مستقبلاً، حينما يرى الصغار تلك النماذج السيئة أمامهم يومياً، ولهم جمهور ومواقع، وقد أفرزت كل مرحلة المشكلات المتراكمة التي تجعل المربين والآباء فاقدي السيطرة على أبنائهم وطلابهم تربوياً وأخلاقياً، حتى أصبح المجتمع ينوء بجرائم عنف منزلي متبادل، واعتداءات على المعلمين، وجرائم سطو وخطف، وانتزاع سيارات المارِّين عبر الطرق بالقوة للتفحيط بها، واستسهال الموت على الطرقات وتحويلها لحلبات سباق وتفحيط، وكأنَّ الحياةَ سهلةٌ أن تضيع لدى فئة الشباب في شربة ماء من أجل الفوز بتصفيق المتجمهرين، أنا أهيب بالمؤسسات التربوية أن تتنبَّهَ لهذه المخاطر التي تحيط بحياة الشباب “الأسرة، المدرسة، رعاية الشباب، وغيرها"، خاصة أنَّ أجيال اليوم تختلف عن أجيال الأمس بما يحيطهم في حياتهم من نمطية العيش والحياة المتسارعة، والتواصل التقني السريع في زمن هدمت فيه تقنية الاتصال الحديثة كل الحواجز، وأصبح الطفل في سن مبكرة يمتلك جهاز الحاسوب، الجوال، والآيباد وغيرها، وتصله عشرات المقاطع الصوتية والأفلام، فيها مايصلحُ عرضُه وما لا يصلح، ويجب أن نرى نشاطاً ملموساً لمراكز الدراسات والبحوث لدراسة تلك الظواهر السلوكية، ولا ندع الأمر وكأنَّ كلَّ شيء لا يثير مخاوفنا خوفاً من النقد، أو نقول هي مرحلة عادية يمرُّ بها كل شاب، ويكفي لقراءة حال جيل كان من خريجي هذه المدرسة السلوكية في التربية والأخلاق أن نقرأ بلغة أرقام وإحصاءات وزارة العدل والداخلية والمرور، لنجد أننا أمام أرقام مفجعة، مخيفة، محزنة في نِسَب الطلاق، وحوادث المرور القاتلة، وجرائم السطو والعنف وغيرها.